بينما يعمل الجمهوريون على جذب الناخبين للأدلاء بأصواتهم في مرحلة التصويت المبكر، يخشون من أن يؤدي هجوم مرشحهم الرئيس السابق دونالد ترامب على الاقتراع البريدي والمبكر، إلى صرف الناخبين عن التصويت، قبل يوم الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر المقبل، وفق ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وفي الأسابيع القليلة الماضية فقط، رفض الرئيس السابق التصويت المبكر باعتباره "غبيًا"، وزعم أن 20% من بطاقات الاقتراع البريدية في بنسلفانيا "احتيالية"، وأشار إلى أن سعاة البريد قد "يخسرون مئات الآلاف من بطاقات الاقتراع، ربما عن قصد"، واتهم الديمقراطيين باستغلال برنامج يرسل بطاقات الاقتراع إلى الناخبين في الخارج والعسكريين للتهرب من فحوصات المواطنة.
وقالت "بوليتيكو" إن تشويه ترامب لأساليب التصويت البريدي والمبكر، والتي تشكل عنصرًا رئيسيًا في شبكته من نظريات المؤامرة المتعلقة بسرقة الانتخابات، أدى إلى تأجيج انقسام حزبي عميق قضى الجمهوريون الجزء الأعظم من السنوات الأربع الماضية في محاولة التراجع عنه، كما حاولوا بشكل متقطع منذ عام 2020 إقناع ترامب نفسه بتبني التصويت المبكر.
وفي حين تراجع ترامب في بعض الأحيان، وحثّ أنصاره في التجمعات الانتخابية، وفي التجمعات التلفزيونية، ومن خلال منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي على الاستفادة من خيارات التصويت الموسعة، يحذر الجمهوريون من أن خطابه يهدد بتقويض كل هذا.
وقال ديفيد أوربان، المستشار الكبير السابق لحملة ترامب، والذي قاد جهوده الناجحة في بنسلفانيا في عام 2016: "عندما ندفع برسالة ما، ثم يأتي الرئيس ويقول، أنا لست مهتمًا بهذا الأمر كثيرًا، يكون من الصعب جدا إقناع الناس".
وتأتي مزاعم ترامب بشأن الاحتيال في التصويت المبكر وعبر البريد، وهي إحدى الطرق التي يضع بها الأساس لتحدي نتائج الانتخابات الثانية إذا خسر، وفق بوليتيكو، في الوقت الذي ينظم فيه الجمهوريون والمجموعات المتحالفة مع الحزب الجمهوري حملات بملايين الدولارات لحمل الناخبين في الولايات الرئيسية على تبني هذه الأساليب.
وقال مارك جراول، وهو استراتيجي جمهوري مقيم في ولاية ويسكونسن: "الفكرة وراء التصويت الغيابي هي أنك تحتفظ بهذا الصوت، لديك هذا الشخص، وتعرف أنه سيصوت لك، وتخرجه من القائمة.. بهذه الطريقة تحصل على 5 أو 10 آلاف صوت إضافي قد يقرر الانتخابات". وأضاف جراول، أن إثارة ترامب للذعر "تفسد الأمر، إنها سخيفة".
وكانت جهود الجمهوريين في التصويت المبكر مدفوعة بالإحباط إزاء سلسلة الخسائر الانتخابية التي عانى منها الحزب منذ عام 2016، والاعتراف بأن الناخبين يشعرون بالراحة على نطاق واسع مع إرسال أصواتهم بالبريد أو الإدلاء بأصواتهم مبكرًا بطريقة أخرى.
وقال توم إيدي، رئيس الحزب الجمهوري في مقاطعة إيري بولاية بنسلفانيا، والتي صوتت لصالح باراك أوباما وترامب ثم جو بايدن: "لم يعجبني الأمر لمدة ثلاث سنوات.. ولكن خلال تلك السنوات الثلاث، خسرنا الانتخابات"، وأضاف إيدي في مقابلة: "يتعين عليك قبول الأمر حتى تحظى بفرصة الفوز".
وأطلقت حملة ترامب واللجنة الوطنية الجمهورية برنامج "كثفوا التصويت" لتشجيع الناخبين على استخدام أساليب التصويت المبكر، واستثمروا ملايين الدولارات في مبادرات حثّ الناخبين على التصويت، والتي تتضمن التركيز على التصويت المبكر، وفقًا للجنة الوطنية الجمهورية. وكان مسؤولو الحزب الجمهوري يجوبون البلاد ويحثون الجمهوريين على التصويت المبكر، ووصفوه بأنه مريح وآمن.
وتعرض حملة ترامب رسائل في تجمعاته الانتخابية تشجع الناس على الإدلاء بأصواتهم قبل نوفمبر، كما عززت لجان العمل السياسي المؤيدة لترامب وغيرها من المجموعات المتحالفة مع الجمهوريين هذه الجهود.
ورغم تلك الجهود، يتخلف الجمهوريون المسجلون بشكل كبير عن الديمقراطيين، هذا العام كما في الأعوام الثلاثة الماضية.
وعمل ترامب على تقويض رسائل الجمهوريين في كل خطوة تقريبا على الطريق. ففي يناير، بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا، زعم أن بطاقات الاقتراع بالبريد تؤدي إلى "انتخابات ملتوية"، ووصفها بأنها "خائنة" خلال فعالية في ديترويت في يونيو.
وفي مقابلة تليفزيونية في سبتمبر، زعم ترامب -دون دليل- أن الخدمة البريدية ستخسر بطاقات الاقتراع البريدية إما "عمدًا" أو بسبب "عدم الكفاءة"، وطرح فكرة رفع دعوى قضائية ضد الوكالة.
وفي تجمع حاشد في غرب بنسلفانيا، أواخر الشهر الماضي، شجع ترامب الناس على التصويت المبكر، لكنه تراجع عن قراره بعد لحظات ووصف الأمر بأنه "أشياء غبية".