بينما تعاني غزة سواء من قصف ودمار، أو أزمة صحية وحصار، فقد مئات الآلاف من سكان قطاع غزة المحاصر، مصدرهم الرئيسي للحياة من مياه نظيفة خلال الأسبوع الماضي، بعد انقطاع إمدادات شركة المياه الإسرائيلية بسبب القصف المتجدد لجيش الاحتلال، وفقًا للسلطات البلدية في القطاع.
وجراء تلك الأزمة الجديدة يضطر الكثيرون من سكان غزة الآن للسير، أحيانًا لأميال، للحصول على كمية صغيرة من المياه بعد أن أدى قصف جيش الاحتلال وهجومه البري على حي الشجاعية شرق مدينة غزة، شمال القطاع، إلى إتلاف خط الأنابيب الذي تديره شركة ميكوروت المملوكة لإسرائيل.
وقالت السلطات في غزة، إن خط الأنابيب الشمالي كان يزوّد مدينة غزة بـ70% من مياهها منذ تدمير معظم آبارها خلال الحرب.
أداة إبادة
اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم السبت، الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام المياه "سلاح حرب وأداة إبادة جماعية" ضد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة.
وأكد المكتب في بيان رسمي أن جيش الاحتلال يواصل سياسة التعطيش الممنهجة عبر تدمير البنية التحتية للمياه ومنع الإصلاحات وإيقاف الإمدادات الحيوية.
ولفت البيان إلى أن قوات الاحتلال عطّلت عمدًا خطي مياه "ميكوروت" شرق غزة وفي المحافظة الوسطى، ما حرم أكثر من 700 ألف مواطن من 35 ألف متر مكعب يوميًا من المياه.
جريمة حرب
كما أوقف جيش الاحتلال الإسرائيلي، الكهرباء عن محطة تحلية مياه دير البلح، ما أدى إلى توقفها الكامل وتهديد حياة 800 ألف آخرين بالعطش.
واعتبر البيان حرمان السكان من المياه "جريمة حرب" وفق ميثاق روما، و"إبادة جماعية" بحسب تقارير أممية، منددًا بالصمت الدولي إزاء الانتهاكات.
وأشار البيان إلى تدمير أكثر من 90% من مرافق المياه والصرف الصحي في القطاع، ومنع وصول الوقود والطواقم الفنية لإصلاح الأضرار، ما تسبّب بانتشار أمراض مرتبطة بتلوث المياه، مثل الإسهال الحاد والزُّحار والتهاب الكبد الوبائي "أ"، مع تسجيل أكثر من 1.7 مليون حالة مرضية و50 وفاة، غالبيتهم أطفال، بسبب الجفاف وسوء التغذية.
وضع يزداد تعقيدًا
صرّح المتحدث باسم البلدية حسني مهنا: "الوضع صعب للغاية، والأمور تزداد تعقيدًا، لا سيما فيما يتعلق بالحياة اليومية للناس واحتياجاتهم اليومية من المياه، سواء للتنظيف أو التعقيم أو حتى للطهي والشرب".
وأضاف: "نعيش الآن أزمة عطش حقيقية في مدينة غزة، وقد نواجه واقعًا صعبًا في الأيام المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه".
أمرت قوات جيش الاحتلال سكان الشجاعية، بإخلاء منازلهم الأسبوع الماضي، مع شنّها هجومًا شهد قصف عدة أحياء.
معاناة النازحين
أصبح معظم سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، نازحين داخليًا بسبب الحرب، حيث يخرج الكثيرون في رحلات يومية سيرًا على الأقدام، لملء حاويات بلاستيكية بالمياه من الآبار القليلة التي لا تزال تعمل في المناطق النائية - وحتى هذه الآبار لا تضمن إمدادات نظيفة.
ونقلت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، عن فاتن نصار، وهي امرأة من غزة تبلغ من العمر 42 عامًا: "منذ الصباح، وأنا أنتظر الماء، لا توجد محطات ولا شاحنات قادمة. لا يوجد ماء. المعابر مغلقة"، معبّرة عن أملها في انتهاء الحرب.
وقال عادل الحوراني (64 عامًا): "أمشي لمسافات طويلة وأشعر بالتعب الشديد حيث إنني كبير في السن لأتجول كل يوم للحصول على الماء".
وزعم جيش الاحتلال في بيان أنه على اتصال بالمنظمات المعنية لتنسيق إصلاح ما وصفه بعطل في خط الأنابيب الشمالي.
آبار مستنزفة
باتت مياه الشرب والطهي والغسيل ترفًا متزايدًا لسكان غزة بعد بدء الحرب، ويصطف العديد من السكان في جميع أنحاء القطاع لساعات للحصول على عبوة مياه واحدة، والتي عادةً ما لا تكفي احتياجاتهم اليومية.
وتعاني مياه الصنبور المالحة من استنزاف شديد، حيث يُعتبر ما يصل إلى 97% منها غير صالحة للاستهلاك البشري بسبب الملوحة والإفراط في الاستخراج والتلوث.
وأفادت سلطة المياه الفلسطينية بأن معظم آبارها أصبحت غير صالحة للاستخدام خلال الحرب.
تسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، الذي استهدف محيط سوق الجمعة بحي الشجاعية في استشهاد فلسطينيين اثنين، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).