تواجه مبادرة الاتحاد الأوروبي لتسريع إجراءات السيطرة على الذكاء الاصطناعي صعوبات منذ البداية، بعد أن رفضت شركتا التكنولوجيا العملاقتان "ميتا" و"آبل"، أمس الأربعاء، الانضمام إلى الميثاق الذي وضعته الكتلة.
ويتضمن ميثاق الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، الذي تم إطلاقه رسميًا في مقر الاتحاد في بروكسل، بنودًا غير ملزمة، تسبق بعض القواعد الملزمة التي ستواجهها الشركات، بموجب قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد في السنوات القادمة.
وقد بدأ هذا الميثاق من قبل المفوض الرقمي السابق بالاتحاد الأوروبي تييري بريتون، الذي تنحى عن منصبه في وقت سابق من هذا الشهر، بعد خلاف مع رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين.
ووفق النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو"، لم تكن كل من "ميتا"، و"آبل"، وشركة "ميسترال" الفرنسية للذكاء الاصطناعي، ولا منصة مشاركة الفيديو "تيك توك"، أو أنثروبيك -وهي شركة أمريكية رائدة في المجال- ضمن قائمة الموقعين.
مخاطر التكنولوجيا
تقول "بوليتيكو": يظهر الفشل في حشد الدعم بين بعض قادة العالم الذين يطورون نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة، كيف أن الحكومات، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي، لا تزال تكافح من أجل فرض ضوابط فورية على التكنولوجيا سريعة التطور، على الرغم من التحذيرات الصارخة في العامين الماضيين من أنها تأتي مع مخاطر جسيمة على العالم.
في الوقت نفسه، بدا أن هناك تحولا في المزاج بين بعض شركات التكنولوجيا في دعمها للضوابط التنظيمية على الذكاء الاصطناعي.
وكانت حملة قادتها شركة "ميتا" هذا الشهر قد حذرت من أن "صنع القرار التنظيمي أصبح في الآونة الأخيرة مجزأ وغير قابل للتنبؤ"، وأن الاتحاد الأوروبي "يخاطر بفقدان تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تعزز الإنتاجية".
ويلفت تقرير الصحيفة إلى أن شركات التكنولوجيا، بما في ذلك "ميتا" و"إكس" وغيرها، امتنعت عن طرح منتجات الذكاء الاصطناعي في أوروبا بعد تبادل الآراء مع مفوض حماية البيانات في أيرلندا، الذي ينفذ قواعد الخصوصية القوية في أوروبا، اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، على العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى التي لها مقار إقليمية في البلاد.
كما قررت شركة "آبل" عدم طرح ميزات جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي على أحدث طراز من هواتف "آيفون" في أوروبا بسبب المخاوف التنظيمية.
الامتثال والمنافسة
في مقابل الشركات الرافضة، أعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، أن 115 شركة أخرى وقعت على التعهد عند إطلاقه، برئاسة لوسيلا سيولي، رئيسة مكتب الذكاء الاصطناعي بالاتحاد الأوروبي.
ومن بين هذه الشركات شركة "أليف ألفا" الألمانية، و"أمازون"، و"جوجل"، ومايكروسوفت، و"أوبن إيه آي"، و"بالانتير"، بالإضافة إلى مجموعة من الشركات الأوروبية والعالمية الأخرى التي تتبع هذه الشركات الكبرى في تطوير الذكاء الاصطناعي.
وكان الميثاق من بنات أفكار المفوض الرقمي السابق بالاتحاد الأوروبي تييري بريتون، الذي استقال في منتصف سبتمبر، بعد أن ضغطت فون دير لاين على الحكومة الفرنسية لسحب ترشيحه لولاية ثانية في الاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه، استمرت الحملات الصاخبة التي شنتها الشركات العملاقة بأن القوانين واللوائح الأوروبية تعيق القارة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي تقريره الأخير حول الموقف التنافسي لأوروبا في العالم، أشار رئيس الوزراء الإيطالي السابق، ماريو دراجي، إلى مخاوف مماثلة.
مع هذا، سيتعين على جميع الشركات الامتثال للقواعد المدرجة في الميثاق بموجب قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، والذي سيتم طرحه على مراحل في السنوات القادمة. وكان هدف الميثاق الطوعي هو جعل الشركات تمتثل مبكرًا لقواعد قانون الذكاء الاصطناعي.
وقالت المتحدثة باسم شركة "ميتا"، آنا كوبريان، في بيان: "نحن نرحب بقواعد الاتحاد الأوروبي المنسقة، ونركز على عملنا المتعلق بالامتثال لقانون الذكاء الاصطناعي في هذا الوقت، لكننا لا نستبعد انضمامنا إلى ميثاق الذكاء الاصطناعي في مرحلة لاحقة".
وأضافت: "يجب علينا أيضًا ألا نغفل عن الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تعزيز الابتكار الأوروبي وتمكين المنافسة، وإلا فإن الاتحاد الأوروبي سوف يفوت هذه الفرصة التي تأتي مرة واحدة في الجيل".