عن جدارة، تستحق قضية الوثائق السرية الزائفة التي سربها إسرائيليون تحت عنوان "وثائق السنوار"، لقب "الفضيحة الأمنية" في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا وكأنه متعمد أن يقف بلا حراك تجاه كل من يورطه، وآخرهم أحد المتحدثين باسم مكتبه.
وكما يشير تقرير لموقع "يديعوت أحرنوت"، فإن القضية في واقعها "أربع قضايا منفصلة تضافرت معًا في مؤامرة إجرامية، أمنية وسياسية"، وفق تعبير الصحفي رونين بيرجمان.
يقول: "إذا تمت إدانة المعتقلين -المتحدث باسم مكتب نتنياهو وعدد من المشتبه بهم الآخرين- كما يقول مسؤول كبير مطلع على التفاصيل، فمن المتوقع أن يقضوا فترة طويلة في السجن قد تصل إلى 15 عامًا".
وحسب التقرير، فإن هذه الفضيحة تزلزل مقعد نتنياهو المتأرجح بالفعل منذ 7 أكتوبر، بعد إفشال حكومته إتمام صفقات تبادل وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين مع حركة حماس، بينما "الجهد الأسمى الذي يبذله مكتب نتنياهو ليس إطلاق سراح المحتجزين، وليس إنهاء الحرب. بل الحفاظ على الحكومة القائمة، ومحاولة لتحويل دفة الأمور أمام الرأي العام، ومحاولة لجعل أهوال 7 أكتوبر تختفي، والابتعاد قدر الإمكان عن لجنة تحقيق حكومية. إلى جانب الحفاظ على الائتلاف وحملة ضد الذهاب إلى الانتخابات"، وفقًا لشخص مطلع على نشاط المكتب.
أربع قضايا
يوضح بيرجمان أن أول القضايا الأربع هي الكشف عن معلومات استخباراتية تُعّد سرية للغاية -بغض النظر عن صحتها أو تلفيقها- خارج الجيش وخارج إسرائيل كلها. حيث تُضاف مخاطر محتملة لكشف أساليب عمل "حساسة للغاية"، حسب قوله، بمجرد الإعلان عن احتفاظ إسرائيل بهذه الوثائق.
الثانية، هي كيف سمحت السلطات الأمنية لشخص القدرة على الوصول لكل مكان يتواجد به نتنياهو. بينما هذا الشخص فشل في عملية التصنيف الأمني لجهاز "الشاباك"، الذي أوصى بمنع دخوله إلى اجتماعات ومناطق معزولة. لكنه كان مشاركًا في معظم محادثات رئيس الوزراء.
يقول: "رافقه في رحلات بسيارته وطائرات الهليكوبتر عندما كانت تجري محادثات سرية فيها، واجتماعات تقييم الوضع لمجتمع الاستخبارات. وإذا كانت رواية مكتب رئيس الوزراء صحيحة بأن المعتقل لم يكن من المكتب على الإطلاق وليس له أي دور فيه، فمن الذي سمح له بالضبط بالتقرب من شخص يعتبر من الأكثر أمانا في البلاد؟"
الثالثة، الإهمال في التعامل مع الوثائق السرية في مكتب رئيس الوزراء "والتي تم إخراجها من خزائن السكرتارية العسكرية التي تحتوي على أسرار إسرائيل الخاضعة لحراسة مشددة. صارت تنتشر دون رادع في أماكن لا حصر لها. من المدهش مدى الازدراء الذي يعاملون به أهم القضايا الأمنية لنا جميعًا"، بحسب مصدر مطلع على الوثائق الحساسة في دولة الاحتلال تحدث إلى "يديعوت أحرنوت".
أما الرابعة، وحسب تعبير التقرير، فهي "نظام تأثير واسع النطاق، خبيث، كاذب، منسق ومتطور للغاية، مصمم لاستخدام تسريب متطور، زوّر وثائق لتفسير سبب عدم عودة المحتجزين إلى ديارهم".
مشكلة مزدوجة
كان إلقاء القبض على المشبه بهم -دون تسريب معلومة واحدة- صاعقة ضربت الدوائر الأمنية والسياسية الإسرائيلية وأربكت مكتب نتنياهو. وعند تحرك رجله المقرّب ليقابل المحققين "تحرك معه حشد من المحامين، كما يحدث مع أي شخص من حاشية نتنياهو يُخشى أن يتم استدعاؤه للاستجواب"، حسب التقرير.
ينقل التقرير عن المصدر المطلع على تحركات نتنياهو أنه "من الواضح أن بيبي يريد إنقاذ المحتجزين، إذا تمكن من فعل ذلك مقابل تكلفة زهيدة وغير ذات أهمية، فهو ما سيفعله بالتأكيد. لكن بيبي لديه أولويات أعلى، وأعلى بكثير".
يوّضح: "أخبره شركاؤه أنه إذا ذهب إلى صفقة، فسوف يفككون الائتلاف. هو نفسه يخشى من صفقة قد تؤدي إلى ذلك، عندها ستكون المطالبة بإجراء الانتخابات وتشكيل لجنة التحقيق".
وأضاف: "نتنياهو يواجه مشكلة مزدوجة. لا يستطيع أن يخبر الجمهور بالحقيقة حول سبب معارضته للصفقة وأن الجانبين توصلا إلى متقاربة جدا في بداية يوليو، واعتقد المكتب أنه كان على وشك التوصل إلى اتفاق. فيقوم المحيطون به بحملات هندسة العقل، بعضها يجري في الخارج، ولكن جميعها موجهة إلى الداخل، إلى الجمهور في إسرائيل".
وتابع: "يخترعون أسبابًا بعيدة المنال ولكنها تبدو جيدة ومشروعة. يهاجمون عن طريق استخدام وثائق مزورة تم اختراعها".
"في نهاية المطاف، إذا كنت تريد تلخيص ما يحدث هنا في جملة واحدة. هم مجموعة تجلس في الظلام، تتآمر، تنشط عملاء في الجيش الإسرائيلي، تفضح الأسرار، تعرض الأساليب والمصادر للخطر، تزور وثائق، تغذي وسائل الإعلام بمعلومات مضللة، وكل ذلك من أجل إفشال صفقة المحتجزين". هكذا ينقل التقرير عن مسؤول كبير في الاستخبارات العسكرية مطلع على تفاصيل قضية الوثائق.
وقال: "هذه قضية خطيرة للغاية في جوانبها الأمنية الاستخباراتية، حيث يوجد خوف جدي من الكشف عن أساليب عمل الاستخبارات الإسرائيلية".
يضيف: "إن إعلان مكتب رئيس الوزراء أن أحدًا من أعضاء المكتب لم يتم القبض عليه أو التحقيق معه كاذب وصارخ. إنهم يعلمون جيدًا الجهود التي بذلت ليكون موظفًا في المكتب. لقد كان يؤدي وظيفته ويتمتع بإمكانية الوصول إلى الوثائق السرية مثل أي موظف، وفي الواقع أكثر بكثير من معظم الموظفين".
وأكد: "السبب الوحيد لعدم وجوده هناك رسميًا، هو أنه لم يجتاز جهاز كشف الكذب. وكان ممنوعًا -رسميًا- تمامًا منحه إمكانية الوصول إلى هذه الوثائق".