اجتاحت خمس ولايات جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية، واحدة من أكثر العواصف تدميرًا منذ عقدين من الزمان، والتي أطلق عليها العاصفة "هيلين"، حيث نتجت عنها أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات طينية، تسببت في كوارث ودمار واسع لمجتمعات بأكملها من فلوريدا إلى كارولاينا الشمالية، ومقتل وفقدان العشرات، وعمليات إجلاء واسعة للمحاصرين الذين تقطعت بهم السُبل، وانقطعت الكهرباء عن مئات الآلاف الآخرين، وتم ربطها بالتغيرات المناخية.
وتم تأكيد وفاة مالا يقل عن 89 شخصًا وفقدان 1000 آخرين في حصيلة مرشحة للارتفاع، بحسب "إن بي سي نيوز" الأمريكية، في فلوريدا وجورجيا وكارولاينا الشمالية وكارولاينا الجنوبية وتينيسي، ومن المتوقع أن يتبدد الإعصار هيلين منتصف اليوم الاثنين، والذي وصل إلى منطقة بيج بيند بولاية فلوريدا كإعصار من الفئة الرابعة، وسافر عبر جورجيا وكارولاينا وتينيسي.
وانقطت الكهرباء عن أكثر من 2.4 مليون أمريكي، وفقًا لموقع خرائط انقطاع التيار الكهربائي، وكانت ولاية كارولاينا الجنوبية هي الأكثر انقطاعًا، حيث انقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 875.600 عميل، تليها ولاية جورجيا، بما يزيد قليلًا عن 665.000 عميل
ووصف الناجون الأحداث التي شاهدوها بالكارثة بحسب إن بي سي نيوز، وأعربوا عن استيائهم وإحباطهم من افتقار الولايات والحكومة الفيدرالية إلى الاستجابة السريعة، مؤكدين أنهم لم يشاهدوا دمارًا كهذا منذ التسعينيات، مشيرين إلى أن أَضرار العاصفة هيلين أسوأ مما تخيلوه حيث هدمت المباني والشوارع والمنازل.
كارولاينا الشمالية "الأكثر تدميرًا"
كانت ولاية كارولاينا الشمالية الأكثر تدميرًا، ووافق الرئيس الأمريكي على إعلان حالة الكارثة الكبرى فيها، وهو ما يترجم على الأرض إلى تمويل فيدرالي سريع تشمل منحًا للإسكان المؤقت وإصلاحات المنازل وقروضًا منخفضة التكلفة لتغطية الخسائر في الممتلكات، وبرامج لمساعدة الأفراد في التعافي.
وتعرضت قرية بيلتمور التاريخية، في غرب كارولاينا الشمالية للغرق تحت الماء، والتي تشتهر بكونها مبنية ومملوكة من قبل فرد واحد، وذلك بعد أن تحملت العبء الأكبر من الأضرار المدمرة الناجمة عن الفيضانات بسبب إعصار هيلين، حيث لم يعد يرى فيها سوى أغصان الأشجار والأخشاب وحاويات القمامة التي كانت تطفو في أنحاء القرية.
وقال حاكم الولاية روي كوبر بحسب شبكة إي بي سي نيوز الأمريكية، إنه تم القيام بأكثر من 600 عملية إنقاذ، وأكد أن هناك أكثر من 3200 موظف من الوكالات الفيدرالية يعملون في البحث والإنقاذ، بجانب 500 فرد من الحرس الوطني معلنًا عن وفاة 48 شخصًا في الولاية منهم 30 في مقاطعة بونكومب.
ولا تزال الشوارع مغمورة بالمياه رغم مرور ثلاثة أيام على بدء الإعصار هيلين، وتساقطت غالبية خطوط الكهرباء ومئات الأشجار التي سدت ما يقرب من 400 طريق؛ ما أعاق حركة السفر وجهود الإنقاذ في الولاية، وأبلغت الشرطة في الولاية عن 300 حادث طريق.
وفي عملية إنقاذ درامية استطاعت فرق الإنقاذ نقل أكثر من 60 مريضًا بواسطة طائرة هليكوبتر من سطح مستشفى مجتمع مقاطعة يونيكوي، حيث اقتحمت التيارات المائية المكان وبلغ ارتفاعها 12 بوصة، ومن المتوقع أن يعاني السكان من انقطاع المياه والكهرباء والغاز، لأسابيع.
ولاية تينيسي
وفي ولاية تينيسي التي اجتاح إعصار هيلين الجزء الشمالي الغربي منها، قال مكتب التحقيقات إن 153 شخصًا في عداد المفقودين في ظل انقطاع الهاتف المحمول ووسائل الاتصالات الأخرى في الولاية المتضررة جراء الفيضانات، وأعلنت الولاية عن وفاة شخصين وفقد أكثر من 70 شخصًا آخرين.
وكادت الأمطار الغزيرة أن تؤدي إلى انهيار سد نوليتشكي في جرينفيل بالولاية، وأوصت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية بأنه وضع خطير، وطالبت ما لا يقل عن 100 ألف من سكان المنطقة بـ"البحث عن أرض أعلى الآن" لحين انتهاء العاصفة.
كارولاينا الجنوبية
في ولاية كارولاينا الجنوبية أكد هنري ماكماستر، حاكم الولاية، أنهم لم يشهدون مثل تلك الأحداث من قبل حيث قتل 25 شخصًا، ووصفها بالضربة المدمرة، مشيرًا إلى أنهم سيعملون على إزالة الأنقاض وملء محطات الغاز والمتاجر وإعادة إصلاح أبراج المحمول والكهرباء.
وفي ولاية فلوريدا نزح الآلاف من منازلهم في أعقاب إعصار هيلين، وأعلن جو بايدن حالة الطوارئ في 17 مقاطعة خاصة مدينة بينيلاس، حيث قُتل ما لا يقل عن 11 شخصًا فيها، ودمرت العاصفة نحو 84 مبنى وتعرض أكثر من 4000 مبنى لأضرار ناجمة عن المياه.
وقال قائد شرطة ولاية فلوريدا بوب جوالتيري، إن من بين حالات الوفاة الـ11 المؤكدة في فلوريدا كان هناك تسعة أشخاص غرقوا في منازلهم في منطقة إخلاء إلزامي على ساحل الخليج في مقاطعة بينيلاس، حيث تقع مدينة سان بطرسبرج.
ويعيش حوالي 74 ألف أمريكي في الولاية والذين نجت منازلهم من التدمير بدون المرافق العامة، وتمكنت فرق الإنقاذ من إنقاذ ما لا يقل عن 190 شخصًا، عبر البر والجو، كما تمكنت لجنة حماية الحياة البرية من إنقاذ عشرات الحيوانات.
جورجيا
ووجهت السلطات في ولاية جورجيا نداءً للسكان من أجل الحفاظ على المياه لأكثر وقت ممكن، بعدما تسببت القمامة والحطام في نهر سافانا في انسداد أنظمة تنقية المياه، ووصف المسؤولون إعصار هيلين وفقًا لـ "إن بي آر"، بأنه الأسوأ في التاريخ.
وصلت هيلين إلى جورجيا في وقت مبكر من يوم الجمعة، مع رياح تصل سرعتها إلى 100 ميل في الساعة، وقال حاكم ولاية أوجوستا إن 17 شخصًا على الأقل لقوا حتفهم، وتضررت المنطقة الممتدة من أوجوستا إلى فالدوستا بشدة، حيث تعرض حوالي 115 مبنى لأضرار جسيمة، ومن غير المرجح أن تعود المدارس إلى الدراسة بحلول الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر.
التغيرات المناخية
وأكدت مديرة إدارة الطوارئ الفيدرالية الأمريكية ديان كريسويل، أنه تم إرسال فيلق هندسي من الجيش لتشغيل محطات معالجة المياه وإرسال أجهزة استقبال أقمار ستارلينك للمساعدة في استعادة الاتصالات، مشيرة إلى أن الدمار كان مرتبطًا بحالة الطوارئ المناخية.
وأشارت مديرة الطوارئ لشبكة سي بي إس، إلى أن الإعصار هيلين استغرق بعض الوقت ليتطور، ولكن بمجرد حدوثه اشتد بسرعة كبيرة، وهذا بسبب المياه الدافئة في الخليج التي تخلق المزيد من العواصف التي تصل إلى هذا المستوى من الفئة الرئيسية، مشيرة إلى أنه في الماضي كانت أضرار الإعصار نتيجة الرياح فقط، ولكن التغيرات المناخية جعلت المياه شريكًا في الأعاصير.