في خطوة أثارت موجة من الانتقادات الدولية، أقر الكنيست الإسرائيلي تشريعًا يمنع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل داخل إسرائيل.
ويأتي هذا التشريع، ليضعف الدور الإنساني للوكالة ويفاقم الأوضاع المتأزمة للاجئين الفلسطينيين، خصوصًا مع تدهور الوضع الإنساني في غزة.
تفاصيل التشريع وأبعاده
وفقاً لما نشرته وكالة "رويترز"، أقر الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، تشريعًا يقضي بمنع وكالة "الأونروا" من تقديم خدماتها داخل الأراضي (المحتلة) الإسرائيلية، وهو القانون الذي يهدف إلى منع موظفي "الأونروا" من التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين أو تقديم أي خدمات للاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل.
وأثارت هذه الخطوة قلقًا دوليًا واسعًا، حيث أعربت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، عن قلقها من تبعات هذا التشريع الذي قد يترك فراغًا كبيرًا في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للفلسطينيين، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
اتهامات بالتدخل الأمريكي
في سياق متصل، ذكرت صحيفة "سي إن إن" في تقرير لها أن النائبة الإسرائيلية البارزة "يوليا مالينوفسكي" هي من تقف وراء مشروع القانون، والتي وجّهت اتهامًا للسفير الأمريكي في إسرائيل "جاكوب ليو" بالتدخل في العملية التشريعية، والتواصل بزعماء المعارضة، بمن فيهم أفيجدور ليبرمان ويائير لابيد وبيني جانتس، بهدف عرقلة تمرير القانون، مؤكدة أن "التدخل الأمريكي في هذه القضية غير مقبول".
ورغم رفض وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على ما وصفته بـ"المحادثات الدبلوماسية الخاصة"، إلا أنها أشارت إلى أن القانون المقترح سيترك فراغًا كبيرًا في تقديم الخدمات الإنسانية، ما قد يضع على عاتق إسرائيل مسؤولية ملء هذا الفراغ.
مخاوف دولية
وتعالت التحذيرات الدولية حول هذا التشريع، إذ أعرب وزراء خارجية كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، في بيان مشترك، عن "قلقهم البالغ" من هذا القرار.
وأضاف الوزراء أن "الأونروا" تقدم خدمات إنسانية أساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن، وأنه في حال توقفها عن العمل، سيؤدي ذلك إلى إعاقة توزيع المساعدات الإنسانية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية وتوزيع الوقود، ما قد يكون له عواقب إنسانية خطيرة، لا سيما في غزة.
كما ناشد الوزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلية بالالتزام بتعهداتها الدولية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق إلى المحتاجين.
الأزمة الإنسانية في غزة
وسط استمرار العمليات العسكرية في غزة، حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من الأوضاع المأساوية التي يعيشها السكان الفلسطينيون هناك.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن "الدمار والحرمان الناجمين عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة جعلت الحياة هناك غير قابلة للاستمرار"، مشيرًا إلى مستويات القتل والإصابة والتدمير الهائلة التي خلفها الصراع.
وأضاف "جوتيريش" أن مئات الفلسطينيين قُتلوا، فيما شُرِّد الآلاف، حيث تعرضت المستشفيات للقصف، واحتُجز العاملون في المجال الطبي، ما منع تقديم الرعاية الصحية الضرورية. وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الرفض الإسرائيلي لمحاولات إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
الأونروا والانتقادات الإسرائيلية
لطالما كانت "الأونروا" هدفًا للانتقادات الإسرائيلية، وتزعم الحكومة الإسرائيلية أن بعض موظفي الوكالة ينتمون إلى حركة "حماس"، وهو اتهام نفته المنظمة الأممية بشدة، إذ أكد المتحدث باسم "الأونروا" أن الوكالة تقدم خدمات حيوية للاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أنها تتعامل مع اللاجئين في مناطق عدة، منها غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن، وأن وقف عملها سيزيد من حدة الأزمة الإنسانية في المنطقة.
معاناة المدنيين في غزة تتفاقم
وأفادت "سي إن إن" نقلاً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن سكان شمال غزة بأكملهم أصبحوا "معرضين لخطر الموت"، مع استمرار القصف الإسرائيلي المكثف على المنطقة.
وذكرت وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، أن مئات الفلسطينيين قُتلوا، وتعرضت المستشفيات للقصف، وتشتت الأسر، ما زاد من معاناتهم اليومية.
كما ذكرت "مسويا" أن "ما تفعله قوات الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة المحاصر لا يمكن السماح باستمراره"، مضيفة أن "هذا الاستهتار الصارخ بالإنسانية وقوانين الحرب يجب أن يتوقف".