الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

موثقة بمقاطع الفيديو والصور.. فظائع "الدعم السريع" في الفاشر السوادنية

  • مشاركة :
post-title
نازحون من الفاشر بعد سطيرة الدعم السريع على المدنية فروا لطويلة المجاورة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الفظائع التي اقترفتها "الدعم السريع" في الفاشر بإقليم دارفور غرب السودان، واستندت الصحيفة إلى مقاطع فيديو وصور التقطتها الأقمار الصناعية في توثيق تلك الفظائع.

ولفتت الصحيفة إلى مقطع فيديو ظهر فيه رجل يتوسل لمسلح من الدعم السريع، ومن حوله تتناثر عشرات الجثث، وخلفه مركبات محترقة. وعرّفت الصحيفة المسلح بأنه قائد شبه عسكري يُعرف باسم "أبو لولو"، الذي كان ينصت لتوسلات الرجل اليائسة قبل أن يتجاهلها ويطلق النار عليه بلا مبالاة، وواصل سيره.

لم يكن الفاتح عبد الله إدريس، وشهرته "أبو لولو"، له ذكر لافت قبل سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع السبت الماضي، لكن سرعان ما انتشر لقبه "أبو لولو" مثل نار في الهشيم باعتباره أحد رموز الرعب في السودان.

وقبل سقوط المدينة بقليل، انتشرت على منصات التواصل مقاطع فيديو تُظهر رجلاً ملتحيًا ذا شعر كث، ينفذ عمليات إعدام ميدانية لأسرى في الفاشر، ليتصدر مشهد العنف بعد سقوط المدينة كرمز لمأساة الفاشر وعنوان لفوضى الحرب وانهيار الدولة.

ورغم أن قوات الدعم السريع نفت صلتها به وقالت إنها لا تعرف هويته، وأعلنت لاحقًا القبض عليه وإيداعه سجن "شالا" بالفاشر، وتشكيل لجنة تحقيق بشأنه، فإن المقاطع المروعة التي دأب على نشرها أشعلت غضبًا واسعًا على الرجل وعلى قوات الدعم السريع، فأطلقت عليه وسائل الإعلام لقب "سفّاح الفاشر".

وظهر "أبو لولو" في تسجيلات صوتية عديدة يوثّق فيها وحشيته، نافيًا انتماءه لأي جهة، قائلاً إنه يقود مجموعة قتالية خاصة به متمردة على الدولة، وتباهى في أحدها بقتله "قرابة ألف شخص" في الفاشر وحدها، لكن الرجل مهما ادعى أو نفته "الدعم السريع"، فقد كان مشاركًا في عملياتها الحربية.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن إعدام الرجل سالف الذكر في مستهل التقرير، والذي ظهر في فيديو متداول على الإنترنت، كان واحدًا من مشاهد العنف العديدة التي خرجت من مدينة الفاشر السودانية المحاصَرة منذ أن سيطرت عليها ميليشيات الدعم السريع نهاية الأسبوع الماضي.

وقالت الصحيفة إن مقاطع الفيديو وروايات الشهود تشير إلى خنادق مليئة بالجثث، ومقاتلين من قوات الدعم السريع شبه العسكرية يطاردون المدنيين أثناء فرارهم.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بمقتل 460 شخصًا في مستشفى بالفاشر يوم الثلاثاء الماضي، في عمليات قتل وقعت بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، كاسرةً حصارًا دام 18 شهرًا أجبر السكان الذين يعانون من الجوع على تناول علف الماشية.

وفي أحد الفيديوهات، داس مقاتلون على جثث متناثرة في غرفة بجامعة الفاشر. ويظهر أحد الناجين وهو يرفع ذراعه مستغيثًا على ما يبدو، قبل أن يرديه مسلح قتيلًا.

وكان ما يُقدَّر بـ260 ألف مدني محاصرين في المدينة عندما استولت قوات الدعم السريع على القاعدة العسكرية الرئيسية السبت الماضي، ومنذ ذلك الحين فرّ الآلاف.

وبحسب الأمم المتحدة، فر أكثر من 36 ألف مدني من الفاشر منذ الأحد، معظمهم إلى مدينة طويلة التي تؤوي أصلًا نحو 650 ألف نازح، وسط ظروف إنسانية "كارثية".

ودعت منظمة الهجرة الدولية إلى حماية المدنيين في الفاشر، مشيرةً إلى أن أكثر من 26 ألف شخص فروا من المدينة خلال يومين فقط، وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ إزاء الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني.

وقالت المنظمة إن آلاف العائلات تُجبَر على النزوح مجددًا، وتسير لأيام تحت الشمس الحارقة، وأكدت أن العديد من النازحين يصلون إلى القرى المحيطة بالفاشر وهم مرهقون وجائعون ومذعورون.

وقالت منظمات الإغاثة أمس الخميس إن القليل من الفارين نجا، وأفاد العديد منهم بأنهم مروا على طريق مليء بجثث آخرين لقوا حتفهم أو قُتلوا على طوله.

وقالت ماتيلد فو، من المجلس النرويجي للاجئين، الذي يقدم المساعدات هناك، إن 5000 شخص فقط وصلوا إلى طويلة، على بُعد حوالي 40 ميلًا غرب الفاشر. وأضافت: "يتحدث الواصلون عن جثث على الطريق، وعن إيقافهم عدة مرات قبل الوصول، وتم فصل الرجال واحتجازهم".

وقالت المجموعة في بيان لها أمس الخميس إن الرحلة مليئة بـ"الابتزاز والاعتقالات التعسفية والاحتجاز والنهب والعنف الجنسي والتحرش".

يُنقل الناجون من الرحلة إلى مخيمات مكتظة تضم بالفعل مئات الآلاف من الأشخاص، حيث تنتشر الأمراض ويعاني الناس من نقص حاد في الغذاء والماء والمأوى. وقالت فو: "إنهم في مأمن من القصف والهجمات، لكنهم ليسوا بمنأى عن المعاناة".

وأعرب مجلس الأمن الدولي أمس الخميس عن "قلقه العميق" إزاء التصعيد في السودان، بعد تقارير أممية تحدثت عن "إعدامات جماعية" و"انتهاكات واسعة" بحق المدنيين في الفاشر غربي البلاد، عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليها.

وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن المدينة "انزلقت إلى جحيم أكثر قتامة"، مشيرًا إلى أن "نساءً وفتيات يتعرضن للاغتصاب، وأشخاصًا يُشوَّهون ويُقتلون في ظل إفلات تام من العقاب".

وأدان مجلس الأمن "الفظائع المنسوبة إلى قوات الدعم السريع"، بما في ذلك "الإعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية"، داعيًا إلى وقفٍ فوريٍ للأعمال القتالية.