في عالم التقنية المتسارع، تتجه الأنظار نحو معالجات الذكاء الاصطناعي التي تشكل العمود الفقري للجيل المقبل من الحواسيب الشخصية، ومع تطور التقنيات، تدخل شركات مثل إنتل، وكوالكوم، وAMD سباقًا محمومًا لتقديم حلول جديدة تعيد تعريف أداء الأجهزة الإلكترونية.
في هذا السياق، تتزايد التحديات بين اللاعبين الكبار في مجال المعالجات، ما يعزّز من حدة المنافسة ويشعل ما يمكن تسميته بـ"حروب الرقائق" التي ستؤثر بلا شك على مستقبل التكنولوجيا الرقمية.
إنتل في مواجهة جديدة
في أوائل شهر سبتمبر، استضافت شركة إنتل حدثًا ضخمًا في برلين، قبل انطلاق معرض IFA، أحد أكبر معارض التكنولوجيا في العالم، وكان الحدث الرئيسي هو الكشف عن معالجها الجديد Lunar Lake، الذي يأمل المصنعون أن يكون قفزة نوعية في عالم الحوسبة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت صعب بالنسبة لإنتل، التي تعاني من أزمة منذ سنوات وتواجه منافسة شديدة من شركات مثل AMD وApple وQualcomm.
كسر التحالف القديم
لطالما سيطر تحالف Wintel بين مايكروسوفت وإنتل على صناعة الحواسيب الشخصية، إلا أن التعاون بين مايكروسوفت وكوالكوم مؤخرًا يمثل تهديدًا لهذا الاحتكار. قدمت مايكروسوفت معيار Copilot Plus في مايو الماضي، وهو معيار جديد لحسابات الذكاء الاصطناعي على الحواسيب الشخصية، مع استخدام معالجات كوالكوم Snapdragon Elite.
هذا التحول مثّل صفعة كبيرة لإنتل، التي كانت تعتمد لعقود على تحالفها مع مايكروسوفت لتعزيز مكانتها في السوق.
خطة إنقاذ إنتل
في مواجهة هذه التحديات، قدمت إنتل خطة إنقاذ تتضمن إعادة هيكلة أقسام الإنتاج والتطوير، بالإضافة إلى تقليص بعض الأصول غير المربحة مثل شركة Mobileye. تعمل إنتل على تعزيز قدراتها في مجالات جديدة مثل شرائح الذكاء الاصطناعي، على أمل استعادة جزء من مكانتها في السوق.
ولا تقف إنتل وحدها في هذا السباق، فقدمت AMD إصداراتها الخاصة من معالجات الذكاء الاصطناعي، مثل معالجات Ryzen 300 AI التي تم الكشف عنها في يونيو الماضي.
وفي الجانب الآخر، تستعد Apple لإطلاق معالجاتها الخاصة المجهزة بقدرات الذكاء الاصطناعي لأجهزة Mac، مما يضيف مزيدًا من الضغط على إنتل وكوالكوم.
تحديات جديدة
على الرغم من الزخم الكبير حول الذكاء الاصطناعي في الإعلانات الأخيرة، يبقى السؤال الأهم: هل يهتم الجمهور حقًا بهذه القدرات؟.. مع توفر العديد من خدمات الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت بشكل مجاني، قد يكون من الصعب إقناع المستهلكين بدفع أسعار مرتفعة مقابل أجهزة مزودة بهذه التقنيات.
ولقياس قوة الحواسيب المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، تستخدم الشركات معيار TOPS (عمليات تيرا في الثانية)، وتتطلب مايكروسوفت على سبيل المثال 45 TOPS لحمل ملصق Copilot Plus على الأجهزة، فمعالجات العام الماضي أو حتى قبل عامين لا تصل إلى هذا المستوى، رغم قدرتها على تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل معقول.
ميزات لافتة
وتقدم الحواسيب الجديدة من إنتل وكوالكوم ميزات لافتة تتجاوز استخدام الذكاء الاصطناعي. الميزة الأولى هي عمر البطارية الطويل، الذي يتفوق على أجهزة MacBook من Apple، والميزة الثانية هي التصميم النحيف والخفيف بفضل استخدام نظام System on Chip (SoC) الذي يدمج المعالج وشرائح الرسومات والذاكرة في وحدة واحدة.
جانب سلبي
على الرغم من الميزات المتقدمة، تأتي هذه الأجهزة مع قيود كبيرة، فمثل الهواتف الذكية، لا يمكن ترقية المعالجات أو الذاكرة في هذه الحواسيب، مما يعني أن المستخدمين سيحتاجون إلى شراء أجهزة جديدة بدلاً من ترقية الأجزاء الداخلية عند الحاجة.
في الوقت الحالي، يبدو أن الحواسيب المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي ستظل خيارًا للنخبة مع أسعار مرتفعة. ولكن مع مرور الوقت، من المحتمل أن تزيد شعبيتها وتصبح جزءًا أساسيًا من سوق الحواسيب الشخصية. حتى ذلك الحين، سيظل المستخدمون قادرين على شراء أجهزة تقليدية بأسعار معقولة، بينما يتابعون تطورات التكنولوجيا الجديدة.