حمّلت صحيفة "ذي أوبزرفر" البريطانية، إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن، المسؤولية في وصول أزمة الشرق الأوسط إلى منعطف خطير، وتأجيج المواجهة الكبرى بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بعد الفشل في وقف العدوان المدمر الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يقرب من عام.
وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها الأسبوعية، اليوم الأحد، أن ما يقرب من 12 شهرًا من الدبلوماسية الدولية فشلت في وقف المذابح بقطاع غزة، إذ تغلبت الانتهازية السياسية على التفكير الهادئ والموضوعي في ما يتصل بالأفعال والعواقب، مضيفة أن "كلاب الحرب" تنطلق حرة طليقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته الحربية الأسبوع الماضي، بفتح "مرحلة جديدة" في الصراع، من خلال استهداف قواعد حزب الله في لبنان، أدى إلى تسريع "ما يبدو أنه انزلاق لا مفر منه نحو صراع على مستوى المنطقة".
وقالت الصحيفة، إنه من الواضح أن تفخيخ أجهزة الاتصال اللاسلكية وأجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله كان مخططًا له مسبقًا، وكان من الممكن تنفيذ المتفجرات في أي وقت، متسائلة: لكن لماذا الآن؟
وترى "ذي أوبزرفر"، أن رئيس وزراء إسرائيل بعد فشله في تحقيق هدفه المعلن المتمثل في تدمير حماس في غزة، على جثث أكثر من أربعين ألف شهيد فلسطيني أغلبهم من المدنيين، اختار أن يجعل من لبنان الجبهة الجديدة في حرب لا نهاية لها.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو، من أجل الحفاظ على شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، والتمسك بمنصبه، والتصدي للضغوط الأمريكية لأجل ما يعتبره تسوية غير مقبولة، يحتاج إلى إطالة أمد الصراع وتوسيع نطاقه.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو يتهمه الإسرائيليون بمحاولة نسف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ما يقوض استعادة المحتجزين في القطاع، والآن يواجه لبنان خطر التحول إلى غزة جديدة.
وقالت "ذي أوبزرفر" إن الطريقة التي سيرد بها زعيم حزب الله حسن نصر الله عمليًا على هجمات الأسبوع الماضي، التي أسفرت عن آلاف الضحايا، والتي اعترف بأنها شكّلت ضربة قاسية فريدة من نوعها، سوف تساعد في تحديد مدى اقتراب الشرق الأوسط من الكارثة.
وتعهد "نصر الله" بالرد المؤلم، ومنذ ذلك الحين، استؤنفت عمليات إطلاق الصواريخ عبر الحدود من جانب حزب الله، وسط هجمات جوية إسرائيلية واسعة النطاق، بما في ذلك على بيروت، وحذر زعيم حزب الله من أن أي توغل بري إسرائيلي في جنوب لبنان سيكون بمثابة "فرصة" للانتقام.
وحذرت "ذي أوبزرفر" نتنياهو من الحرب البرية في لبنان، مشيرة إلى أن التدخلات الإسرائيلية السابقة في لبنان، وخاصة في عامي 1982 و2006، لم تنته على خير، والواقع أن جيش الاحتلال أصبح منهكًا بعد أشهر من الاستنزاف في غزة.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو حقق انتصارًا تكتيكيًا على حزب الله، لكن لا توجد أي علامة تشير إلى أن الهجمات الصاروخية على إسرائيل سوف تتوقف.
وأضافت "ذي أوبزرفر" أن هدف نتنياهو المزعوم المتمثل في إعادة السكان إلى المناطق الشمالية بأمان لم يعد في الإمكان تحقيقه الآن أكثر من ذي قبل، مع استمرار حرب غزة، ما يؤكد أن الاتفاق على وقف إطلاق نار دائم هناك هو المفتاح لمنع اندلاع حرب أوسع نطاقًا.
وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أنه من المؤسف أن قيادة الاحتلال غير مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة لوقف المذبحة في غزة، ومن المؤسف أن بريطانيا، مثل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، فشلت في ممارسة الضغط الكافي على إسرائيل لوقف انتهاكها للقانون الإنساني من خلال تقييد جميع مبيعات الأسلحة الهجومية، وتأييد لائحة اتهام نتنياهو بارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات ذات مغزى.
ولكن وسط هذا السجل المشين من الفشل، تقول الصحيفة، إن عدم فعالية الإدارة الأمريكية وتحيزها للاحتلال هو الأكثر إثارة للانزعاج، مشيرة إلى أن الرئيس جو بايدن ينتمي إلى جيل سياسي أمريكي دعّم إسرائيل غريزيًا وعاطفيًا، سواءً كانت على حق أو على خطأ، وأعطى الرئيس الأمريكي نتنياهو تفويضًا مفتوحًا ليشاهد النتائج تتكشف في رعب متزايد.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للمساعدات المالية والأسلحة لإسرائيل، وبوسع بايدن -بل وينبغي له- أن يفعل المزيد لإجبار نتنياهو على إبرام صفقة، ولكن بدلًا من ذلك، فقد تسامح مع تصرفاته العدوانية.
وخلصت الافتتاحية إلى أن غزة تعتبر أكبر فشل لبايدن، الذي بدلًا من إصلاح الضرر على وجه السرعة، يشير المسؤولون في واشنطن إلى أن وقف إطلاق النار غير مرجح قبل تولي خليفته منصبه في يناير.
وأوضحت "ذي أوبزرفر" أن سياسة الولايات المتحدة باختصار، هي الاحتواء، إذ يبدو البيت الأبيض في ظل عجزه عن وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، عازم على منع انتشارها، قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، خوفًا من أنها قد تضر بفرص كامالا هاريس والديمقراطيين.
وترى الصحيفة أن تلك سياسة الاحتواء التي تنتهجها إدارة بايدن حاليا، هي وسيلة للتهرب من المسؤولية، وضوء أخضر للمتشددين والمتطرفين الإسرائيليين لارتكاب أسوأ أعمالهم المتهورة البغيضة، ولهذا السبب، وأكثر من أي وقت مضى، يتأرجح الشرق الأوسط على شفا الهاوية.