الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رغم تباين أهدافهما.. إيران وأمريكا تجدان أرضية مشتركة في مباحثات مسقط

  • مشاركة :
post-title
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

أعلنت الولايات المتحدة وإيران أنهما اتفقتا، على استئناف المحادثات الـ"بنّاءة"، التي عُقدت في سلطنة عُمان، الأسبوع المقبل، في حوار يهدف إلى معالجة البرنامج النووي المتصاعد لطهران، مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم السبت، للتلفزيون الرسمي لبلاده: "أعتقد أننا قريبون للغاية من التوصل إلى أساس للمفاوضات وإذا تمكنا من التوصل إلى هذا الأساس الأسبوع المقبل فإننا سنكون قد قطعنا شوطًا طويلًا وسنكون قادرين على بدء مناقشات حقيقية على أساس ذلك".

أضاف "عراقجي" أن المحادثات، وهي الأولى بين إيران وإدارة ترامب -بما في ذلك فترة ولايته الأولى- جرت في "أجواء بنّاءة وهادئة وإيجابية"، حسب وصفه.

ولعبت سلطنة عُمان لفترة طويلة دور الوسيط بين القوى الغربية وإيران، بعد أن توسطت في إطلاق سراح العديد من المواطنين الأجانب والمواطنين المزدوجين المحتجزين لدى الجمهورية الإسلامية.

وأضاف وزير الخارجية الإيراني: "اتفق الجانبان على مواصلة المحادثات، ربما السبت المقبل. إيران والجانب الأمريكي يريدان اتفاقًا على المدى القصير. لا نريد محادثات من أجل المحادثات". بينما لم يصدر تعليق فوري من الولايات المتحدة بشأن المحادثات، كما ذكرت "رويترز".

تهدئة التوترات

تلفت "رويترز" إلى أن محادثات اليوم، التي جرت بوساطة عُمانية "كانت غير مباشرة كما أرادت إيران، وليست وجهًا لوجه كما طلب ترامب".

وخلال المحادثات، كان لكل وفد غرفة خاصة به، وتبادلوا الرسائل عبر وزير الخارجية العُماني، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي.

وقال "عراقجي" إن وفده أجرى لقاء قصيرًا مع نظيره الأمريكي برئاسة مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بعد خروجهما من المحادثات: "بعد انتهاء أكثر من ساعتين ونصف الساعة من المحادثات غير المباشرة، تحدث رئيسا الوفدين الإيراني والأمريكي لبضع دقائق بحضور وزير الخارجية العُماني لدى مغادرتهما المحادثات. وكان ذلك (اللقاء) مبنيًا على آدابنا السياسية".

وقال مصدر عُماني لـ"رويترز" إن "التركيز الحالي للمحادثات سيكون على تهدئة التوترات الإقليمية وتبادل السجناء والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات (ضد إيران) مقابل السيطرة على البرنامج النووي الإيراني".

وحسب "رويترز"، تعاملت طهران مع المحادثات بحذر، متشككة في إمكانية التوصل إلى اتفاق، ومتشككة في ترامب، الذي هدد مرارًا وتكرارًا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها المتسارع لتخصيب اليورانيوم الذي يعتبره الغرب طريقًا محتملًا للحصول على أسلحة نووية.

يقول التقرير: "بينما أشاد كل طرف بفرص تحقيق تقدم، إلا أن مواقفهما لا تزال متباعدة بشأن نزاع مستمر منذ أكثر من عقدين. لطالما أنكرت إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، لكن الدول الغربية وإسرائيل تعتقد أنها تحاول سرًا تطوير وسائل صنع قنبلة ذرية".

وقد تساعد علامات التقدم في تهدئة التوترات في المنطقة المشتعلة منذ عام 2023 مع الحروب في غزة ولبنان، وإطلاق الصواريخ بين إيران وإسرائيل، وهجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، والإطاحة بالحكومة في سوريا.

مخاطر عالية

في طريقه إلى فلوريدا مساء أمس الجمعة، قال "ترامب" وهو على متن الطائرة الرئاسية: "أريد ألا يمتلكوا (الإيرانيون) سلاحًا نوويًا. أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة، لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي".

لذلك، تشير "رويترز" إلى أن فشل المحادثات غير المباشرة سيفاقم المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقًا في منطقة تُصدّر معظم نفط العالم. وقد حذّرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أمريكية من أنها "ستواجه عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي هجوم عسكري أمريكي على إيران.

وقال "عراقجي" للتلفزيون الإيراني: "هناك فرصة للتوصل إلى تفاهم أولي بشأن مزيد من المفاوضات إذا دخل الطرف الآخر (الولايات المتحدة) المحادثات بموقف متساوٍ".

وقال مسؤول إيراني لـ"رويترز" إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي -الذي يملك الكلمة الأخيرة في القضايا الرئيسية للدولة- منح عراقجي "السلطة الكاملة" لإجراء المحادثات.

في الوقت نفسه، استبعدت إيران التفاوض بشأن قدراتها الدفاعية مثل برنامجها للصواريخ الباليستية.

وتقول الدول الغربية إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو مصدر للوقود النووي، تجاوز بكثير متطلبات برنامج الطاقة المدنية وأنتج مخزونات عند مستوى من النقاء الانشطاري قريب من المطلوبة في الرؤوس الحربية.

كان ترامب، الذي أعاد فرض حملة "الضغط الأقصى" على طهران منذ فبراير الماضي، قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى وأعاد فرض عقوبات صارمة على الجمهورية الإسلامية.

ومنذ ذلك الحين، حقّق البرنامج النووي الإيراني قفزة إلى الأمام، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تبلغ 60%، وهي خطوة فنية بعيدة عن المستويات اللازمة لصنع القنبلة.

وتعتبر إسرائيل -حليف واشنطن الأقرب في الشرق الأوسط- البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، وهددت منذ فترة طويلة بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من طموحاتها النووية.

ووفق CNN، أرجع مسؤولون في إدارة ترامب الموقف الذي وجدت إيران نفسها فيه بسبب إسرائيل، حيث قال "ويتكوف" إن الضربات الإسرائيلية "تركت دفاعات إيران مدمرة".

لكن رغم الجبهة الموحدة مع إسرائيل التي أعلنها مسؤولو الإدارة الأمريكية علنًا، بدا إعلان ترامب هذا الأسبوع عن محادثات السبت مفاجئًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يجلس بجانبه.

وصرّح مصدران إسرائيليان لشبكة CNN بأن الإعلان "بالتأكيد لا يرضي إسرائيل". بينما عند عودته من واشنطن، قال نتنياهو: "إذا استمرت المحادثات النووية لفترة طويلة، فقد يتم توجيه ضربة إلى إيران على أي حال".

كانت شبكة CNN ذكرت في وقت سابق أن وكالات الاستخبارات الأمريكية حذّرت إدارتي بايدن وترامب من أن إسرائيل من المرجّح أن تضرب أهدافًا مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني كجزء من محاولات تل أبيب لإحداث تغيير في النظام داخل طهران.

أقل عدوانية

في حين يهدد ترامب باحتمال اندلاع حرب نتيجة للمحادثات الفاشلة، فإن مسؤولين أمريكيين آخرين استخدموا لهجة أقل عدوانية؛ فقد أكد "ويتكوف"، أواخر الشهر الماضي، أن الحل الدبلوماسي في متناول اليد.

وفي مقابلة مع الصحفي تاكر كارلسون، أشاد مبعوث ترامب بالقوة العسكرية الأمريكية، وبيّن نقاط ضعف إيران، لكنه سارع إلى التوضيح بأن "هذا ليس تهديدًا".

وقال: "إذا استمع الإيرانيون إلى هذا الحديث، فهذا ليس تهديدًا مني، بل الرئيس هو من يملك هذه الصلاحية".

في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" هذا الأسبوع، حذّر "عراقجي" من أن الحرب على إيران من شأنها أن تجر الولايات المتحدة، والمنطقة كلها، إلى صراع مكلف "وهو صراع سيكون الرئيس، الذي انتُخب على أساس برنامج مناهض للحرب، حريصا على تجنبه".

وكتب: "لا يمكننا أن نتخيل الرئيس ترامب راغبًا في أن يصبح رئيسًا أمريكيًا آخر غارقًا في حرب كارثية في الشرق الأوسط. وهو صراع من شأنه أن يمتد بسرعة عبر المنطقة ويكلف أكثر بكثير من تريليونات الدولارات من دافعي الضرائب التي أحرقها أسلافه في أفغانستان والعراق".