وثقت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أنهار الدم في السودان على يد قوات الدعم السريع، في محاولة لرصد الإبادة الجماعية المرتكبة في مدينة الفاشر.
وبحسب الصحيفة، ربما يكون عدد قتلى السودان في الأسبوع الماضي أكبر من ضحايا حرب غزة، بعد أن حاصرت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر في إقليم دارفور، مع انقطاع الإمدادات عن المدنيين العزل، ما اضطرهم إلى النزوح هربًا بأرواحهم من ساحات القتل المستعرة.
وتدلل صور الأقمار الصناعية على القبور والجثث، على سرعة قتل لا تُقارن إلا بالإبادة الجماعية في رواندا، وفقًا لمختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية ييل للصحة العامة.
و نقلت صحيفة "ذا تليجراف" عن أحد شهود العيان بمخيم للاجئين تديره منظمات إغاثة دولية تعمل داخل منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، قوله: "كانت مجموعتنا المكونة من 200 شخص قد غادرت لتوها أكوام الجثث وبرك الدماء في الفاشر، عندما واجهتهم قوات الدعم السريع بسرعة، وكان رأسي على الأرض، ورأيت على يميني امرأتين من جيراني جثتين، والدم يسيل من رأسيهما وعندما سكتت المدافع، صعد رجال الميليشيات إلى شاحناتهم الصغيرة، وبدأوا بدهس جثث الأحياء والأموات".
وقال شهود العيان للصحيفة البريطانية إن قوات الدعم السريع طالبت بفدية قدرها 10 ملايين جنيه سوداني، أي أكثر من 2000 جنيه إسترليني للشخص الواحد، وأعطوهم ساعتين فقط للحصول على المال. بدأ السباق الآن للوصول إلى الأصدقاء والأقارب، ومن يستطيع، والتوسل إليهم لتحويل الأموال إلى حسابات عناصر الدعم السريع بأي طريقة ممكنة.
وقال هاني، أحد شهود العيان،: "أربعة منا فقط تمكنوا من الدفع، وقُتل الباقون: أطفالًا وشيوخًا ونساءً، ولا أستطيع وصف المشهد، كان من غير المحتمل مشاهدة الناس يموتون أمامك، كل واحد منهم برصاصة واحدة".
ولم تتمكن صحيفة التليجراف من التحقق بشكل مستقل من شهادة هاني، لكن روايته للأحداث تتوافق مع روايات شهود عيان مماثلة بدأت تظهر تدريجيًا.
في الوقت نفسه، يشير التحليل المفصل لأبحاث الأقمار الصناعية إلى أن عمليات القتل قد تكون أكثر انتشارًا بكثير مما تم تأكيده حتى الآن.
وقالت امرأة خرجت، رفضت الكشف عن اسمها: "قُتل آباء، واختُطف إخوة، واغتُصبت نساء أمام أعيننا، في تلك اللحظة لم نعد نفكر إلا في كيفية البقاء على قيد الحياة، كانوا كالوحوش".
وأضافت: "قُتلت عائلاتنا، وليس لدينا أي أخبار عن البقية، لا نعرف إن كانوا أمواتًا أم أحياء، وأحيانًا أتمنى لو كانوا أمواتًا، فهذا أفضل من التعذيب، والمعاناة لا تُطاق، ولا أريد أن أشهد مثل هذه الأشياء مرة أخرى".
كانت الفاشر آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور، وكان أكثر من ربع مليون شخص يحتمون داخلها عندما كسرت قوات الدعم السريع الحصار أخيرًا، وسيطرت على المدينة قبل حوالي أسبوع.
وبحسب أحد السكان، غرقت المدينة في حالة من الفوضى عندما اقتحمت قوات الدعم السريع واستولت على آخر مواقع الجيش.
وأضاف: "طالبت قوات الدعم السريع المواطنين بالمشاركة في الاحتفالات، وهددت كل من يجرؤ على عدم الانضمام إليها بأنه جندي وعميل، وسيتم إعدامه فورًا بالذخيرة الحية".
بدوره، قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: "إن الحرب تخرج عن السيطرة، والناس يموتون من سوء التغذية والمرض والعنف"، وأشار إلى وجود "تقارير موثوقة عن عمليات إعدام واسعة النطاق منذ دخول قوات الدعم السريع المدينة".
يُقدّر أن أكثر من 60 ألف شخص قد فروا من الفاشر، لكن 10 آلاف فقط وصلوا سالمين إلى مخيم المساعدات في طويلة. وقد اندلعت الحرب الأهلية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل عامين، وأسفرت منذ ذلك الحين عن مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص، ونزوح 14 مليونًا من منازلهم.