الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

السودان.. قوات الدعم السريع تمارس "التطهير العرقي" في الفاشر

  • مشاركة :
post-title
الفارون من الفاشر في معسكر للنازحين في طويلة شمال دارفور

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

تواجه قوات "الدعم السريع" اتهامات من جهات عدة، بارتكاب مجازر مروعة أقرب إلى الإبادة الجماعية، في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، التي استولت عليها بعد أن حاصرتها لمدة 18 شهرًا.

وأفادت تقارير بأن قوات "الدعم السريع" شنّت حملة رعب في الفاشر، وارتكبت فظائع لا توصف، من بينها إعدام أكثر من 2000 مدني أعزل، منذ الأحد الماضي. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن صور لأقمار صناعية عن وجود مركبات عسكرية بالفاشر، قرب جثث وبقع دماء كبيرة يمكن رؤيتها جوًا.

وقال أحد عمال الإغاثة "لم يذكر اسمه"، للصحيفة الأمريكية، إن: "تقارير عن استهداف مئات، إن لم يكن آلاف، المدنيين في الفاشر وقتلهم على أسس عرقية". وأشار إلى تلقي روايات عن فصل رجال وفتيان عن عائلاتهم وتعرضهم للتعذيب أو القتل بالفاشر. ونفّذت قوات الدعم السريع عمليات تصفية لجميع المصابين بالمستشفى السعودي بجامعة الفاشر، وفقًا لما أعلنته "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر"، اليوم الأربعاء.

وقال وزير الإعلام السوداني خالد الأعيسر، اليوم الأربعاء، إن عدة آلاف من المدنيين سقطوا ضحايا لهجمات نفّذتها قوات "الدعم السريع"، هذا الأسبوع، في مدينتي الفاشر في ولاية شمال دارفور، وبارا بولاية شمال كردفان.

وأضاف الوزير، في مؤتمر صحفي، أن "الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر وبارا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وتعهّد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بالقصاص لأهالي مدينة الفاشر الذين تعرضوا لـ"قتل ممنهج" خلال الأحداث التي شهدتها المدينة، مؤكدًا عزم القوات المسلحة والقوات المساندة "على المضي حتى تطهير الأرض من كل دنس والقضاء على المرتزقة والقتلة".

وأوضح "البرهان" في كلمة تلفزيونية، أمس الأول الاثنين، أن قيادة الجيش في الفاشر قررت، بعد تقديرات أمنية، مغادرة المدينة مؤقتًا "لجلاء ما لحق بها من تدمير ومخاطر على المدنيين"، وأن هذا الإجراء اتُخذ لتجنُّب مزيد من الخسائر بين السكان.

وأضاف أن ما حدث في الفاشر "محطة من محطات العمليات العسكرية التي فرضت علينا كشعب سوداني"، مشددًا على أنّ الشعب السوداني والقوات المسلحة "مسنودان" وقادران على حسم المعركة.

وجاءت تصريحات البرهان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة مشاة في الفاشر، وما رافق ذلك من أنباء عن تدهور الوضع الإنساني وانقطاعات واسعة في الاتصالات والاحتجاجات المحلية، وفق تقارير صحفية ومصادر ميدانية.

وقال جاستن لينش، الباحث في شؤون السودان والمدير الإداري لمجموعة كونفليكت إنسايتس (منظمة لتحليل البيانات ومراقبة الصراعات) لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، إن استيلاء قوات الدعم السريع على الفاشر يمثّل "بداية ما نخشى أن يكون مذبحة للمدنيين".

ودعت الأمم المتحدة قوات الدعم السريع إلى السماح "بممر آمن" يتيح للمدنيين مغادرة مدينة الفاشر.

ووفقا لتوم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، لا يزال مئات الآلاف من المدنيين محاصرين في الفاشر، ويفتقرون إلى الغذاء والرعاية الصحية. وأفاد بأن طرق الهروب مغلقة وسط "قصف مكثف وهجمات برية" اجتاح المدينة.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأنه تلقى "تقارير متعددة ومثيرة للقلق" عن ارتكاب قوات الدعم السريع فظائع، بما في ذلك إعدامات ميدانية لمدنيين، ومقاطع فيديو تظهر عشرات الرجال العزل يُقتلون بالرصاص أو يُدفنون صرعى، محاطين بمقاتلي قوات الدعم السريع. وأشارت أيضا إلى "مؤشرات على وجود دوافع عرقية وراء عمليات القتل".

بحسب جلال جيتاشو بيرو، المحلل البارز في مجموعة مراقبة الأزمات في مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة، هناك "خطر كبير من وقوع هجمات تستهدف تطهيرا عرقيا".

بين أبريل 2023 ومنتصف أكتوبر 2025، وثّقت مجموعة مراقبة الأزمات 390 حادثة عنف ضد المدنيين في الفاشر والمناطق المحيطة بها، ما أسفر عن أكثر من 1300 حالة وفاة، إلى جانب 180 هجومًا على النازحين داخليًا، ما أسفر عن مقتل 830 شخصًا على الأقل.

ولفتت شبكة "سي إن إن" إلى أن عمليات القتل بدوافع عرقية كانت سمة من سمات الصراع منذ بدايته، لا سيما في دارفور. وأشارت الشبكة إلى أن المنطقة شهدت بعضًا من أسوأ أعمال العنف العرقي في عام 2023، حيث قُتل مئات الأفراد من الجماعات العرقية على يد قوات الدعم السريع والقوات المرتبطة بها.

وقال "لينش" إن سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر "لن تعني سوى المزيد من المعاناة للمدنيين"، مضيفًا أن الاستيلاء على الفاشر - وبالتالي على كامل دارفور - يُعزز موقف قوات الدعم السريع في المفاوضات وسط جهود عالمية لوقف إطلاق النار.

وشدّد يونا دايموند، المحامي الدولي في مجال حقوق الإنسان، على ضرورة تدخل المجتمع الدولي مع تصاعد العنف في السودان، وتزايد أعداد الضحايا المدنيين في الفاشر، متسائلًا عما إذا كان قادة العالم سيسمحون لقوات الدعم السريع "بارتكاب إبادة جماعية أخرى في دارفور دون عقاب". 

وقال: "حان الوقت لاتخاذ إجراءات عاجلة - لوقف إراقة الدماء، وفتح الممرات الإنسانية، وحماية سكان الفاشر وما تبقى من ضمير عالمي".

ومنذ 15 إبريل 2023، يواجه الجيش السوداني تمرد قوات "الدعم السريع" في حرب أدت إلى مصرع نحو 20 ألف قتيل، وأكثر من 15 مليون نازح ولاجئ.