حذرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، من أن سيناريو الحرب الإسرائيلية الشاملة مع حزب الله يعد كابوسًا بالنسبة لاقتصاد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت المجلة في تقرير لها عن القصف المكثف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، أن السيناريو الكابوسي بالنسبة لإسرائيل هو صراع يمتد إلى القدس المحتلة وتل أبيب، المركزين التجاريين في دولة الاحتلال، لكن حتى حرب أقل حدة، إذ يقتصر القتال على المستوطنات الشمالية، قد تكون كافية لدفع اقتصاد إسرائيل إلى حافة الهاوية.
وتوقعت المجلة أن يتضرر النمو الاقتصادي الإسرائيلي بشدة، وربما أكثر من ضربة 7 أكتوبر، وسترتفع نفقات جيش الاحتلال بشكل ملفت، خاصة أن البنوك الإسرائيلية تعاني هروب رؤوس الأموال.
وأشارت إلى أن البنوك الثلاثة الكبرى في إسرائيل، أعلنت زيادة كبيرة في عدد من يطلبون تحويل مدخراتهم لبلدان أخرى، كما حذّر خبراء الاقتصاد الإسرائيليون مستسلمين لواقع اتجاه الأمور نحو الأسوأ، مؤكدة أن صناع السياسات الاقتصادية في إسرائيل يشعرون بقلق أكبر مما كانوا عليه منذ بداية الصراع.
وفي 23 سبتمبر الجاري، شن جيش الاحتلال غارات جوية على الحدود اللبنانية، ما أسفر عن استشهاد 558 شخصًا، في أعقاب حوادث انفجار أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها حزب الله، ما أسفر عن استشهاد 39 شخصًا، فضلًا عن أشهر من الهجمات الصاروخية التي شنتها جماعة حزب الله اللبنانية على المستوطنات الإسرائيلية، وبدأت الأموال في الفرار من إسرائيل.
ولفتت "الإيكونوميست" إلى تضاعف التدفقات الخارجة من البنوك الإسرائيلية إلى المؤسسات الأجنبية بين مايو ويوليو، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل 2 مليار دولار.
وأوضحت المجلة أنه مع استمرار اشتعال القتال، استمرت توقعات العجز بميزانية الاحتلال في الارتفاع، متوقعة أن يصل العجز 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهو ما يقرب من ثلاثة أمثال ما كان متوقعًا قبل الحرب على غزة.
وفي يناير، بلغت ديون إسرائيل 62% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا استمر القتال في العام المقبل، فإن الوضع المالي سيتدهور، وتقول وكالتا التصنيف الائتماني "فيتش وموديز" إنهما قد تخفضان تصنيف إسرائيل مرة أخرى بعد أن فعلتا ذلك مرة واحدة هذا العام.
ورغم عودة جنود الاحتياط إلى العمل وعودة الاستهلاك إلى مستويات ما قبل الحرب على غزة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال أصغر مما كان عليه عشية الحرب.
وتعاني سوق العمل في إسرائيل قلة الموارد البشرية، إذ يبلغ معدل البطالة 2.7% فقط، وتكافح الشركات لملء الوظائف الشاغرة، وتعاني الشركات الصغيرة العاملة في مجال التكنولوجيا العالية بإسرائيل من ضغوط شديدة، وتحذر مؤسسة "ستارت أب نيشن" البحثية من أن هذه الشركات تخسر التمويل بسبب الحرب.
وتم رفض منح تصاريح لنحو 80 ألف عامل فلسطيني بعد السابع من أكتوبر، ولم يتم استبدالهم قط، والنتيجة أن صناعة البناء شهدت انكماشًا بنسبة 40% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، ما يعوق بشكل كبير بناء المنازل والإصلاحات، وإذا تزايد حجم هجمات حزب الله، فإن نقص عمال البناء سيصبح مشكلة أكبر.
كما أن المستثمرين غير متأكدين من قدرة إسرائيل على التعافي، فالشيكل متقلب، والبنوك الإسرائيلية تشهد هروب رؤوس الأموال، وتفيد التقارير التي تصدرها أكبر ثلاثة بنوك إسرائيلية عن زيادة كبيرة في عدد العملاء، الذين يطلبون تحويل مدخراتهم إلى دول أخرى أو ربطها بالدولار.
وهناك أيضًا السيناريو الكابوسي، الذي يتمثل في أن قِلة من المستثمرين يستعدون لحرب تبتلع إسرائيل بأكملها، بما في ذلك القدس أو تل أبيب، حتى برغم أن حزب الله قد يكون قادرًا على شن مثل هذا الهجوم.
وفي ظل مثل هذا السيناريو، سيتضرر النمو الاقتصادي بشدة، وربما أكثر من الضربة التي تلقاها بعد السابع من أكتوبر، وسترتفع نفقات جيش الاحتلال إلى عنان السماء. ومن المرجح أن يتسبب هروب المستثمرين في انهيار البنوك وهبوط قيمة الشيكل، الأمر الذي يضطر بنك إسرائيل إلى التدخل وإنفاق احتياطياته.
وخلصت "الإيكونوميست" إلى أن أيًا ما يحدث، فإن خبراء الاقتصاد الإسرائيليين مستسلمون لواقع أن الأمور تتجه نحو الأسوأ.
واستشهدت المجلة بقول وزير المالية المتطرف في حكومة الاحتلال بتسئيل سيموتريتش: "نحن في أطول وأغلى حرب بتاريخ إسرائيل، لقد انتهت الصراعات السابقة إلى كارثة اقتصادية بالنسبة لإسرائيل، ولا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا حدث نفس الشيء مع هذه الحرب".