كشف تقرير حديث نشرته الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان عن وجود روابط عميقة بين استهلاك الكحول وزيادة خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان.
ارتفاع معدلات السرطان
في تحليل مفصل للبيانات الصحيّة، كشف التقرير العلمي الذي نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن اتجاه مثير للقلق، وهو زيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بالسرطان بين البالغين دون سن الخمسين.
وبشكل خاص، لوحظت زيادة كبيرة في حالات الإصابة بسرطان الثدي والقولون والمستقيم، ما يثير تساؤلات عميقة حول العوامل المساهمة في هذه الزيادة.
وفقًا للتقرير، شهدت الفترة بين عامي 2010 و2019 ارتفاعًا كبيرًا في معدلات السرطان بين البالغين في الثلاثينيات من العمر، وكانت أكبر الزيادات في عام 2019 في سرطانات الثدي والغدة الدرقية والقولون والمستقيم.
وبشكل أكثر تحديدًا، ارتفعت حالات سرطان القولون والمستقيم المبكر بنسبة 1.9% سنويًا بين عامي 2011 و2019.
العلاقة بين الكحول والسرطان
كشف التقرير عن حقيقة مقلقة وهي أن الاستهلاك المفرط للكحول يزيد من خطر الإصابة بستة أنواع من السرطانات، تشمل سرطان الخلايا الحرشفية في المريء، وأنواع معينة من سرطانات الرأس والعنق، وسرطان الثدي، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان الكبد، وسرطان المعدة.
هذه النتائج تضع الكحول في دائرة الضوء كعامل خطر رئيسي للسرطان، وتدعو إلى إعادة تقييم عاجلة لعادات الشرب في المجتمع.
وفي تصريح مثير للاهتمام، أشارت الدكتورة جين فيجيريدو، عالمة الأوبئة في معهد سامويل أوشين الشامل للسرطان في مركز سيدارز-سيناي الطبي في لوس أنجلوس، إلى أن الكحول له تأثيرات ضارة على الميكروبيوم، وهو مجموعة البكتيريا والفطريات والفيروسات التي تعيش على أجسامنا وداخلها.
وأوضحت: "الشرب يغير بكتيريا الأمعاء، والتي يمكن أن تلعب دورًا في نمو وانتشار السرطانات"، وهذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة في فهم الآليات التي يمكن من خلالها للكحول أن يسهم في تطور السرطان.
فجوة مقلقة في الوعي
رغم خطورة هذه النتائج، يكشف التقرير عن فجوة مقلقة في الوعي العام بهذه المخاطر، وأوضحت "فيجيريدو": "51% من الناس -أو أكثر من النصف- لا يعرفون أن الكحول يزيد من خطر الإصابة بالسرطان"، وهذا النقص في الوعي يسلط الضوء على الحاجة الملحة لحملات توعية عامة واسعة النطاق.
وفي إشارة إلى الاعتقاد الشائع حول الفوائد الصحية المحتملة للنبيذ الأحمر، أضافت فيجيريدو: "يمكننا الحديث عن أسطورة أن النبيذ الأحمر له فوائد محتملة للقلب والأوعية الدموية، ولكن هناك العديد من الطرق للحفاظ على صحة قلبك، وهذه الفوائد المحتملة لا تفوق حقًا مخاطر الإصابة بالسرطان"، وهذا التصريح يدعو إلى إعادة تقييم شاملة للمفاهيم السائدة حول "الشرب المعتدل" وفوائده المزعومة.
الكحول وسرطان الثدي
وسلط التقرير الضوء بشكل خاص على العلاقة بين استهلاك الكحول وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء، إذ يعتقد العلماء أن الكحول يمكن أن يرفع مستويات هرمون الأستروجين، ما قد يغذي تطور سرطان الثدي.
هذا الاكتشاف يجعل من تقليل استهلاك الكحول أحد الطرق القليلة التي يمكن للنساء من خلالها تعديل خطر إصابتهن بهذا المرض الخطير.
وما يثير القلق بشكل خاص، كشفت دراسة أوردها التقرير أن أقل من ثلث النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عامًا يدركن أن استهلاك الكحول يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
هذا النقص في الوعي بين الشابات يشكل تحديًا كبيرًا للمختصين في مجال الصحة العامة، ويستدعي تكثيف جهود التوعية الموجهة لهذه الفئة العمرية.