كشفت بيانات حديثة عن تراجع ملحوظ في أعداد الناخبين المسجلين للحزب الديمقراطي في عدة ولايات رئيسية، مما قد يُشكل تحديًا كبيرًا لنائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية كامالا هاريس، في سباقها نحو البيت الأبيض، ووفقًا لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، فإن هذا التراجع يُعد مؤشرًا خطيرًا لحملتها.
تراجع بالولايات المتأرجحة
أظهرت البيانات التي حصلت عليها "ذا هيل" انخفاضًا في تسجيل الناخبين الديمقراطيين في ثلاث ولايات رئيسية هي بنسلفانيا ونورث كارولاينا ونيفادا، وهي ولايات تعتبر ساحات معركة حاسمة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما يجعل هذا التراجع مصدر قلق كبير لحملة هاريس.
في بنسلفانيا، على سبيل المثال، أشار ديفيد باليولوجوس، مدير مركز البحوث السياسية بجامعة سوفولك في بوسطن، إلى أن ميزة تسجيل الناخبين الديمقراطيين انخفضت من حوالي 666 ألف ناخب في عام 2020 إلى 354 ألف ناخب في عام 2024.
تحدٍ إضافي لهاريس
في ولاية أريزونا، وهي ولاية أخرى محورية، زاد تسجيل الناخبين الجمهوريين بشكل كبير، إذ إنه وفقًا لباليولوجوس، تضاعف منذ عام 2020، ليرتفع من 130 ألف ناخب إلى 259 ألف ناخب.
هذا التحول قد يجعل من الصعب على هاريس الفوز بولاية فاز بها بايدن بهامش ضئيل في عام 2020، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على استراتيجيات الحملة الانتخابية لكلا الحزبين.
أسباب التراجع
يرجع الخبراء هذا التراجع إلى عدة عوامل مترابطة، إذ رأى بيروود يوست، مدير مركز بحوث الرأي في كلية فرانكلين ومارشال في بنسلفانيا، لصحيفة "ذا هيل"، أن "الناس يشعرون بسلبية شديدة تجاه رئاسة بايدن"، مشيرًا إلى أن الشعور بعدم الرضا عن أداء الإدارة الحالية قد يكون دافعًا رئيسيًا وراء تحول بعض الناخبين عن الحزب الديمقراطي.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت لارا بوتنام، مؤرخة في جامعة بيتسبرج، إلى عامل ديموغرافي مهم، حيث إن الديمقراطيين الأكبر سنًا يموتون، بينما يغير الناخبون المعروفون سابقًا باسم "ديمقراطيو ريجان" انتماءهم الحزبي إلى الجمهوريين، ما يمكن أن يكون له تأثير طويل المدى على التوازن السياسي في هذه الولايات.
أضافت بوتنام عاملًا آخر بقولها إن "تراجع قوة النقابات وانتقال الديناميكية الاقتصادية إلى أماكن أخرى قد كسر الصلة بين التصويت الديمقراطي والمناطق الصناعية القديمة"، موضحة أن هذا التغيير في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمناطق التي كانت تقليديًا معاقل للحزب الديمقراطي، يمثل تحديًا إضافيًا لحملة هاريس في محاولتها للحفاظ على قاعدة الناخبين التقليدية للحزب.
استراتيجيات الديمقراطيين
رغم هذه التحديات، يرى بعض الاستراتيجيين الديمقراطيين أن الوضع ليس بالسوء الذي يبدو عليه، إذ يقول ج.ج. بالابان، استراتيجي ديمقراطي مقره في بنسلفانيا، إن "ما يحدث هو أن بعض الديمقراطيين المسجلين يغيرون أحزابهم ليعكسوا كيف كانوا يصوتون منذ سنوات"، ما يُشير إلى أن التغيير في التسجيل قد لا يعكس بالضرورة تغييرًا في سلوك التصويت، بل قد يكون مجرد تحديث للتسجيلات لتتماشى مع الممارسات الفعلية للتصويت.
في نورث كارولاينا، يقدم الاستراتيجي الديمقراطي، مورجان جاكسون وجهة نظر مختلفة، إذ يرى أن "الناخبين الأصغر سنًا، الذين من المرجح أن يصوتوا لهاريس، يسجلون بشكل متزايد كمستقلين"، مؤكدًا أن هذا الاتجاه يمكن أن يكون فرصة للحزب الديمقراطي لاستهداف هذه الفئة بشكل أكثر فعالية في حملاتهم الانتخابية.
تداعيات انتخابية
وتلقي هذه التغيرات في تسجيل الناخبين، بظلالها على الاستعدادات الانتخابية للديمقراطيين، كما أنها قد تفسر أسباب تحول حملة هاريس نحو الوسط في قضايا مثل التكسير الهيدروليكي والسياسة الضريبية، حسب الصحيفة الأمريكية.
وإجمالًا، يمكن أن يكون هذا التحول الاستراتيجي محاولة لاستمالة الناخبين المستقلين والمترددين في الولايات المتأرجحة، ومع ذلك، تظل هاريس متقدمة على الرئيس السابق دونالد ترامب في استطلاعات الرأي في بعض الولايات مثل نيفادا، مما يشير إلى أن الوضع ليس قاتمًا تمامًا بالنسبة للحزب الديمقراطي.