شنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس، غارات مكثّفة على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان، غداة ضربة دامية قرب بيروت أسفرت عن سقوط 37 ضحية بينهم اثنان من مسؤولي الحزب العسكريين البارزين وعدد من قياديي وحدة النخبة، في تصعيد يجدد المخاوف من اتساع نطاق النزاع المتواصل بين الطرفين منذ نحو عام.
وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل هذا الأسبوع، مع سلسلة تفجيرات طالت أجهزة اتصال تستخدمها عناصره في عملية منسوبة للدولة العبرية، وإعلان الأخيرة شنَّ ضربة جوية في معقله بالضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت اجتماعًا لقيادة قوة الرضوان.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود منذ أكتوبر 2023، بعدما فتح الحزب "جبهة إسناد" لحماس وغزة، إثر اندلاع الحرب بين الحركة الفلسطينية والدولة العبرية.
وفي القطاع المحاصر والمدمّر، أفاد الدفاع المدني السبت بمقتل 21 شخصًا على الأقل في قصف طال مدرسة تؤوي نازحين، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف عناصر من الحركة في المكان.
وفي استمرار للتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد حزب الله، أعلن جيشها السبت في بيان أنه قصف "آلافًا من قاذفات الصواريخ كانت جاهزة لاستخدامها فورًا لإطلاق نيرانها في اتجاه الأراضي الإسرائيلية"، مضيفًا أنه أصاب "180 هدفًا".
كما أعلن الجيش في وقت لاحق أن "عشرات" الطائرات الحربية تشنّ "غارات واسعة" في جنوب لبنان "بعد رصد استعدادات حزب الله لإطلاق قذائف صاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية".
وأظهرت صور لـ"فرانس برس" تصاعد دخان كثيف من تلال وأودية في مناطق عدة في جنوب لبنان إثر الغارات، وألقت الطائرات صواريخ بشكل متتالٍ في نقاط متاخمة لبعضها البعض.
وفي ظل الغارات الكثيفة، أفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن حزب الله أطلق نحو 100 صاروخ باتجاه شمال الدولة العبرية.
وأعلن الحزب تنفيذ سلسلة عمليات ضد مواقع عسكرية إسرائيلية، منها قصف ثكنتين "بصواريخ الكاتيوشا".
وأكد في بيان أن ذلك يأتي ردًا على الاعتداءات على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أمس، أن حصيلة الغارة ارتفعت إلى 37 ضحية ونحو 70 جريحًا.
وأفاد وزير الصحة فراس الأبيض، بأن من بين الضحايا 3 أطفال تبلغ أعمارهم 6 سنوات و4 سنوات و10 سنوات، و7 نساء.
وواصلت عناصر الإنقاذ السبت رفع ركام مبنى انهار تمامًا جراء الغارة في حي سكني مكتظ ويعج بالمحال التجارية، وفق ما شاهد مصور في "فرانس برس".
حزب الله
وأفاد مصدر مقرب من حزب الله بأن الغارة استهدفت اجتماعًا لقوة الرضوان في طابق تحت الأرض، وأدت إلى مقتل 16 عنصرًا من بينهم قائد وحدة النخبة هذه إبراهيم عقيل، وقيادي ثانٍ هو أحمد محمود وهبي.
وأقام الحزب مراسم تشييع السبت لعدد من الضحايا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه تمكن من القضاء على معظم الهيكلية القيادية لقوة الرضوان في حزب الله.
وعقيل الذي كان مطلوبًا من الولايات المتحدة، هو ثاني قائد عسكري بارز في حزب الله تقتله إسرائيل في الضاحية الجنوبية منذ بدء التصعيد، بعد فؤاد شكر الذي اغتيل أواخر يوليو.
وكانت واشنطن قد عرضت مكافأة مقدارها 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن عقيل الذي كانت تلاحقه لتورطه المفترض في تفجيرين في بيروت استهدفا مقري السفارة الأمريكية والمارينز عام 1983 وأسفرا عن مقتل مئات الأمريكيين.
اختراق
وألغى رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، سفره إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالبًا بوقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذه الاثناء، حثت وزارة الخارجية الأمريكية السبت المواطنين الأمريكيين في لبنان على مغادرة البلاد، بينما خيارات النقل التجاري لا تزال متاحة وفي ظل اشتداد النزاع بين إسرائيل وحزب الله.
وأتت غارة الجمعة في أسبوع شهد سلسلة تفجيرات طالت الثلاثاء والأربعاء، أجهزة "بايجر" وأخرى لاسلكية تستخدمها عناصر حزب الله، ما أسفر عن سقوط 39 ضحية وإصابة نحو 3 آلاف، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وشدّد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، أمام مجلس الأمن الجمعة على أن القانون الدولي يحظر "تفخيخ" أجهزة مدنية الطابع.
وتوعّد الأمين العام للحزب حسن نصرالله، إسرائيل بحساب عسير بعد هذه التفجيرات التي وقعت في معاقل الحزب قرب بيروت وفي جنوب لبنان وشرقه.
وقال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الجمعة، إن التفجيرات أسلوب قتالي غير مسبوق في وحشيته وإرهابه.
توسيع أهداف الحرب
ويأتي التصعيد هذا الأسبوع بعيد إعلان إسرائيل أنها توسع أهدافها الحربية إلى الجبهة الشمالية، للسماح لعشرات الآلاف من السكان الذين نزحوا بسبب القصف بالعودة إلى ديارهم.
في الأثناء، تواصل القصف الإسرائيلي في غزة، حيث أعلنت السلطات الصحية السبت استشهاد 21 فلسطينيًا في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عناصر من حركة حماس كانوا فيها.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، إن من بين الشهداء 13 طفلًا وست نساء إحداهن حامل، موضحًا أن القصف استهدف مدرسة "الزيتون ج"، وأنها تؤوي آلاف النازحين من حي الزيتون.