صدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما في البيت الأبيض، أمس الاثنين، بإعلانه أن الولايات المتحدة تعتزم بدء محادثات مع إيران، فيما حذّر سفير بريطاني سابق لدى إيران من أن خطر اندلاع صراع بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة بلغ الآن أخطر مراحله منذ عقود، مع تصاعد التوترات بشأن طموحات طهران النووية والإقليمية.
ذكر موقع "والاه" العبري أن الاجتماع الأخير بين نتنياهو وترامب قد يكون الأكثر فشلًا على الإطلاق، مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عاد من واشنطن "خالي الوفاض"، بينما تنطلق المباحثات بين إيران والولايات المتحدة.
وأضاف الموقع أن نتنياهو وجد نفسه في موقف لم يكن يتوقعه داخل المكتب البيضاوي، حيث ألقى ترامب كرات سياسية أمنية واقتصادية معقدة باتجاهه، لكنه فشل في الرد عليها واحدة تلو الأخرى، ليجد نتنياهو نفسه في وضع محرج ومهين، حسب وصف الموقع العبري.
كذلك، ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن نتنياهو اختتم أسبوعه في الخارج بحدث محرج خلَّف علامات استفهام أكثر من اللازم، يقابلها القليل من الأجوبة، حيث إن ترامب أحرجه بالإعلان عن محادثات مع إيران، بعد أن كان يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي في زيارته الخاطفة، حل عدة قضايا بضربة واحدة.
وتحدثت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية عن صدمة ملحوظة على الوفد الإسرائيلي بعد إعلان الولايات المتحدة عن المباحثات مع إيران.
وقالت الصحيفة إن "القيادة السياسية تحاول التقليل من حجم المفاجأة عبر قولها إنها علمت بأن تطورًا كهذا ممكن، لأن ترامب تحدث طوال الطريق عن رغبته في مفاوضات لحل القضية النووية الإيرانية".
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية أن إسرائيل لم تعلم مسبقًا عن الاتفاق بين ترامب والإيرانيين حول افتتاح المباحثات بين الطرفين.
وقال مصدر في الوفد الإسرائيلي، إن الصدمة كانت واضحة على الوجوه، إلا أنه يعتبر أن التحديث الذي قُدِّمَ لنتنياهو حول المحادثات ومشاركة إسرائيل في محتوى التفاوض هما "جانبان إيجابيان جدًا"، حسب ذكره.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن تصريحات ترامب ونتنياهو في نهاية اجتماعهما في البيت الأبيض مساء أمس، كشفت أن السبب الحقيقي لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي على عجل إلى المكتب البيضاوي هو "بداية مفاوضات أمريكية مع إيران، وليس قضية الرسوم الجمركية مثلما اعتقد كثيرون".
وأضافت الصحيفة أن ترامب "أراد إطلاع نتنياهو، وجهًا لوجه، بأنه يتجه إلى محادثات على أعلى مستوى مع إيران".
وأشارت إلى حرص الرئيس الأمريكي على إطلاع نتنياهو؛ تجنبًا لإحداث أي مفاجأة لإسرائيل، وأيضًا حتى لا تخرب هذه الاتصالات، أو تستبقها إسرائيل بمهاجمة إيران عسكريًا.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن اجتماع ترامب مع نتنياهو، وهو الثاني خلال شهرين فقط، استهدف تعزيز صورة الرئيس الأمريكي في وقت بدأ فيه حتى ناخبوه يشككون في حكمه، بعد إعلانه الرسوم الجمركية الشاملة.
وقالت الصحيفة إن ترامب فاجأ نتنياهو بإعلان أن الولايات المتحدة بدأت محادثات مباشرة مع إيران، مضيفة أن الرئيس الأمريكي سمح لضيفه بشن هجوم عسكري على غزة، والتهديد بهجوم على إيران، على أمل استغلال الضغط الإسرائيلي لصالح الحل الذي يفضله عمومًا، وهو التوصل إلى اتفاقات تلبي المطالب الأمريكية وتحل الأمور سلميًا.
ومع ذلك، حذر ريتشارد دالتون، سفير بريطاني سابق لدى إيران، من أن خطر اندلاع صراع بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة بلغ الآن أخطر مراحله منذ عقود، مع تصاعد التوترات بشأن طموحات طهران النووية والإقليمية.
وفي مقابلة مع برنامج "نيوزنايت" على هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وصف دالتون، الذي شغل منصب مبعوث المملكة المتحدة إلى طهران من عام 2003 إلى عام 2006، الوضع بأنه "الأخطر على الإطلاق" وسط تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة تسعى إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران.
قال دالتون، مستشهدًا بالأهداف الإسرائيلية القديمة لإضعاف إيران، لا سيما من خلال التدخل الأمريكي: "إن خطر اندلاع حرب بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، لم يكن يومًا أعلى مما هو عليه الآن".
وأضاف: "إيران لا تمتلك سلاحًا نوويًا ولا برنامجًا نوويًا عسكريًا"، مشيرًا إلى أن هذا هو "تقييم أجهزة الاستخبارات الأمريكية لأكثر من عقدين".
أوضح دالتون أن طهران تعتبر أي محادثات اختبارًا لجدية أمريكا، وليست تمهيدًا للاستسلام. وقال: "يبدو أن الأمريكيين يريدون تقدمًا سريعًا نحو استسلام إيران على ثلاث جبهات"، مُسلطًا الضوء على التخصيب النووي، وتطوير الصواريخ، والنفوذ الإقليمي كنقاط خلاف رئيسية. وأضاف: "إيران ليست مستعدة للاستسلام، بل مستعدة لإجراء مفاوضات جادة".
وفيما يتعلق بالتداعيات المحتملة لضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية على إيران، أصدر دالتون تحذيرًا شديد اللهجة، وقال: "إذا قللوا من شأن قدرة إيران على الرد، فأعتقد أنهم يرتكبون خطأ فادحًا، ستوجه الصواريخ والطائرات المُسيرة ضد المنشآت الأمريكية في المنطقة، سيؤدي ذلك إلى اضطراب هائل في تجارة النفط من الخليج، ما يعني أن ما كان من المفترض أن يكون ضربة قصيرة وحادة قد يتحول إلى صراع طويل الأمد".