بينما تجنبت إيران وإسرائيل المواجهة المباشرة لسنوات، وخاضتا حربًا خفية من التخريب والاغتيالات، يقترب البلدان الآن من الصراع المفتوح، بعد الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان هذا الأسبوع، وقصف طهران الصاروخي الباليستي على إسرائيل، وهو الثاني في أقل من ستة أشهر.
ولدى إيران عدد من الأهداف الحساسة التي قد يستهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي أو عناصر تخريبية، بما في ذلك مواقع إنتاج النفط، والقواعد العسكرية، والمواقع النووية.
ورغم التصريحات الأمريكية برفض أي ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، يبدو أن إسرائيل مستعدة لضرب إيران بشكل مباشر، بطريقة أكثر قوة وعلنية مما كانت عليه من قبل، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وكان مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، صرّح لشبكة CNN، أمس الجمعة، بأن إسرائيل لم تقدم ضمانات لإدارة الرئيس جو بايدن بأن استهداف المنشآت النووية الإيرانية غير وارد، مضيفًا أنه "من الصعب" معرفة ما إذا كانت إسرائيل ستستغل ذكرى عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر للرد من عدمه.
أهداف نفطية
فيما تتركز معظم منشآت النفط والغاز الإيرانية في غرب البلاد، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن إلحاق الضرر بالمنشآت النفطية قد يلحق الضرر بالاقتصاد الإيراني "الهشّ بالفعل"، حسب وصف الصحيفة، ويعطل أسواق النفط العالمية قبل شهر من الانتخابات الأمريكية.
ورغم أن العقوبات الأمريكية قللت من أهمية إيران في سوق النفط العالمية، لكن طهران تنتج نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميًا -نحو 3% من العرض العالمي- وأكبر عميل لها هو الصين، وقد يؤثر الهجوم على الأسعار.
وعندما سُئل الرئيس الأمريكي جو بايدن، أول أمس الخميس، عمّا إذا كان سيؤيد ضربة من قبل إسرائيل على البنية التحتية النفطية الإيرانية، قال إن الاحتمال "قيد المناقشة"، وهي ملاحظة عابرة، لكنها دفعت سعر النفط إلى الارتفاع بالفعل.
وعاد بايدن في مؤتمر صحفي، الجمعة، ليقول: "لو كنت مكانهم (يقصد الإسرائيليين) كنت سأفكر في بدائل أخرى غير ضرب حقول النفط".
المواقع النووية
ترى إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدًا لوجودها، لكن -حسب "نيويورك تايمز"- المسؤولين الإسرائيليين قالوا إنهم لا يخططون على الفور لضرب المنشآت النووية الإيرانية -التي تشمل مصانع إنتاج وتخصيب اليورانيوم ومناجم اليورانيوم ومفاعلات الأبحاث- ردًا على وابل الصواريخ الأخير.
ولفتت الصحيفة إلى أن استهداف المواقع النووية، التي يقع العديد منها في أعماق الأرض، سيكون صعبًا من دون مساعدة من الولايات المتحدة، بينما أوضح بايدن، الأربعاء الماضي، أنه لن يدعم الهجوم على المواقع النووية الإيرانية.
وقال المسؤول الأمريكي، عندما سُئِل من قِبل شبكة CNN عمّا إذا كانت إسرائيل أكدت للولايات المتحدة أن المواقع النووية الإيرانية غير مطروحة للنقاش: "نأمل ونتوقع أن نرى بعض الحكمة وكذلك القوة، ولكن كما تعلمون، لا توجد ضمانات".
سيناريو الضربات
ردًا على CNN، قال المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية إنه من الصعب حقًا معرفة ما إذا كانت إسرائيل ستستغل الذكرى السنوية الأولى لعملية "طوفان الأقصى" للرد على إيران.
وأضاف: "أعتقد أنهم (الإسرائيليين) في بعض النواحي، يريدون تجنب ذلك اليوم.. لذلك في تقديري إذا كان هناك أي شيء فمن المرجح أن يكون قبل ذلك اليوم أو بعده".
وقال بايدن، أمس الجمعة، إن المسؤولين الأمريكيين على اتصال مع نظرائهم الإسرائيليين "12 ساعة يوميًا".
مع هذا، إذا أرادت إسرائيل استخدام قوتها الجوية القوية للردّ، فسيتعين على طائراتها أن تطير لمسافات طويلة "لكنها أظهرت مؤخرًا أنها قادرة على القيام بذلك"، حسب "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة: "في الهجمات ضد الحوثيين في اليمن، الأسبوع الماضي، طارت القوات الإسرائيلية أكثر من ألف ميل لمهاجمة محطات الطاقة والبنية التحتية، باستخدام طائرات الاستطلاع، وعشرات الطائرات المقاتلة التي كان لابد من إعادة تزويدها بالوقود في منتصف الرحلة.
رغم هذا، فإن مهاجمة إيران عن طريق الجو سوف تنطوي على مسافات مماثلة، لكنها ستكون أكثر خطورة بكثير، إذ تمتلك إيران دفاعات جوية بشكل غير موجود في لبنان أو اليمن.
لكن في أبريل، ألحقت غارة جوية إسرائيلية أضرارًا بنظام مضاد للطائرات من طراز "إس-300" بالقرب من "نطنز" وسط إيران، ووقتها قال مسؤولون غربيون وإيرانيون إن إسرائيل نشرت طائرات مُسيّرة، وأطلقت صاروخًا واحدًا على الأقل من طائرة حربية في ذلك الهجوم.
ونقل التقرير عن جرانت روملي، المسؤول السابق في البنتاجون: "أعتقد أنه من المرجح أن يقلدوا (الإسرائيليين) عملية أبريل، ويحاولوا تدمير أنظمة الإنذار المبكر والدفاعات الجوية الإيرانية لإفساح المجال لهجوم جوي.. والسؤال هو مدى اتساع المجال الجوي الإيراني وما إذا كانوا سيدخلونه".
أيضًا، قد لا تضطر إسرائيل إلى الاعتماد على قوتها الجوية وحدها في هجوم على إيران، فبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية -مركز أبحاث في واشنطن- فإن لدى إسرائيل خيارات أخرى، منها صواريخ "أريحا 2" الباليستية متوسطة المدى التي يمكنها أن تطير لمسافة نحو 2000 ميل، وصواريخ "أريحا 3" الباليستية متوسطة المدى التي يمكنها الوصول إلى أهداف على بعد أكثر من 4000 ميل.