الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رفع عقوبات سوريا صدم أمريكا.. هل يلغي ترامب قرار قانون قيصر؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي يصافح نظيره السوري في السعودية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في لحظة لم يتوقعها حتى أقرب موظفيه، صعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصة منتدى استثماري في الرياض، ليطلق تصريحًا زلزل أروقة وزارة الخزانة في واشنطن، وذلك برفع شامل للعقوبات الأمريكية على سوريا، ليفجر الإعلان الذي جاء بلا مقدمات تفصيلية أو إشارات مسبقة نقاشات داخلية عاجلة في المؤسسات الأمريكية، في وقت تسعى فيه الحكومة الانتقالية السورية للنجاة من سنوات الحرب.

إعلان مفاجئ دون تفاصيل

في يوم الثلاثاء، ومن قلب العاصمة السعودية الرياض، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستتوقف عن فرض العقوبات المفروضة على سوريا، قائلًا: "سأصدر أمرًا بوقف العقوبات على سوريا من أجل منحها فرصة العظمة".

وبحسب شبكة "سي بي إس نيوز"، شكَّل هذا التصريح صدمة داخل وزارة الخزانة الأمريكية، وهي الجهة المسؤولة عن صياغة وتنفيذ العقوبات الاقتصادية، إذ فوجئ المسؤولون في الوزارة بالقرار، لا سيما في ظل غياب أي تفاصيل تتعلق بآلية التنفيذ، والجدول الزمني لرفع العقوبات، أو حتى طبيعة الإجراءات التي ستُلغى.

ودفع الارتباك المسؤولين إلى عقد اجتماعات عاجلة لفهم سياق القرار الرئاسي، وفتح نقاشات موسعة حول السرعة والحدود الممكنة لتنفيذه، خصوصًا أن العقوبات المفروضة على سوريا تعود إلى عقود وتؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي داخل البلاد وتعاملاتها الدولية.

وصرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خلال اجتماع وزراء خارجية الناتو أمس الخميس، بأنه كان مع ترامب حين اتُخذ قرار الإعلان، لكنه لم يُفصح عن موعد اتخاذ القرار فعليًا، بينما أوضح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية تومي بيجوت أن الأمر خضع للنقاش والتحضير لأسابيع، وأن الإدارة ستمضي قدمًا في تنفيذ ما أعلنه الرئيس.

كسب دمشق في صف الرياض

يأتي هذا التطور في سياق ضغوط متزايدة مارستها الحكومة السورية الانتقالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، على إدارة ترامب خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة لتخفيف القيود التي تشل الاقتصاد السوري.

وتشير الحكومة الجديدة إلى أن العقوبات -بما في ذلك تلك التي تطول دولًا ثالثة تتعامل اقتصاديًا مع سوريا- تشكّل عقبة أمام دفع رواتب الموظفين، وإعادة إعمار المناطق المدمّرة، وإصلاح قطاع الصحة المنهار بفعل الحرب.

وتلقت الحكومة الانتقالية السورية دعمًا من تركيا والمملكة العربية السعودية، وعرضت الأخيرة مساعدات مالية والتزامًا بسداد بعض ديون سوريا، في خطوات قد تتعارض مع العقوبات الأمريكية المفروضة سابقًا.

وبحسب محللين، تسعى الرياض إلى كسب دمشق إلى صفها بعد سنوات من تحالفها مع إيران، ويُنظر إلى قرار ترامب كمفتاح لتطبيع العلاقات العربية السورية، وهو ما يتماشى مع تحركات دبلوماسية إقليمية تُعيد ترتيب المشهد بعد سقوط نظام الأسد، وفق شبكة "سي بي إس نيوز".

الرئيس السوري السابق بشار الأسد
تاريخ طويل من العقوبات

خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الشهر الماضي في واشنطن، كان ملف الإغاثة وإعادة الإعمار حاضرًا بقوة، وشارك فيها مسؤولون سوريون كبار، بينهم عبد القادر حصرية، محافظ البنك المركزي السوري.

وتسعى الحكومة الجديدة إلى جذب الاستثمارات والمساعدات الدولية، خاصة مع انهيار مؤسسات الدولة عقب الحرب الأهلية، التي استمرت 13 عامًا وانتهت مع اجتياح قوات معارضة بقيادة أحمد الشرع للعاصمة دمشق في ديسمبر، مؤذنةً بسقوط نظام بشار الأسد.

وبدأت العقوبات الأمريكية على سوريا في عام 1979، وتصاعدت تدريجيًا خلال العقود التالية، في عام 2003، وقّع الرئيس جورج بوش الابن قانون "محاسبة سوريا"، والذي استهدف دعم دمشق لجماعات صنّفتها واشنطن "إرهابية"، إلى جانب وجودها العسكري في لبنان، وتطوير أسلحة دمار شامل مزعومة، وتهريب النفط.

وفي عام 2011، أطلقت إدارة باراك أوباما حملة دولية لعزل نظام الأسد، نتج عنها سلسلة عقوبات إثر قمع النظام الوحشي للثورة الشعبية، أدت تلك المواجهات إلى مقتل ما يزيد على 500 ألف شخص.

ثم جاء عام 2019 ليضيف فصلًا جديدًا في سجل العقوبات، مع إقرار "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، الذي وقعه ترامب نفسه، وفرض بموجبه عقوبات صارمة على كل من يتعامل مع حكومة الأسد، أفرادًا أو شركات أو حكومات.

هل يُلغي ترامب قانون قيصر؟

تحدث "روبيو" عن إمكانية تنفيذ الإعفاءات بموجب صلاحيات يمنحها قانون قيصر نفسه، ما يسمح للشركات الأجنبية بتقديم مساعدات أو تنفيذ مشروعات دون أن تخضع للعقوبات.

وقال في تصريح له من تركيا: "أعتقد أننا نريد البدء بالإعفاء الأولي، الذي سيسمح للشركاء الأجانب الراغبين في تدفق المساعدات بالبدء بذلك دون التعرض لخطر العقوبات."

كما أشار إلى أن إدارة ترامب قد تكون قريبة من تقديم طلب رسمي للكونجرس بإلغاء بعض العقوبات بشكل نهائي.

ورغم أن رفع العقوبات قد يفتح نافذة للتنفس أمام الاقتصاد السوري المنهك، إلا أن الغموض لا يزال يحيط بخطط التنفيذ، كما أن موقف الكونجرس من هذا القرار سيلعب دورًا حاسمًا في مستقبل السياسة الأمريكية تجاه دمشق.