يواجه سكان ولاية فلوريدا الأمريكية تحديًا ماليًا كبيرًا مع اقتراب إعصار ميلتون، في وقت لا يزالون فيه يتعافون من آثار إعصار هيلين الذي ضرب المنطقة مؤخرًا.
ووفقًا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، فإن التكاليف المرتبطة بالأعاصير أصبحت هائلة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المناطق المعرضة للخطر، ويكافح العديد منهم للتعامل مع هذه الأعباء المالية.
قرارات صعبة
يضطر السكان في المناطق المهددة بالأعاصير إلى اتخاذ إجراءات وقائية مكلفة لحماية منازلهم وممتلكاتهم، فعلى سبيل المثال، استثمرت أليكساندرا مارسيلا، وهي معلمة تقيم في ساراسوتا بفلوريدا، وزوجها، مبالغ كبيرة في تركيب سقف جديد ونوافذ مقاومة للأعاصير من الفئة الخامسة في عام 2021.
ومع ذلك، لا تزال مارسيلا قلقة بشأن مخاطر ارتفاع منسوب المياه، ما دفعها للجوء إلى منزل والديّ زوجها مع طفليها الصغيرين خلال العاصفة.
وفي تامبا، اضطرت فائزة باتيل، وهي صيدلانية تبلغ من العمر 29 عامًا، وزوجها، إلى إنفاق مئات الدولارات على الاستعدادات الأخيرة قبل إعصار ميلتون.
ونقلا سيارتيهما إلى مكان مرتفع في مرآب، ووضعا مصاريع وأغطية على أبواب منزلهما، بالإضافة إلى أكياس الرمل خارجه لمنع الفيضانات.
تكاليف باهظة
وفقًا لتقرير "ذا جارديان"، يمكن أن تكون الآثار المالية للأعاصير مدمرة، إذ أشارت شركة CoreLogic، وهي شركة متخصصة في تحليل البيانات، إلى أن الأضرار الناجمة عن إعصار هيلين تكلفت ما بين 30.5 و47.5 مليار دولار في 16 ولاية أمريكية.
ومن المثير للقلق أن جزءًا كبيرًا من هذه الخسائر قد لا يكون مغطى بالتأمين، مما يترك أصحاب العقارات مسؤولين عن دفع تكاليف الإصلاحات.
وتشير الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA) إلى أن بوصة واحدة فقط من المياه يمكن أن تتسبب في أضرار تقدر بنحو 25 ألف دولار للعقار الواحد.
المساعدات الحكومية
على الرغم من وجود وكالات فيدرالية للمساعدة مثل FEMA، يحذر الخبراء من أن هذه المساعدات ليست حلًا اقتصاديًا كاملًا للأضرار الناجمة عن الأعاصير، إذ يقول كريس إمريتش، أستاذ العلوم البيئية والإدارة العامة في جامعة وسط فلوريدا، إن FEMA "ليست مصممة لجعل الناس يستعيدون كل ما فقدوه".
وفقًا للإحصائيات التي أوردتها "ذا جارديان"، بلغ الحد الأقصى لمنحة FEMA 42,500 دولار للسكن أو المساعدات الأخرى اللازمة للتكاليف المتعلقة بالكوارث.
ومع ذلك، كان متوسط المبلغ الذي تلقته العائلة الواحدة بين عامي 2016 و2022 3,000 دولار فقط، وهو جزء بسيط مما قد يُنفق في النهاية على إصلاحات المنازل.
حماية ضرورية
يوصي الخبراء بالتخطيط المسبق وشراء بوليصة تأمين ضد الفيضانات، خاصة من البرنامج الوطني للتأمين ضد الفيضانات (NFIP).
ومع ذلك، يواجه سكان فلوريدا تحديًا إضافيًا في هذا الصدد، فبمتوسط يقارب 10,000 دولار سنوياً لمنزل قيمته 300,000 دولار، تمتلك فلوريدا أعلى أقساط تأمين على المنازل في البلاد، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المخاطر التي تشكلها الكوارث الطبيعية المتكررة.
وقالت "باتيل" إن تكلفة بوليصة التأمين ضد الفيضانات كانت مفاجأة كبيرة لها ولزوجها: "كان علينا إجراء الكثير من البحث للعثور على تأمين لن يستنزف أموالنا، نظرًا لارتفاع التكلفة، انتهى بنا الأمر باختيار واحد من أرخص الخيارات، ولكنه يغطي ما نحتاجه"، حتى هذا الخيار الأرخص كلفهم 1,300 دولار سنويًا.
خيار صعب
مع تزايد وتيرة الأعاصير وشدتها، يفكر بعض السكان في الانتقال بعيدًا عن المناطق المعرضة للخطر. إذ قالت مارسيلا: "أودّ أن أرحل، لكن زوجي لديه عمل هنا وعائلتينا هنا، عندما تكون في المجتمع وقد استقررت فيه، يصبح الأمر أكثر تعقيدًا من هذا المنظور".
وأضافت مارسيلا: "النظر إلى كل هذه الأشياء الخاصة بالطفل في غرفة الحضانة، والتفكير في ما هو ضروري لأخذه وما أنا على استعداد لخسارته.. هو أمر صعب للغاية من الناحية العاطفية، ماذا سنجد عندما نعود؟ إنه أمر مخيف أن نفكر في فقدان كل هذه الأشياء ذات القيمة العاطفية".