كان من المفترض أن يكون عام 2022 عام انتصار الصين على جائحة كورونا، إلا أن الصينيين كانوا على اعتاب موجة قوية من كوفيد -19، تلاها إعلان الحكومة التخلي عن سياسة "صفر كورونا"، ويقدر الخبراء أن رفع القيود الصحية في الصين يمكن أن يؤدي إلى ظهور العديد من من المتحورات الجديدة للفيروس، بعد أن كانت الصين تفرض سياسة "صفر كوفيد" منذ بداية الوباء.
موجة مدمرة
أشارت تقديرات من مدن صينية عديدة إلى إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالفيروس مؤخرًا، نتيجة لذلك امتلأت العديد من المستشفيات ومحارق الجثث بالمرضى، في الوقت نفسه، أوقفت الحكومة نشر بيانات العدوى اليومية، بحسب ما أفادت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
طلب مستشفى في مدينة شنجهاي الصينية، من موظفيه الاستعداد "لمعركة مأساوية" مع فيروس كورونا، ومن المتوقع إصابة نصف سكان المدينة البالغ عددهم 25 مليون نسمة بحلول نهاية الأسبوع المقبل، بينما يجتاح الفيروس الصين إلى حد كبير دون رادع، حسب ما أشارت "إن بي سي نيوز".
وأفادت البيانات الرسمية الصينية أن عدد الوفيات الرسمي في البلاد منذ بدء الوباء، قبل ثلاث سنوات، بلغ 5241 حالة وفاة، وهو جزء بسيط مما واجهته معظم البلدان الأخرى، لكن يبدو الآن أنه من المحتمل أن هذا الرقم يرتفع بشكل حاد، بحسب "سي.بي.أس نيوز".
وبلغ عدد سكان الصين نحو مليار و412 مليون، عام 2021 بحسب تقديرات البنك الدولي، لذلك تتزايد المخاوف من انتشار الفيروس بشكل قد لا يمكن السيطرة عليه نتيجة لتطعيم نسبة صغيرة فقط من الصينيين، بأكثر من جرعتين من اللقاحات المعتمدة عالميًا، بالإضافة إلى أن دراسة أجراها معهد الصحة العالمية بجامعة جنيف، أظهرت أن كل طفرة فيروسية جديدة تزيد من فرص تغير شكل الفيروس، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وبحسب ما أشارت سمية سواميناثان، كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية، لصحيفة "إنديان أكسبرس"، فإن جزءًا كبيرًا من الصينيين معرضون للخطر بسبب العدد الكبير من كبار السن الذين لم يتم تطعيمهم، مؤكدة أنه يجب مراقبة أي متغيرات ناشئة تثير القلق عن كثب.
إجراءات احترازية دولية
أعلن عدد من الدول هذا الأسبوع، منها اليابان وإيطاليا وماليزيا والولايات المتحدة والهند تشديد الضوابط الحدودية لمكافحة ارتفاع الإصابات، إذ يتزايد القلق في المجتمع الدولي بشأن التفشي الحالي لفيروس كورونا في الصين ونقص البيانات، وأشارت الولايات المتحدة إلى أنها تدرس فرض الاختبار على جميع القادمين من الصين، فيما أعلنت الحكومة الإيطالية بالفعل أنها ستطلب اختبارًا إلزاميًا لجميع المسافرين الصينيين.
ونتيجة لزيادة الإصابات بفيروس كورونا في فرنسا، حث رئيس البلاد إيمانويل ماكرون، الحكومة التي تقودها إليزابيث بورن على النظر في إجراءات وقائية، وبالإضافة إلى ذلك، أدى قرار الصين بإلغاء سياسة "صفر كورونا"، الذي سيتم تطبيقه في 8 يناير المقبل، إلى زيادة دوافع ماكرون لتنفيذ تدابير وقائية.
وعلى نطاق آخر ستبدأ اليابان إجراء اختبارات PCR إلزامية لأي شخص قادم من تايوان أو جزيرة الصين أو البر الرئيسي للصين، بدءًا من الجمعة المقبل، كما أعلنت الصين أن جميع الرحلات الجوية القادمة من تايوان ستتطلب اختبارات فيروسية بمجرد إنهاء سياسة صفر كورونا.
وفي الهند، قال مانسوخ ماندافيا، وزير الصحة الهندي، السبت الماضي، إن بلاده جعلت تقديم ما يثبت سلبية اختبار كورونا "كوفيد-19" إلزاميًا بالنسبة للقادمين من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وتايلاند، بحسب "رويترز".
وصرَّح الوزير الهندي بأن القادمين من هذه الدول سيخضعون للحجر الصحي، إذا ظهرت عليهم أعراض كوفيد أو كانت اختباراتهم إيجابية.
سياسات "صفر كورونا"
نفذت الصين سياسات "صفر كورونا" على المستوى المحلي، من خلال عدد من الإجراءات الصارمة شملت عمليات حجر صحي صارمة في المناطق، حتى لو تم اكتشاف حالة واحدة فقط، إذ يمكن عند اكتشاف حالة أن تخضع أحياء أو مدن بأكملها للحجر الصحي لأسابيع أو شهور، ومن أجل تغطية جميع المواقع المحتملة التي تم الإبلاغ فيها عن إصابات بكورونا، أجرت الحكومة اختبارات جماعية في مناطق لم يتم الإبلاغ عن حالات جديدة فيها.
وأدى ذلك إلى خروج العديد من الصور الفوتوغرافية لطوابير طويلة تمتد لعدة أمتار للمشاركين في كل اختبار، وغالبًا ما كان يحتاج سكان المناطق التي يظهر بها إصابات إلى إجراء فحوصات سلبية حتى يتمكنوا من دخول شركة أو منشأة عامة. كما سيتم وضع أي شخص كان على اتصال بشخص مصاب في مرافق الحجر الصحي الحكومية أو يُطلب منه العزل، حتى أولئك الذين لم يكن لديهم سوى اتصال بعيد مع شخص مصاب أو شخص يحتمل أن يكون مصابًا يمكن عزلهم.
وفي البداية، كان الانتقاد العلني لنهج الحكومة الصينية ضئيلًا، وأعرب الكثيرون عن فخرهم بقدرة البلاد على تجنب أعداد كبيرة من الإصابات، لكن مع تقدم الوقت وأصبحت الموجات المتتالية من الفيروس أكثر قابلية للانتقال، تزايدت الحالات المصابة في جميع أنحاء الصين وأصبحت عمليات الإغلاق أكثر تواترًا.