الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

على حافة الحرب العالمية الثالثة.. ماذا يعني تغيير العقيدة النووية الروسية؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الروسي يلوح باستخدام السلاح النووي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

تتجه الأنظار إلى روسيا بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن تغييرات جوهرية في العقيدة النووية الروسية. هذه التحولات تحمل في طياتها إشارات مقلقة تتجاوز إطار الردع التقليدي إلى رسائل سياسية تهدف إلى تقسيم الحلفاء وفرض شروط جديدة في ساحات الحرب والدبلوماسية.

ووفق تقرير لـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الأمريكي، ففي ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا، تعيد موسكو صياغة معايير استخدام السلاح النووي، ما يثير تساؤلات حول أهدافها الاستراتيجية ومدى تأثير هذه العقيدة الجديدة على المشهد الدولي؟..

لماذا غيّرت روسيا عقيدتها النووية؟

في 25 سبتمبر، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن رؤى أولية للعقيدة النووية المحدثة، مشيرًا إلى توسيع مهام الردع النووي. وعلى الرغم من أن الوثيقة الرسمية لم تُصدر بعد، فإن تصريحات بوتين تأتي وسط تصعيد عسكري في أوكرانيا وضغوط غربية متزايدة.

أعلن بوتين عن تغييرات تهدف إلى تعزيز مكانة الأسلحة النووية الروسية كوسيلة لحماية السيادة وتقويض الدعم الغربي لأوكرانيا. ومن بين الأسباب التي دفعت روسيا إلى هذه التغييرات:

الرد على التدخل الغربي: أشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إلى أن هذه التعديلات تعكس استجابة موسكو لما تعتبره تهديدًا مباشرًا من الغرب.

تصاعد التوترات العسكرية: شهدت الأشهر الأخيرة خطوات روسية تصعيدية، مثل سحب التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وإجراء تدريبات نووية مشتركة مع بيلاروسيا.

العقيدة النووية الروسية قبل التحديث

كانت العقيدة الروسية لعام 2020 ترتكز على "ضمان سيادة روسيا وسلامة أراضيها" عبر أربع حالات رئيسية لتبرير استخدام السلاح النووي:

تلقي بيانات عن هجوم صاروخي باليستي.

استخدام أسلحة دمار شامل ضد روسيا أو حلفائها.

استهداف بنى تحتية حيوية مثل القيادة والاتصالات.

هجمات تقليدية تهدد وجود الدولة.

هذه الأسس كانت تشير إلى استعداد روسيا لاستخدام النووي في حال تعرضها لخطر وجودي، مع اعتماد خطاب ترهيبي لإجبار الخصوم على القبول بشروط موسكو.

ما الجديد في العقيدة النووية الروسية؟

بافتراض أن تصريحات بوتين تعكس مضمون العقيدة الجديدة، يمكن تلخيص أبرز التغييرات فيما يلي:

توسيع نطاق الحماية النووية: لأول مرة، تؤكد العقيدة أن بيلاروسيا، كجزء من دولة الاتحاد، مشمولة بالحماية النووية الروسية، مما يعكس تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

خفض عتبة استخدام الأسلحة النووية: لم تعد العقيدة تقتصر على الرد في حالة تهديد "وجود الدولة"، بل تشير إلى مواجهة أي "تهديد خطير للسيادة"، ما يوسّع نطاق الحالات التي قد تبرر اللجوء إلى النووي.

تحميل المسؤولية للدول الداعمة: تنص العقيدة الجديدة على اعتبار أي هجوم تقليدي تنفذه دولة غير نووية بدعم دولة نووية عدوانًا مشتركًا، ما يرسل رسالة واضحة إلى دول الناتو الداعمة لأوكرانيا.

التوسع في تعريف التهديدات النووية

تشمل العقيدة الجديدة إمكانية الرد النووي على "الهجمات الجوية الفضائية"، مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار، ما يعكس استجابة لتطور طبيعة الحرب في أوكرانيا.

على الرغم من السجل المختلط للتهديدات النووية الروسية، تبدو موسكو مصممة على الاستمرار في هذا النهج لتحقيق عدة أهداف، هي: إبطاء الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، حيث ساهمت التهديدات الروسية سابقاً في تأخير تزويد أوكرانيا بأسلحة استراتيجية، وزرع الانقسامات داخل الناتو حيث تسعى روسيا إلى استغلال الخلافات بين حلفاء الناتو حول المخاطر المرتبطة بتصعيد الدعم العسكري لكييف.

الرهانات الروسية

ويبدو أن بوتين يراهن على تغير السياق الدولي، حيث إن تصاعد المخاطر على الأراضي الروسية مع توغل القوات الأوكرانية داخل روسيا نفسها، ترى موسكو أن الردع النووي قد يكون ضروريًا لوقف التصعيد.

كذلك تراهن روسيا على انقسام الحلفاء، وتعتقد أن الخلافات حول الضربات بعيدة المدى توفر فرصة لتقويض الوحدة داخل الناتو.

التداعيات الدولية

ووفق التقرير، يبقى مفتاح مواجهة الردع النووي الروسي في الحفاظ على وحدة الناتو ودعمه لأوكرانيا، وهو ما أكدته الولايات المتحدة وحلفاؤها على التزامهم بالردع النووي وتحديث الترسانة النووية، والضغط على شركاء روسيا في معاهدة حظر الأسلحة النووية للضغط على موسكو لتخفيف خطابها النووي والعودة إلى مفاوضات ضبط التسلح.

وتعد العقيدة النووية الروسية الجديدة محاولة لترهيب خصوم موسكو وفرض شروط جديدة في ساحة الحرب. ومع ذلك، فإن استمرار هذا النهج يزيد من احتمالية التصعيد ويهدد الاستقرار الدولي. يبقى التحدي الأكبر للمجتمع الدولي هو كبح جماح الخطاب النووي الروسي وضمان بقاء الردع في إطار الحفاظ على السلم العالمي.