على الرغم من التداعيات السلبية التي خلفتها التعريفات الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على الأسواق العالمية، فإن المسؤولين في إدارته يواصلون الدفاع عن تلك الرسوم التي قللوا من تأثيرها الكبير على المستهلك الأمريكي ونسب التضخم.
وفرض دونالد ترامب تعريفات جمركية متفاوتة تراوحت بين 10% و50% على الواردات الأمريكية، ويرى أن الأمر بمثابة عملية جراحية ستكون في النهاية ناجحة بدخول 7 تريليونات دولار إلى الخزانة الأمريكية، وتهدف لمواجهة الخداع الذي تعرضت له أمريكا من الأصدقاء والأعداء، على حد قوله.
المستهلك الأمريكي
ولكن حجم ونطاق الرسوم الجمركية فاجأ كثيرين، بحسب صحيفة "ذا هيل"، وأدت إلى حالة من الذعر وعمليات بيع دراماتيكية في وول ستريت التي شهدت خسارة تريليونات من الثروات مع انخفاض أسواق الأسهم بشكل حاد الأيام الماضية في الأسواق الأوروبية والآسيوية والإفريقية.
وصمم المسؤولون في إدارة ترامب على أهمية تلك الخطوة، منهم مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي كيفن هاسيت، المعين من قبل ترامب، والذي أكد أن الرسوم الجمركية الضخمة لن يكون لها "تأثير كبير على المستهلك في الولايات المتحدة".
تعديل لمرة واحدة
في الوقت ذاته، وصف وزير الخزانة الأمريكية سكوت بيسنت، الرسوم الجمركية بأنها تعديل سعر لمرة واحدة فقط، ولن تؤدي إلى التضخم، مشددًا على أن هناك أكثر من 50 دولة ترغب في الاجتماع على طاولة المفاوضات من أجل التفاوض، والتي يمكن أن تنتهي بخفض تلك التعريفات.
وحاول مسؤولو البيت الأبيض التفرقة بين الرسوم الجمركية والزيادات المستمرة في الأسعار الناجمة عن التضخم، مشيرين إلى أن ترامب أراد بذلك الأمر حماية المزارعين والمصنعين الأمريكيين، الذين يرون أنهم يتعاملون مع نظام غير عادل بالمرة.
معاناة ومكاسب
وتفرض أوروبا رسومًا جمركية بنسبة 50% على المنتجات الزراعية الأمريكية، بينما تفرض الهند رسومًا بنسبة 100%، بخلاف كندا التي تفرض رسومًا بقيمة 200%، وهو ما يجعل تلك الدول، وفقًا لهم، لا تسمح بدخول المنتجات الزراعية الأمريكية إليها.
وأكد الجمهوريون، بحسب الصحيفة، أنه من الممكن أن تكون هناك معاناة قصيرة الأمد، ولكن في المقابل ستكون هناك مكاسب طويلة الأمد، وستعود الوظائف، وسيصل الأمر في النهاية إلى رسوم جمركية حقيقية ومتبادلة مع باقي دول العالم.
الباب الخلفي
ودافع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، أيضًا عن التعريفات الجمركية، بما في ذلك فرض الرسوم على بعض البلدان غير المأهولة بالسكان، مؤكدًا أن الفكرة تكمن في أنه لا توجد دول متبقية لم تشملها التعريفات، لمنع الصين من تحويل صادراتها إلى دول ثالثة، والدخول إلى السوق الأمريكية من الباب الخلفي.
حتى المستثمرون المؤيدون لترامب، أشادوا بخطوة الرئيس الأمريكي، باعتباره ملتزمًا بالقضية التي وصفوها بالحاسمة المتمثلة في حل نظام التعريفات الجمركية غير العادلة الذي أضر بالعمال الأمريكيين، ودمر قاعدتهم الصناعية على مدى عقود عديدة.
أمريكا عظيمة
وبحسب رويترز، خسر مؤشر داو جونز الصناعي الرئيسي في أمريكا ما يقرب من 4000 نقطة، أي أقل بقليل من 10% من قيمته، في يومين، في حين عانى مؤشر ناسداك المركب من خسائر أكبر بنسبة مئوية، ومع ذلك أعرب ترامب عن ثقته المستمرة في سياساته.
ومن المؤكد أن الرئيس الأمريكي لن يبدي أي تغيير في استراتيجيته خلال الأيام القادمة، وهي الاستراتيجية التي يراها تهدف إلى معالجة العجز التجاري لأمريكا والنهوض بصناعة الدواء وأشباه الموصلات وصناعة السفن واحتياجهم الدائم للفولاذ والألومنيوم، وذلك من وجهة نظره سيجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى.