تخيل فقدان يدك في حادث فجأة، وتصبح المهام البسيطة مثل ربط أزرار القميص أو حمل الكوب تحديات هائلة، غالبًا ما تفشل الأيدي الاصطناعية الحالية، على الرغم من كونها مفيدة، في توفير البراعة والتحكم الدقيق اللازمين للعديد من الأنشطة اليومية.
وتعتمد الأيدي الاصطناعية الحالية عادةً على الإشارات الكهربائية من العضلات المتبقية، التي قد يكون من الصعب التحكم فيها بدقة.
وفي تطور رائد، ابتكر باحثون طريقة جديدة تمكن مبتوري الأطراف من التحكم في الأيدي الاصطناعية باستخدام مغناطيسات صغيرة مزروعة في عضلاتهم.
ويمكن لهذا النهج المبتكر، المسمى واجهة الحركية العضلية، أن يُحدث ثورة في كيفية التحكم بالأطراف الاصطناعية، ما يوفر حركة أكثر بديهية وطبيعية للمستخدمين.
ويمكن أن توفر الواجهة الحركية لمبتوري الأطراف مستوى من التحكم الاصطناعي أقرب إلى مستوى اليد الطبيعية أكثر من أي وقت مضى، ومع تطور هذه التكنولوجيا، يمكن أن تفتح إمكانات جديدة لمبتوري الأطراف، ما يسمح لهم باستعادة القدرات التي اعتقدوا أنهم فقدوها إلى الأبد، مثل العزف على آلة موسيقية أو أداء مهام دقيقة في مكان العمل.
وتوضح الدراسة، التي أجراها فريق من العلماء الإيطاليين ونُشرت في مجلة "Science Robotics"، كيف يمكن لهذه الطريقة المغناطيسية أن تسمح لمبتوري الأطراف بأداء مهام مُعقدة مثل ربط أربطة الحذاء أو التعامل مع الأشياء الهشة، قدرات كانت تشكل تحديًا طويل الأمد للأشخاص الذين يستخدمون الأطراف الاصطناعية القياسية.
ووفقًا لموقع "Study Finds"، قال"دانييل"، أول مريض يختبر واجهة الحركة العضلية، الذي فقد يده اليسرى، عام 2022، فجأة وجدت نفسي دون يد في لحظة كنت أملكها وفي اللحظة التالية اختفت.
واختبر الباحثون نظامهم مع "دانييل"، الذي فقد ساعده الأيسر في حادث، وتم زرع 6 مغناطيسات في ثلاث من عضلات ذراعه المتبقية. وبعد ستة أسابيع فقط من التدريب، تمكن من أداء مجموعة متنوعة من المهام باليد الاصطناعية، بما في ذلك التقاط بيضة دون كسرها واستخراج حبوب من علبة بلاستيكية.
وقال كريستيان سيبراني، أستاذ في معهد "بيوروبوتكس" بإيطاليا، في بيان صحفي، إنه يستمر العديد من الأشخاص الذين فقدوا يدًا في الشعور بها كما لو كانت لا تزال في مكانها وتتحرك العضلات المتبقية استجابةً للأوامر من الدماغ".
ويستخدم هذا النظام الجديد مغناطيسات صغيرة وقوية - كل منها بحجم حبة أرز - مزروعة جراحيًا في عضلات الذراع المتبقية لدى مبتور. وعندما يفكر الشخص في تحريك يده الوهمية، تنقبض هذه العضلات، ما يتسبب في تحرك المغناطيس قليلًا.
وتكتشف أجهزة استشعار خاصة في المقبس الاصطناعي هذه الحركات الصغيرة، وتترجمها إلى أوامر لليد الآلية، ويوجد 20 عضلة في الساعد والعديد منها تتحكم في حركات اليد.
ولعل الأكثر إثارة للإعجاب هو أن "دانييل" تمكن من ربط أربطة حذائه باستخدام اليد الاصطناعية، وهي مهمة تتطلب تنسيقًا معقدًا وتحكمًا حركيًا دقيقًا، ونادرًا ما نشهد هذا المستوى من البراعة مع الأنظمة الاصطناعية التقليدية.
وذكر "دانييل": "سمح لي هذا النظام باستعادة الأحاسيس والعواطف المفقودة، أشعر وكأنني أحرك يدي".
وصرّح البروفيسور "سيبراني": "تُعد هذه النتيجة مكافأة لمسار بحثي دام عقودًا من الزمان، لقد طورنا أخيرًا طرفًا اصطناعيًا وظيفيًا يلبي احتياجات الشخص الذي فقد يده".
لا تقتصر الواجهة الحركية على تحسين التحكم فحسب، ولا تتطلب بطاريات أو أسلاكًا، فقد تدوم مدى الحياة بمجرد زراعتها.
وفي حين أن النتائج واعدة، إلا أن التكنولوجيا لا تزال في مراحلها المبكرة، ويعترف الباحثون بأن المزيد من التحسين ضروري قبل أن يتم تبنيها على نطاق واسع، ومع ذلك، فهم يعتقدون أنه مع التطوير المستمر يكمن الوصول لنتائج ملموسة.