رفضت العديد من السجون في ولاية فلوريدا الأمريكية إخلاء نزلائها، على الرغم من اقتراب إعصار ميلتون القوي من سواحل الولاية، الأمر الذي يضع آلاف السجناء في مواجهة مباشرة مع خطر الإعصار الوشيك، ما يثير تساؤلات حول حقوق الإنسان وسلامة المحتجزين في مواجهة الكوارث الطبيعية.
ووفقًا لمجلة نيوزويك، يقع سجن مقاطعة ماناتي، الذي يضم 1200 سجين، الكائن في الجانب الجنوبي الشرقي من خليج تامبا، في مسار الإعصار ميلتون مباشرة، ورغم ذلك أكد ممثل عن السجن أنهم لن ينفذوا أمرًا بإخلاء المنشأة.
وما يزيد الأمر خطورة هو أن السجن يقع ضمن المنطقة A للإخلاء، وهي المنطقة التي يتوقع أنّ تواجه ارتفاعًا في منسوب المياه يصل إلى 11 قدمًا، ورغم أن هذه المنطقة من المفترض أن تكون الأولى في عمليات الإخلاء، تصر إدارة السجن على البقاء.
نمط متكرر
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا ليس حدثًا جديدًا، إذ سبق أن رفضت سجون في ولايات أخرى إخلاء نزلائها خلال الكوارث الطبيعية.
على سبيل المثال، في ولاية كارولينا الجنوبية، لم يتم إخلاء سجنين على الأقل خلال إعصار فلورنس في عام 2018.
وخلال إعصار كاترينا في عام 2005، تُرك مئات السجناء في سجن مقاطعة أورليانز لمدة أربعة أيام وسط المياه المتصاعدة دون طعام أو ماء.
وتثير هذه الحوادث تساؤلات جدية حول مدى استعداد المنشآت الإصلاحية للتعامل مع الكوارث الطبيعية وحماية حقوق النزلاء في مثل هذه الظروف.
وفقًا لما ذكرته "ذا جارديان" نقلًا عن وسائل إعلام محلية، ستبقى منشآت إصلاحية في مقاطعات ساراسوتا وهيرناندو وباسكو وتشارلوت ولي أيضًا في أماكنها خلال العاصفة.
ويضع هذا القرار الجماعي يضع آلاف السجناء في خطر محتمل، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامتهم.
حكم بالإعدام
ولفتت "ذا جارديان" إلى حالة القلق التي عبرت عنها جولي ريمر، وهي مواطنة من فلوريدا لديها أقارب في كل من مؤسستي تشارلوت وهاردي الإصلاحيتين، التي صرحت: "عندما حُكم على ابني، لم يكن الحكم عليه بالإعدام"،
ويلخص هذا التصريح مخاوف العديد من عائلات السجناء الذين يشعرون بأن أحباءهم قد تُركوا لمواجهة مصير غير معروف.
وأضافت "ريمر" أن المسؤولين في كلا السجنين أخبروها أنهم لن يقوموا بالإخلاء، مدعين أن "مبانيهم قادرة على تحمل عاصفة مثل هذه"، ما يثير الشكوك حول مدى جدية تعامل إدارات السجون مع خطورة الإعصار القادم.
تحذيرات رسمية
ونقلت "ذا جارديان" عن جودي فيسك، مدير السلامة العامة في مقاطعة ماناتي، قوله: "نحن لا نصدر أوامر الإخلاء باستخفاف، من المتوقع أن يتسبب ميلتون في ارتفاع أكبر لمنسوب المياه مقارنة بإعصار هيلين، لذا إذا كنت قد بقيت خلال هيلين ونجوت بأعجوبة، فلا أنصحك بالمخاطرة مع هذا الإعصار بالذات".
ويتناقض هذا التحذير شديد اللهجة بشكل صارخ مع قرار إدارة السجن بعدم الإخلاء، إذ أفاد مسؤول من سجن مقاطعة ماناتي بأنهم سيخزنون أكياس الرمل واللوازم الأخرى، وفي حالة حدوث فيضان، سيتم نقل النزلاء إلى الطابق العلوي من السجن.
دعم كامل
وتعهد الإدارة الأمريكية حسبما نقلت شبكة "سي بي إس نيوز"، بتقديم كامل الدعم لسكان فلوريدا والمناطق المتضررة من العواصف الأخيرة، إذ أكد الرئيس جو بايدن، خلال تصريحات حول إعصار ميلتون، دعم إدارته لسكان فلوريدا والمناطق المتضررة من العواصف الأخيرة، قائلًا: "نحن معكم".
وأضاف بايدن أن إدارته ستقدم الدعم "طالما استدعى الأمر ذلك للإنقاذ والتعافي وإعادة البناء".
ووصف الرئيس الأمريكي إعصار ميلتون بأنه قد يكون "واحدًا من أكثر الأعاصير تدميرًا التي ضربت فلوريدا منذ قرن"، على الرغم من تخفيض تصنيفه إلى الفئة الثالثة.
وحثّ بايدن السكان في مسار الإعصار على الاستماع إلى المسؤولين المحليين واتباع جميع تعليمات السلامة، مشيرًا إلى أن الانتقال لمسافة بضعة أميال قد يعني الفرق بين الحياة والموت.
كما أعلن بايدن عن حشد الأصول الفيدرالية للمساعدة، بما في ذلك توفير 20 مليون وجبة و40 مليون لتر من المياه، إضافة إلى نشر فرق البحث والإنقاذ والمروحيات والمركبات المائية من قبل البنتاجون.
وألغى بايدن رحلته المقررة إلى ألمانيا وأنجولا للإشراف شخصيًا على استجابة الحكومة الفيدرالية للإعصار، ما يعكس جدية الموقف وحجم التهديد الذي يمثله إعصار ميلتون على سكان فلوريدا والمناطق المحيطة.