ترى الولايات المتحدة في استغلال تدهور حزب الله بفعل الضربات الإسرائيلية، فرصة لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، وإخراج الجماعة من المعادلة السياسية هناك، وإبعاد عناصره إلى حدود 2006.
وكثفت إسرائيل بدءًا من 23 سبتمبر الماضي، غاراتها الجوية على لبنان، مستهدفة معاقل لحزب الله، وبدأت بعد أيام عمليات برية في جنوب لبنان.
وذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أنه مع تنفيذ إسرائيل عمليات تخريبية وعسكرية في لبنان، أدت إلى اغتيال العديد من كبار قادة حزب الله، يعتقد البعض في واشنطن أن هناك فرصة لمحاولة جديدة لكسر الجمود السياسي في لبنان، ومحاولة تخفيف حدة الحرب المتصاعدة.
وقالت المجلة، إنه لتحقيق هذه الغاية، تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن هاتفيًا بشكل منفصل، أمس الجمعة، مع رئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بشأن الحاجة إلى حل الوضع.
وحسبما ذكرت الخارجية الأمريكية، ناقش بلينكن مع المسؤوليْن اللبنانييْن "شغور منصب الرئاسة في لبنان والحاجة إلى تعزيز القيادة التي تعكس إرادة الشعب من أجل لبنان مستقر ومزدهر ومستقل"، والحاجة إلى "ملء المنصب من خلال الوسائل الديمقراطية".
وقال "بلينكن"، إنّ "الولايات المتحدة ملتزمة بالتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع عبر الخط الأزرق ينفذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701".
وفي وقت سابق من الأسبوع، تحدث بلينكن مع نظرائه في السعودية وقطر وفرنسا حول كيف يمكن للقرار، بجانب انتخاب رئيس لبناني جديد، أن يقلل من التوترات في الشرق الأوسط من خلال دفع حزب الله إلى تحريك قواته بعيدًا عن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية، إلى الخط المحدد في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006.
وأرسى القرار 1701 وقفًا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006، وينص القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" في جنوب لبنان، وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.
ويمتد الخط الأزرق على طول 120 كيلومترًا على طول الحدود بين جنوب لبنان والمستوطنات الشمالية الإسرائيلية، وهو أحد العناصر المركزية للقرار 1701 منذ حرب عام 2006، وتتولى قوات "يونيفيل" مهمة حراسته مؤقتًا.
وتُصرّ إسرائيل على انسحاب قوات حزب الله إلى شمال الليطاني، بينما يتمسك الأخير بالبقاء جنوب النهر، كما ترغب تل أبيب في إخراج الصواريخ عن مدى رمايتها، إضافة إلى خلق منطقة عازلة لتأمين شمال إسرائيل.
ويقسم نهر الليطاني الجنوب اللبناني إلى ما يشبه جزيرتين، تتصل ضفتاها عبر جسور رئيسية وفرعية، وتعرف المنطقة التي تقع قبل الجسور باتجاه العاصمة بيروت باسم منطقة شمال الليطاني، أما المنطقة باتجاه الحدود مع المستوطنات فتسمى منطقة جنوب الليطاني.
أما العمق الذي يفصل مجرى النهر عن الخط الأزرق فيبلغ في حده الأقصى 28 كيلومترًا في القطاع الأوسط، فيما يبلغ في حده الأدنى 6 كيلومترات في أقصى القطاع الشرقي.
وتلقي الولايات المتحدة باللوم في الفراغ الرئاسي بلبنان منذ عامين على معارضة حزب الله للتسوية، وبعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، اجتمع البرلمان اللبناني المنقسم بشدة عدة مرات لانتخاب خليفة له، لكنه فشل في كل مرة.
وحسب بوليتيكو، يدعم حزب الله سليمان فرنجية، وهو سياسي مسيحي متحالف مع الجماعة الشيعية، وطرح الفصيل المعارض سلسلة من الأسماء، ولكن الرجل الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المنافس الرئيسي لفرنجية، على الرغم من أنه لم يعلن ترشيحه رسميا، هو قائد الجيش اللبناني الجنرال جوزيف عون، الذي يُنظَر إليه عمومًا على أنه قريب من الولايات المتحدة، وفق المجلة الأمريكية.
وقال إيد جابرييل، رئيس فريق العمل الأمريكي بشأن لبنان، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى بناء علاقات أقوى بين الولايات المتحدة ولبنان، إن المجموعة لديها احترام كبير لقائد الجيش اللبناني، و"قيادته للمؤسسة الوحيدة العاملة بكامل طاقتها في لبنان".
وأضاف جابرييل: "الفرصة سانحة الآن أمام أعضاء البرلمان اللبناني للانعقاد وانتخاب رئيس نظيف وكفء وموجه نحو الإصلاح، قادر على تشكيل حكومة قادرة على توجيه لبنان عبر مرحلة خطيرة ولكنها حرجة".
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤولين أمريكيين، على اطلاع بأفكار إدارة بايدن الحالية بشأن ملف لبنان، أنه قد تكون هناك فرصة للتحرك في أعقاب التدهور الأخير الذي تعرض له حزب الله على يد إسرائيل.
وكشف المسؤولون الأمريكيون أنّ هذا الرأي ليس متفقًا عليه في واشنطن، إذ يزعم بعض المسؤولين أنّ حزب الله متجذر للغاية في المشهد السياسي اللبناني، وجيشه وخدماته المدنية والاجتماعية إلى الحد الذي لا يمكن معه القضاء على نفوذه.