مع دخول حظر إسرائيل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حيز التنفيذ أمس الخميس، تتزايد التوقعات بتقييد أنشطتها، ما ينذر بتأثير إنساني كارثي، على المدنيين الفلسطينيين وخاصة النازحين في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية التي استمرت أكثر من 15 شهرًا.
في أكتوبر، أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) مشروعي قانونين ــ أحدهما يحظر على الأونروا ممارسة أي نشاط داخل إسرائيل، والآخر يحظر على السلطات الإسرائيلية أي اتصال بالأونروا.
ويلغي مشروع القانون الثاني معاهدة عام 1967 التي تسمح للوكالة بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في المناطق الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال.
تشريد المدنيين
وتخشى إيمان حلس، وهي أم نازحة تعيش في منشأة تديرها "أونروا" بقطاع غزة، أن يتم طردها إلى الشوارع المدمرة مع أطفالها الثلاثة، إذ تعتمد بشكل شبه كامل على الوكالة لدعم أسرتها.
وبعد تدمير منزلها في حي الشجاعية بشرق مدينة غزة أثناء الحرب، اضطرت "حلس" للانتقال إلى مدرسة ابتدائية للبنات سابقًا تعمل الآن كمأوى تديره "أونروا" في دير البلح بوسط غزة.
وقالت النازحة الفلسطينية لشبكة "سي إن إن" الأمريكية: "نحن نعيش في مدرسة تابعة للوكالة، فإذا تم حظرها فلن نأكل أو نشرب.. وإذا أجبرونا على الخروج، أين سأذهب مع أطفالي الصغار؟".
وحلس هي واحدة من بين ملايين الفلسطينيين الذين يعتمدون على وكالة الأمم المتحدة للحصول على القوت والتعليم وسبل العيش، ليس فقط في غزة ولكن أيضًا في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة.
ولا يزال من غير الواضح كيف تنوي دولة الاحتلال المضي قدمًا في الحظر، لكن بعض آثاره بدأت بالفعل.
ووصفت هدى حسين، التي نزحت مع عائلتها من شمال خان يونس (جنوب قطاع غزة)، حظر "أونروا" بأنه "مجاعة ثانية وحرب جديدة على القطاع".
وقالت: "نحن نعتمد على الله، ثم على الوكالة بشكل كامل في كل شيء"، مضيفة أنه لمدة 15 شهرًا لم يكن لديهم مكان آخر يذهبون إليه.
إخلاء الموظفين
وقالت "أونروا" إن الاحتلال أمر الوكالة التابعة للأمم المتحدة، الأحد الماضي، بإخلاء جميع المباني في القدس الشرقية المحتلة ووقف عملياتها فيها بحلول 30 يناير 2025.
وذكرت الأمم المتحدة أن الاحتلال قلَّص أيضًا صلاحية جميع التأشيرات لموظفي الوكالة الدوليين حتى أول أمس الأربعاء، وقال المتحدث باسم الأونروا جوناثان فاولر إن هذا "يعادل الإخلاء".
وجاء في بيان للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي: "اضطر موظفو الأونروا الدوليون في مكتب القدس الشرقية (المحتلة) إلى الإخلاء والانتقال إلى عمان بالأردن في وقت سابق من اليوم.. وتم نقل المعدات والمركبات المكتبية".
تأثير كارثي
قبل أيام من الحظر، حذرت الأمم المتحدة من آثاره الضارة، بينما أصرَّ جيش الاحتلال على أن الوكالة قابلة للاستبدال، وأنه ملزم بتدفق المساعدات إلى غزة، فيما قال رئيس الأونروا فيليب لازاريني، الثلاثاء الماضي، إن "تنفيذ الحظر سيكون كارثيًا".
وفي كلمة بالأمم المتحدة، الثلاثاء، قال ممثل إسرائيل داني دانون: "لن نسمح للأونروا بالعمل من إسرائيل"، مضيفا أن "دور الأونروا في غزة من المتوقع أن ينتهي تدريجيًا ويحل محله وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة".
وعندما سُئل عما إذا كان موظفو الأونروا آمنين، قال "دانون": "ليس من مسؤوليتنا أن نعتني بسلامتهم".