شهادة جديدة من قلب تل أبيب، تؤكد أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لا يريد إنهاء الحرب على غزة ولبنان، بذريعة القضاء على حماس وحزب الله، لأجل بقائه السياسي.
ونقلت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، عن ألون بينكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المتزايدة في غزة ولبنان، والرد الوشيك على الهجوم الصاروخي الإيراني، هي شهادة على حاجة نتنياهو إلى البقاء السياسي.
وقال بينكاس متحدثًا من تل أبيب: "نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب. لقد أراد تمديد الحرب وإطالة أمدها؛ من أجل خلق أجواء حربية مهمة ومفيدة له سياسيًا".
وبدا واضحًا أن صورة نتنياهو التي رسمها لنفسه بأنه "سيد الأمن" قد تحطمت بشكل لا رجعة فيه، منذ هجوم الفصائل على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023، والعدوان المتواصل الذي يشنه جيش الاحتلال على القطاع الفلسطيني منذ ذلك الحين.
ومنذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023، رفض رئيس حكومة الاحتلال الدعوات الدولية لوقف الحرب، ومضى قدمًا في إبادة القطاع الفلسطيني، بذريعة القضاء على حماس واستعادة المحتجزين، وهو الهدف الذي فشل جيش الاحتلال في تحقيقه حتى الآن.
وأصرّ نتنياهو على اجتياح رفح الفلسطينية المُكدسة بالنازحين، رغم التحذيرات القوية من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من الإقدام على تلك الخطوة المحفوفة بالمخاطر.
ويتخوف نتنياهو من انهيار ائتلافه الحكومي الذي يضم عددًا من الوزراء المتطرفين، حال التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مع الفصائل الفلسطينية في غزة لاستعادة المحتجزين في القطاع.
ومع نجاح الجهود المصرية والقطرية في التوصل لهدنة مؤقتة لعدة أيام في نوفمبر الماضي، وتم خلالها إبرام صفقة تبادل جزئية، أفسد رئيس حكومة الاحتلال جهود الوسطاء، التي تهدف لتمديد الهدنة؛ لإدراكه بأن أي مفاوضات سياسية ستؤدي في النهاية لوقف الحرب، وبالتالي سقوط ائتلافه الحكومي الذي يتمسك بإبادة الفلسطينيين وعدم الالتفات إلى حياة أي محتجز إسرائيلي في غزة.
ومع اقتراب الوسطاء في مفاوضات التهدئة لإنجاز اتفاق تهدئة جديد، يخرج نتنياهو بحجج وذرائع واهية، منها أنّ "أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، يجب أن يتيح لإسرائيل مواصلة القتال حتى تحقق أهداف الحرب".
ويتمسك نتنياهو ببقاء جيش الاحتلال في غزة، من خلال السيطرة على محوري فيلادلفيا على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ونتساريم وسط القطاع، وهو ما قوبل برفض مصري قاطع.
ويصر نتنياهو على بقاء قوات الاحتلال في فيلادلفيا، رغم أنّ مسؤولي أمن ودفاع الاحتلال، وغالبية الإسرائيليين، وفقًا لاستطلاع رأي أجرته صحيفة "معاريف" في وقت سابق، يؤيدون الانسحاب من المحور.
وكشف استطلاع سابق أجرته "القناة 12" الإسرائيلية، أن أكثر من نصف الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب على غزة، المستمرة منذ أكثر من عام، تطول بسبب "اعتبارات سياسية" لنتنياهو.
وضاق الداخل الإسرائيلي ذرعًا من نتنياهو، ومحاولاته المستمرة لنسف جهود الوساطة الرامية لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل للمحتجزين بقطاع غزة، فمن تظاهرات لا تهدأ حدتها إلى تهديدات داخل جيش الاحتلال بالاستقالة.
وطموح نتنياهو السياسي جعل عددًا من كبار الضباط داخل جيش الاحتلال يهددون بتقديم استقالتهم، إذ أكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن كبار الضباط يتهمون نتنياهو وحكومته بالتلاعب المستمر والتهرب من قرارات جريئة تنهي الحرب.
ونقلت الصحيفة أيضًا عن مصادر عسكرية قولها، إن محاولات نتنياهو المستمرة للتنصل من مسؤولياته واستعانته بالوزيرين المتطرفين في حكومته إيتمار بن جفير وبتسئيل سموتريتش هما السببان المباشران لتصعيد الأوضاع في غزة أو في الضفة الغربية المحتلة.
وذكرت "سي. إن. إن" أن نتنياهو وسع نطاق الحرب على غزة، بالعدوان على لبنان، بذريعة القضاء على حزب الله، كما تدرس حكومة الاحتلال توجيه رد على الهجوم الصاروخي الإيراني.
وقال بينكاس متحدثًا عن نتنياهو: "لا أرى أنه سينهي الحرب"، مستشهدًا برفض لرئيس حكومة الاحتلال المتكرر لخطط الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن غزة بعد الحرب، ورفضه التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع لاستعادة المحتجزين. وأضاف الدبلوماسي الإسرائيلي السابق: "لم يعد نتنياهو يذكر المحتجزين، ولا يزال هناك 100 محتجز في غزة".
ويؤكد بينكاس أن وقف إطلاق النار في غزة فقط من شأنه أن يؤدي إلى خفض التصعيد في لبنان، ولكن رئيس حكومة الاحتلال "رفض بشكل خاطئ رؤية هذا المنطق".