الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عوامل محفزة.. ماذا يستثمر الهنود في مصر؟

  • مشاركة :
post-title
العلاقات المصرية الهندية

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

منذ عام 2014، يلاحظ تزايد حجم الاستثمارات الهندية في مصر، خاصة من الشركات العاملة في قطاعات الطاقة والصناعات الكيماوية، بل إنه نتيجة تقديم الدولة المصرية للمزيد من حوافز الاستثمار لكل الشركات الأجنبية العاملة فيها، حرص المستثمرون الهنود على تنوع استثماراتهم في قطاعات جديدة بالدولة المصرية، منها الاقتصاد الأخضر والصناعات الصديقة للبيئة، والتكنولوجية أيضًا، وهو ما قد يُساعد على زيادة فرص العمل، وزيادة التدفقات الدولارية لمصر، التي يقدرها بعض الخبراء بأكثر من 12.2 مليار دولار، خلال الفترة المقبلة، وبعد استكمال الخريطة الاستثمارية الهندية في مصر.

وفي ضوء ما سبق يهدف هذا التحليل إلى كشف ملامح خريطة الاستثمارات الهندية في مصر، ومستقبلها وانعكاساتها على الاقتصاد المصري.

خريطة الاستثمارات الهندية في مصر:

بلغ عدد الشركات الهندية العاملة في مصر 50 شركة، تعمل في مختلف القطاعات، علي النحو التالي:

(*) الاستثمار في مجال الطاقة: هناك عدد كبير من الشركات الهندية المستثمرة في مجال الطاقة بمصر، ويتمثل أهمها في شركة الإسكندرية للكربون، التي تقع بمنطقة العامرية وتعتبر من الشركات الرائدة عالميًا في إنتاج الكربون الأسود، وتطورت الطاقة الاستيعابية للمشروع من 20.000 طن/ سنة، في بدايته إلى 110.000 طن/سنة. وتأتي شركة جيوتي Jyoti Structures Limited، من الشركات المهمة التي تتخصص في مجال نقل الطاقة، إذ تعمل على تصنيع أبراج خطوط النقل وأبراج الميكروويف وأبراج طاحونة الرياح، وهياكل المحطات الفرعية، بالإضافة إلى شركة Kalpataru Power Transmission Limited المتخصصة في نقل الطاقة، وشركة سترلينج آند ويلسونSterling & Wilson PVT Limited، وهي متخصصة في مجال البنية التحتية، وقامت ببناء 5 مشروعات في أسوان، 2018\2019، أنتجت 250 ميجاوات من محطات الطاقة الشمسية.

(*) شركات للصناعات الكيماوية: تتعدد الشركات الهندية العاملة في القطاعات الكيماوية، يأتي أهمها، شركة جالاكسى للكيماويات Galaxy Chemicals (Egypt) SAE، التي تقع بالمنطقة الحرة العامة بعتاقة في السويس، وبدأت هذه الشركة عملها بمصر، عام 2012، إذ ضخت في العامين الماضيين استثمارات بقيمة 35 مليون دولار. أما الشركة الهندية الثانية العاملة في مجال الصناعات الكيماوية، فهي مصر العالمية للسليكات، المتواجدة في منطقة عتاقة الصناعية بالسويس، وتتخصص هذه الشركة في المنتجات الكيماوية غير العضوية، مثل سليكات الصوديوم السائلة وسليكات الصوديوم الصلبة، وتجدر الإشارة إلى أن "شركة مصر العالمية للسليكات"، تباشر عملها في مصر منذ عام 2010. كما تعمل ثلاث شركات باستثمارات هندية في الصناعات الكيماوية في مصر، هي "شركة بريتلودج هولدينجز" بالمعادي، المنصورة للراتنجات والصناعات الكيماوية، بمنطقة الدقي بالجيزة، وتي سي آي سنمار للصناعات الكيماوية بمحافظة بورسعيد".

(*) شركات صناعية متنوعة: بالإضافة إلى الشركات العاملة في مجالات الصناعات الكيماوية والطاقة، تجدر الإشارة إلى أن هناك شركة باستثمارات هندية تعمل في مصر بمجالات صناعية متنوعة، يأتي أهمها شركتي بلازا لصناعة الملابس الجاهزة، وEMBEE International بمحافظة بورسعيد، ومجموعة شركات فيلوسيتي، المتواجدة في محافظتي الإسماعيلية وبورسعيد، بالإضافة إلى فرعها بالعاشر من رمضان لإنتاج الملابس، وشركة صن فارما مصر، التي يقع مقرها الرئيسي في المعادي الجديدة، وهي شركة مُتخصصة بمجال الأدوية، وشركة دابر إيجيبت ليمتد المتواجدة في العاشر من رمضان لصناعة مستحضرات التجميل، وشركة إيسيل بروباك مصر للعبوات المتطورة، التي تقع في المنطقة الصناعية الأولى بمدينة العبور، وتقوم بتصنيع الأنابيب المغلفة في مصر منذ 1993، وشركة كيرلوسكار مصر للهندسة ومضخات الديزل، التي تقع في منطقة الدقي بالجيزة.

تأسيسًا على ما سبق، وما تم رصده، يمكن التأكيد أن ضخامة حجم الاستثمارات الهندية في مصر، وما يوضحه الشكل رقم (1)، الذي يشير إلى ترتيب الشركات الهندية العاملة في مصر من حيث حجم الاستثمارات، إذ يوضح أن "شركة تي سي آي سنمار" للصناعات الكيماوية، تقع في المرتبة الأولى بين الشركات المذكوره سابقًا، بقيمة استثمارات 1.5 مليار دولار، وتليها استثمارات مجموعة شركات اللولو بقيمة 550 مليون دولار، التي ضختها في مصر لإنشاء عدد من الهايبر ماركت، ثم شركة "الإسكندرية للكربون"بقيمة 313.4 مليون دولار، ثم شركة Indorama Dhunseri للكيماويات بقيمة استثمارات 300 مليون دولار.

شكل (1) يوضح حجم الاستثمارات الهندية في مصر بالشركات
احتمالات واردة:

يرى خبراء الاستثمار المراقبين لاتجاهات الاستثمارات الهندية في العالم، أن تزايد الجهود المصرية لجذب الاستثمارات، وتقديمها لمزيد من الحوافز الاستثمارية، سيؤدي إلى استقطاب بعض المستثمرين الهنود، إلى مصر خلال الفترة المقبلة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك رغبة من قبل عدد من الشركات الهندية الكبيرة للاستثمار في عدد من المناطق الاقتصادية في مصر، وهو ما يتضح في النقاط التالية:

(&) استثمارات خضراء مستقبلية: تسعى شركة إيه سي إم إي الهندية، إلى التوسع في استثماراتها بمصر، فمن المحتمل، ووفقًا للمراقبين أن توقع هذه الشركة اتفاقية إطارية مع الحكومة المصرية لإنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناه السويس، ويتضح كبر حجم هذا المشروع من تكلفته والطاقة الإنتاجية الخاصة به، التي يوضحها الشكل رقم (2)، فهذا المشروع في حال تنفيذه يعمل على زيادة الكمية المُنتجة من الهيدروجين الأخضر في مصر بشكل كبير، ويجذب العديد من المشروعات الاستثمارية المماثلة بهذا المجال، بالإضافة إلى ذلك تخطط شركة جيندال للحديد والصلب لإنشاء مصنع للحديد والصلب صديق للبيئة، وهو ما يعمل على خلق بيئة صناعية متكاملة مُحققة لمعايير الاستدامة البيئية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

شكل (2) يوضح الاستثمارات الهندية الخضراء المستقبلية في مصر

(&) استثمارات في البنية التحتية: أظهرت العديد من الشركات الهندية المتخصصة بمجال البنية التحتية رغبتها في الاستثمار في مصر، ويُعد من أهم هذه الشركات، شركة "ستير لايت باور تريد" التي تتطلع لإنشاء شبكات نقل كهرباء ومحولات لتوزيع الكهرباء بالمنطقة الصناعية بالعين السخنة، وشركة " شابورجي بالونجي" التي ترغب في الاستثمار في البنية التحتية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فهذه الشركة من الشركات الكبرى في مجال البنية التحتية بالهند، إذ نفذت ما يقرب من 16 مليون قدم مربع من المشروعات العقارية السكنية والتجارية المطورة في جميع أنحاء الهند، كما تمتلك هذه الشركة أكثر من 35000 شخص في 40 دولة، لتحقيق التنمية المستدامة وتطوير الهياكل العملاقة، فوجود هذه الشركات العملاقة في مصر يعمل على تأهيل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

(&) استثمارات صناعية مختلفة: في الفترة الأخيرة تلاحظ تزايد استثمارات بعض الشركات الهندية الصناعية داخل مصر، ومن هذه الشركات "شركة فليكس أسيبتو الهندية"، التي قامت بالاتفاق على توسعات جديدة داخل أوراسكوم للمناطق الصناعية بالسخنة، لتصنيع العبوات البلاستيكية بهدف توسعة منطقتها التخزينية في العين السخنة، إذ ستزداد مساحة هذه المنطقة بمقدار 125 ألف متر مربع، ما يعمل على زيادة القدرة الاستيعابية للمنطقة الصناعية بالسخنة، كما أنشأت الشركة مصنعًا لإنتاج البولي إيثيلين بطاقة إنتاجية 30 ألفًا شهريًا، ومع اكتمال الطاقة الإنتاجية له في عام 2025 سيزداد إنتاج البولي إيثيلين في مصر، بالإضافة إلى مصنع آخر لإنتاج البولي فينيل كلورايد تنفذه شركة "بلاتينيوم إندستريز" في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وسيعمل هذا المصنع على زيادة القدرة التصديرية، إذ سيُصدر 70% من إنتاجه للخارج.

انعكاسات واضحة:

تأسيسًا على ما سبق؛ يمكن التأكيد أن تنوع الاستثمارات الهندية في مصر، ورغبة شركاتها الصناعية في زيادة حجم استثماراتها بالدولة المصرية، يؤدي إلى تحقيق العديد من العوائد المهمة، التي تعمل على تحقيق الطفرة الاقتصادية، فمن هذه العوائد ما يلي:

(-) تحقيق التنمية الخضراء في مصر: تحقق المشروعات الاستثمارية الهندية التي تركز على توطين الصناعة الخضراء في الدولة المصرية، الهدف البيئي المستدام للدولة، في إطار سياستها الاستراتيجية لمواجهة تغيرات المناخ، وهو ما سيجعل مصر من أوائل الدول التي تحقق طفرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ ستضيف الاستثمارات الهندية بمصر، طاقة إنتاجية سنوية 2.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، كما ستعمل على نقل طرق إنتاج حديثة وذات كفاءة لمصدر طاقة مستقبلي، بالإضافة إلى ذلك سيعمل مصنع جيندال على إنتاج 5 ملايين طن سنويًا من الحديد والصلب الصديق للبيئة، وهو ما سيدعم خطط التنمية الخضراء في مصر.

(-) زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة: يبلغ حجم الاستثمارات الهندية الفعلية في مصر 3.15 مليار دولار، ومن المتوقع مع تنفيذ الاستثمارات المستقبلية التي تتطلع إليها الشركات الهندية، أن تزداد حصيلة الاستثمارات المباشرة في مصر، وهو ما يوضحه الجدول رقم (1)، الذي يشير إلى أن شركة "فليكس أسبتو" الهندية ستضخ استثمارات بقيمة 230 مليون دولار داخل مصر، بالإضافة إلى 12 مليار دولار لشركة "إيه سي إي إم" الهندية، و10 ملايين دولار لشركة "بلاتينيوم إندستريز".

وعليه، قد يتدفق للدولة المصرية 12.2 مليار دولار، خلال الفترة المقبلة، مع تنفيذ المشروعات الهندية السابق ذكرها، هذا بالإضافة إلى استثمارات لم يتم توضيح قيمتها، ومع زيادة هذه الحصيلة سيرتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي داخل مصر، ما يعزز وضع ميزان المدفوعات في مصر.

جدول (1) يوضح حجم الاستثمارات الهندية التي ستتدفق إلى مصر

(-) ارتفاع الأداء اللوجيستي: من خلال مشروع شركة "فليكس" الهندية بالمنطقة اللوجستية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالإضافة إلى تطلع مجموعة "أداني" الهندية لإقامة مشروعات في قطاع اللوجستيات بمصر، قد يحدث تقدم بشكل كبير في مؤشر الأداء اللوجيستي لمصر عالميًا، فمصر حاليًا في المركز الـ58 عالميًا في هذا المؤشر- أي سجلت 3.1 نقطة لهذا المؤشر، مقارنة بـ2.82 نقطة في عام 2018، فكلما اقترب هذا المؤشر من الرقم (5) يُعبر عن أداء أفضل في مجال اللوجستيات، وهو ما يؤكد أنه مع تزايد الاستثمارات الهندية في هذا القطاع المهم "اللوجستيات"، سيزداد اقتراب مصر في هذا المؤشر من الرقم (5)، وبالتالي سترتفع تنافسية الاقتصاد المصري، وهو ما سينعكس في النهاية على تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي.

(-) زيادة فرص العمل: من المحتمل أن تنفيذ المشروعات الهندية السابق ذكرها، بالإضافة إلى زيادة حجم استثمارات الشركات العاملة في مصر، يؤدي إلى تشغيل عدد كبير من العمالة المصرية، فقد يوفر مشروع التوسعة لشركة "فليكس أسبتو" الهندية 250 فرصة عمل مباشرة و500 فرصة عمل غير مباشرة، بالإضافة إلى فرص العمل الأخرى التي ستوفرها المشروعات الأخرى، وهو ما سيعمل على تخفيض معدلات البطالة في مصر.

في النهاية؛ يمكن التأكيد أن الاستثمارات الهندية في مصر، تأخذ مسارًا تصاعديًا خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يوضح ثقة الشركات الهندية الكبرى في الاقتصاد المصري والسياسات الاستثمارية المُحفزة التي تقوم بها الحكومة المصرية، إذ برز التعاون المصري الهندي في جميع المجالات الاقتصادية، ما سيعمل على إحداث نقلة إنتاجية مستدامة في الاقتصاد المصري، ويفتح آفاقًا استثمارية مستقبلية عديدة، الأمر الذي سيجعل مصر وجهة استثمارية ذات أولوية للعديد من الدول.