فقدت السلطات الأمنية الإسرائيلية السيطرة تمامًا على المستوطنين المتطرفين، الذين حوّلوا بوصلتهم من تدمير قرى ومنازل وأراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية حاليًا، إلى تدمير وتخريب المنشآت والمعدات العسكرية والتعدي بالضرب على الجنود ومحاصرة قواعدهم، بل وصفهم بـ"الخونة".
ويرجع السبب وراء ذلك إلى ما حدث مساء الجمعة الماضي، عندما أطلقت قوة احتياطية من الكتيبة 7114 التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي النار على مستوطن يهودي قاصر عن طريق الخطأ، عندما كانوا يعملون على إبعادهم عن منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية.
احتجاجات عنيفة
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن - قامت الدنيا ولم تقعد - بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إذ اندلعت احتجاجات عنيفة أمام قاعدة بنيامين العسكرية للشرطة، امتدت حتى صباح اليوم الاثنين، شارك فيها عشرات المستوطنين.
وهجم المتطرفون اليهود على جنود جيش الاحتلال، الذين حضروا لتفريقهم من أمام قاعدة لواء بنيامين الإقليمي، إلا أن تمت مهاجمتهم من قبل المتظاهرين ودمروا مركباتهم المدرعة وأشعلوا النيران في الأشجار المحيطة، رافعين شعارات "قائد الكتيبة خائن" واليهود لا يطلقون النار على اليهود".
تخريب منشآت
بجانب ذلك، كان قائد الكتيبة المقدم في جيش الاحتلال، الذي أطلق النار على المستوطن اليهودي، مادة دسمة للمستوطنين واتباعهم على السوشيال ميديا، وفقًا للصحيفة، إذ نشروا صورته وبجانبها عبارات مسيئة له، أبرزها "قائد الكتيبة يطلق النار على اليهود ويحمي العدو".
وصباح اليوم الاثنين، تمكن المستوطنون من اقتحام منشأة أمنية تحتوي على أنظمة عسكرية تساعد القوات على السيطرة على منطقة رام الله، تشمل كاميرات وأنظمة مراقبة عالية الدقة، وأضرموا النيران فيها وخربوا كل الأجهزة، وفق صحيفة "هاآرتس" العبرية.
عنف المستوطنين
وفي تحليلها لما يحدث من عنف المستوطنين، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن أجهزة الأمن الإسرائيلية فقدت السيطرة تمامًا على اليهود في الضفة الغربية، ولم يعد بإمكانهم القيام بأي شيء أمام هجماتهم المتكررة.
وترى الصحيفة، أن هجوم المستوطنين اليهود المتطرفين على جنود الجيش الإسرائيلي، خلال الأيام الماضية، لم يكن الأول من نوعه، بل كان يحدث من حين لآخر في السنوات الأخيرة، لكن زادت حدته عقب الحرب على قطاع غزة.
الاعتقال الإداري
والغريب في الأمر، وفقًا لهم، أن جهاز الأمن العام "الشاباك" تنبأ بمثل تلك الأحداث، عقب إلغاء ما يُعرف بالاعتقال الإداري لليهود، الذي لم يؤدِ إلا إلى جعل الأمور أسوأ بكثير، الذي كان وجوده مهمًا لإبعاد المتطرفين عن العنف.
وتبين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنذ توليه منصبه على مدار الـ 17 عامًا الماضية، بصورة متقطعة، لم يقم بإجراء اعتقال إداري واحد بحق أي مستوطن، بل على العكس من ذلك، أصدر إفراجًا شامًلا عن جميع المعتقلين الإداريين اليهود الحاليين، 17 يناير الماضي.
خطوة سياسية
وكانت تلك الخطوة من قبل بنيامين نتنياهو، بمثابة تهدئة لوزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي كان يفكر في إسقاط الحكومة، رفقة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، بسبب صفقة المحتجزين مع حركة حماس، يناير الماضي، ولذلك تم وصفها بأنها خطوة سياسية بحتة.
تلك الخطوة رآها المسؤولون الأمنيون الإسرائليون وقتها، وفقًا للصحيفة، أنها تُعرض أمن الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية للخطر، وشجعت المتطرفين على ما يقومون به الآن، ولم يعد أحد يستطيع الوقوف أمامهم.
وبحسب التحليل فإن الأمر الغريب فعليًا، الذي وصفوه بأنه فريد من نوعه، هو أن أعداد المتطرفين المتورطين في أغلب الأحداث لا يتعدى عددهم 70 شخصًا، ما أظهر مدى ضعف مسؤولي الأمن وإنفاذ القانون في إسرائيل على التعامل مع هذه الاعتداءات التي يتعرضون لها.