في خضّم الأزمة التي تعصف بدولة الاحتلال إسرائيل بسبب ملف المحتجزين والمواجهة المستمرة مع المقاومة الفلسطينية، تتزايد التعقيدات السياسية والأمنية التي تعرقل المضي قدمًا في مفاوضات حساسة لتحقيق الإفراج عن المحتجزين وإنهاء الحرب.
تُبرز التفاصيل الأخيرة لاجتماعات قيادة الاحتلال الإسرائيلي حجم الصراع الداخلي، حيث تتنازع الآراء بين تمسك القيادة السياسية بقيود صارمة وتمسك فريق التفاوض بتوسيع صلاحياته.
خلافات داخلية
في جلسة ليلية عُقدت هذا الأسبوع، دعا رئيس الموساد، ديدي بارنيع، واللواء نيتسان ألون، أعضاء فريق التفاوض، إلى توسيع مجال المناورة الممنوح لهم في الشروط المحددة لإجراء المفاوضات مع حماس.
وبحسب مصادر مطلعة نقلت عنهم "يديعوت أحرونوت" العبرية، أكد بارنيع وألون أن استمرار المفاوضات يتطلب مرونة أكبر في الاستراتيجية، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس رفضا هذا الطلب بشكل قاطع، مشيرين إلى أن المطالب المطروحة ليست ملموسة بما يكفي لتبرير تغيير النهج القائم.
ونقلت المصادر أن "كل شيء يتفكك، نحن نتحدث مع أنفسنا - لا يوجد تقدم"، وعلى الرغم من هذا، أوضح مكتب نتنياهو أنه لم يتلقَّ أي اقتراح واضح من فريق التفاوض، فيما اعتبر مكتب وزير الدفاع هذه التقارير "أكاذيب" لا أساس لها.
في مواجهة هذا الجمود، تواجه حماس بدورها الضغوط الدولية لكنها ترفض جميع المقترحات المقدمة من إسرائيل، مؤكدة مطلبها الأساسي بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة ووقف الحرب.
أزمة المحتجزين تؤجج الغضب
وسط النقاشات المحتدمة حول مصير المحتجزين، شهد الكنيست الإسرائيلي أحداثًا درامية، حيث حضر أقارب المحتجزين إلى قاعة الجلسات العامة، حاملين صور أحبائهم قبل أن يتم إخراجهم من القاعة إثر تصاعد حدة التوتر.
وأُخرج نواب المعارضة أيضًا بعد أن قاطعوا كلمة نتنياهو في حين أمر رئيس الكنيست، أمير أوحانا، بإخلاء المنصة المخصصة للعائلات وإغلاقها بالكامل.
في خطابه داخل الكنيست، أشار نتنياهو إلى أن "النصر" هو الاستراتيجية الشاملة، معتبراً أن إطلاق سراح المحتجزين جزء لا يتجزأ من تحقيق هذا النصر، وأن اتخاذ القرارات بشأن هذا الملف ليس بالأمر السهل، لكنه أكد على إمكانية تحقيق تقدم، قائلاً: "سنحقق إطلاق سراح العشرات من المحتجزين الآخرين، وآمل أن يتم ذلك في المستقبل القريب".
اجتماعات أمنية رفيعة المستوى
على صعيد آخر، أجرى وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، قبل المناقشات الليلية، تقييمًا للوضع الأمني مع كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي، ورئيسي الموساد والشاباك، لبحث الخيارات المتاحة لاستعادة المحتجزين. ومع ذلك، لم تُسفر هذه الاجتماعات عن أي تقدم ملموس يُذكر.
تُسلط هذه التطورات الضوء على التعقيدات السياسية والأمنية التي تعيق التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين في إسرائيل. ومع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح دولة الاحتلال الإسرائيلية في تجاوز خلافاتها الداخلية ووضع استراتيجية فعّالة لتحقيق الإفراج عن الرهائن وإنهاء هذه الأزمة؟