يبدأ الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ولاية ثالثة مليئة بالتحديات، تتمثل بجمع بلد مقسوم، شاعت فيه حالة من الاستقطاب عمقتها الانتخابات الأخيرة، ومحاربة الفقر والجوع باقتصاد منهك.
إعادة الأمن الغذائي لـ25 مليون برازيلى
وسيكون الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبرازيل، التى يبلغ عدد سكانها نحو 215 مليون نسمة، تحدياً أساسيًا لـ"دا سيلفا" الذي أكد أن أولويته هي الاهتمام بالأكثر فقرًا. ويعانى نحو 125 مليون برازيلي غياب الأمن الغذائي، بينما يعاني 30 مليونًا الجوع، علمًا بأن الرقم الأخير يوازي عدد من يُنسب إلى "دا سيلفا" فضل انتشالهم من الفقر خلال ولايتيه الأوليين.
المصالحة مع الحلفاء وحماية الأمازون
وعلى الساحة الدولية، يجد "لولا" نفسه أمام مهمة مصالحة البرازيل مع حلفائها الذين أبعدهم اليمينى "بولسونارو". ويتوقع المجتمع الدولي منه خطوات جدية في مجال المناخ والبيئة، أولها تعزيز حماية غابات الأمازون.
وكان "داسيلفا" قد تعهد في مؤتمر الأطراف للمناخ بشرم الشيخ "كوب27" في نوفمبر الماضى، بالقيام بكل ما يجب لتصفير نسبة التصحر، ووضع حد لتدهور النظام البيئي بحلول عام 2030.
وجرت مراسم تنصيب الزعيم اليساري رئيسًا للبرازيل، اليوم الأحد، وسط إجراءات أمنية مشددة فى العاصمة برازيليا، بعد تهديدات من أنصار سلفه اليميني "بولسونارو" بارتكاب أعمال عنف.
وهزم "داسيلفا" الذى حكم البرازيل لفترتين بين عامي 2003 و2010، سلفه "بولسونارو" في انتخابات أكتوبر. وتغلب لولا (77 عامًا) بفارق ضئيل على "بولسونارو" ليفوز بفترة رئاسية ثالثة غير مسبوقة، وبعدما أمضى عامًا ونصف العام فى السجن، في اتهامات فساد أُسقطت لاحقًا.
وفي سنوات حكمه الماضية كرئيس ينتمي لحزب العمال، نجح "دا سيلفا" -القيادي النقابي السابق- في إخراج ملايين البرازيليين من الفقر خلال طفرة في أسعار السلع الأولية دعمت الاقتصاد.
توحيد البلاد وتحسين الاقتصاد
لكن الآن، يواجه "دا سيلفا" تحديًا هائلًا لتحسين اقتصاد البرازيل، الذي يعاني من ركود وفي الوقت نفسه توحيد بلد يعاني حالة من الاستقطاب.
ويسود التوتر العاصمة برازيليا منذ إجراء الانتخابات التي شهدت أجواء مشحونة. وقالت شرطة برازيليا إنها ألقت القبض، اليوم الأحد، على رجل كان بحوزته عبوة ناسفة وسكين، في أثناء محاولته دخول الساحة التي تقام فيها مراسم تنصيب الرئيس المنتخب في العاصمة.
وغادر "بولسونارو" البرازيل متوجها إلى فلوريدا أمس الأول الجمعة حتى لا يضطر لتسليم الوشاح لمنافسه، الذى لم يعترف حتى الآن بفوزه. وينظم أنصاره مظاهرات منذ شهرين احتجاجًا على ما يعتبرونها سرقة الانتخابات، ودعوا إلى انقلاب عسكري لمنع "دا سيلفا" من العودة إلى السلطة وسط أعمال تخريب وعنف.
وقبل توجهه إلى فلوريدا، ألقى "بولسونارو" خطابًا غالبته فيه الدموع، أدان فيه خطة أحد أنصاره لتنفيذ تفجير ووصفها بأنها "عمل إرهابي"، لكنه أشاد بالمحتجين الذين خيّموا أمام ثكنات الجيش البرازيلى فى أنحاء البلاد، داعين للانقلاب على نتائج انتخابات أكتوبر.
بولسونارو يسير على درب ترامب
وبرفضه تسليم السلطة لخليفته، سار "بولسونارو" على درب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذى حرض أنصاره على إشعال الفوضى والقيام باحتجاجات على فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020.
دا سيلفا.. مسيرة حافلة بالكفاح
ومع بداية ولايته الرئاسية الثالثة، تجدر الإشارة إلى أن "دا سيلفا" عاش حياة صعبة، فهو ابن أسرة فقيرة من المزارعين الأميين، عمل وهو فى العاشرة من عمره بائعًا للفول السوداني وماسحًا للأحذية.
وفي شبابه، التحق كعامل بمصنع للصلب قرب ساو باولو، حيث فقد إصبعًا من يده اليسرى في حادث بستينيات القرن الماضي.
لم يكن "دا سيلفا" معنيًا بالسياسة ولكنه انغمس في العمل النقابي بعد وفاة زوجته الأولى متأثرة بمرض كبدي عام 1969. وانتخب رئيسًا لاتحاد عمال الصلب الذي يضم في عضويته 100 ألف شخص عام 1975، ليحوله من منظمة صديقة للحكومة لحركة مستقلة قوية.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، أسس حزب العمال وهو أول حزب اشتراكي في تاريخ البرازيل. ويعد "دا سيلفا" أول رئيس للبرازيل من صفوف الطبقة العاملة الكادحة، ويقول أنصاره إن سياساته لعبت دورًا كبيرًا في خفض نسبة الفقر في البلاد في بداية حكمه والذي استمر فترتين رئاسيتين من 2003 إلى 2011.