الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صربيا وكوسوفو.. هل تنجح خطوات التهدئة في وقف اشتعال أزمة بالبلقان؟

  • مشاركة :
post-title
مظاهرة لصرب كوسوفو.. صورة أرشيفية

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

بدأت الأقلية الصربية في إقليم كوسوفو في رفع الحواجز قرب الحدود مع صربيا، اليوم الخميس، والتي تم وضعها منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع، الأمر الذي قد يبشر بتخفيف حدة الصراع في واحدة من أسوأ الأزمات في المنطقة.

الأزمة وتطوراتها

وأكدت شرطة كوسوفو، إعادة فتح المعبر الحدودي الرئيسي مع صربيا رسميًا، اليوم بعد أن أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش عن إزالة الحواجز مساء الأربعاء، بعد دعوة لوقف التصعيد وجهتها واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال فوتشيتش خلال لقاء مع ممثلي صرب كوسوفو، قرب الحدود "سيجري تفكيك الحواجز ولكن (جَو) عدم الثقة ما زال قائمًا".

وعلى الطرف الآخر، أعلنت محكمة في بريشتينا، في وقت سابق من اليوم نفسه، بالإفراج عن الشرطي الصربي السابق ديان بانتيتش، ووضعه رهن الإقامة الجبرية، بعدما أثار اعتقاله غضب الأقلية الصربية.

الهدوء يسود

وساد الهدوء صباح الخميس، شمال كوسوفو، مع تسيير دوريات لقوات حفظ السلام الدولية، وفقًا لمراسل وكالة "فرانس برس".

ومنذ 10 ديسمبر الماضي، يغلق مئات من أبناء العرقية الصربية في كوسوفو طرقًا رئيسية في المناطق الشمالية؛ احتجاجًا على اعتقال الشرطي الصربي، في تحرك شل حركة المرور إلى معبرين حدوديين مع صربيا.

وقالت رئيسة الوزراء الصربية آنا برنابيتش، الأسبوع الماضي، إن الوضع في هذه المنطقة كان "على حافة الانزلاق إلى نزاع مسلح".

هجمات بأسلحة نارية

وتعرضت شرطة كوسوفو وقوات حفظ السلام الدولية لعدة هجمات بأسلحة نارية، فيما وضعت صربيا قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى.

يذكر أن إقليم كوسوفو، قد أعلن استقلاله عن صربيا في 2008، بعد مرور ما يقرب من عقد على الحرب بين القوات الصربية ومجموعة من الألبان، لكن حكومات بلجراد ترفض الاعتراف بهذا الاستقلال الذي شهد موافقة دولية.

ويوجد نحو 120 ألف من الصربيين يعيشون في الإقليم المنفصل، ولا سيما في مناطقه الشمالية، وهم على تحدٍ دائم مع سلطات بريشتينا، في وقت تسعى الأخيرة إلى فرض سيادتها على معظم أراضي الإقليم.

دراسة معهد كارينجي
دعم موسكو

ووفق دراسة له، أوضح معهد "كارينجي أوروبا"، في تقرير، أن هناك بعض الدلالات على ضلوع روسيا في اندلاع هذه الأزمة بين صربيا وكوسوفو.

ونقل التقرير عن مراقبين، أوضحوا أن موسكو ربما قد تسعى إلى فتح جبهة ثانية ضد الغرب في خاصرة أوروبا الضعيفة بمنطقة البلقان، مشيرا إلى العلاقة الوثيقة بين روسيا وصربيا اللتين تربطهما صلات ثقافية ودينية عميقة، فضلا عن الروابط السياسية القوية، والتي كان من تجلياتها مطالبة موسكو في السابق بضمان حقوق الصرب في كوسوفو.

لكن دراسة معهد كارينجي، أشارت في المقابل إلى أن التوترات في كوسوفو مدفوعة أكثر بعوامل محلية.

ومع ذلك، اتهمت رئيسة كوسوفو روسيا بأن لها "مصلحة تدميرية" بالمنطقة تشمل مهاجمة كوسوفو والبوسنة والجبل الأسود.

تأثيرات الأزمة الروسية

وحتى من دون إشعال حرب أخرى، يبدو وفق محللين أن التوترات الحالية تخدم أجندة موسكو في تغذية الانقسامات العرقية والمجتمعية بغرب البلقان من أجل التسبب بمتاعب للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد أشارت في أغسطس الماضي، حين اندلعت التوترات في المنطقة للمرة الأولى، أوضحت أن الحرب الروسية على أوكرانيا أثارت توترات أوسع في المنطقة، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محللين أن الخطاب القومي لروسيا وجد قبولًا لدى بعض القادة؛ بينهم الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، وهو قومي متشدد كان حليفًا للرئيس السابق سلوبودان ميلوزيفيتش.

كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" حينها أن الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي سارعا إلى تهدئة التوتر بين كوسوفو وصربيا بعد التصعيد الأخير، وسط مخاوف من أن تقدم روسيا على توظيف النزاع بين البلدين لزعزعة استقرار أوروبا.

خطوات الغرب

وفي السياق نفسه، قال الأكاديمي والمحلل السياسي الأمريكي، آرثر ليديكبرك، إن ما يحدث حاليا في شمال كوسوفو يعد امتدادًا لتوترات ظلت كامنة، تهدد اتفاقيات السلام الهشة القائمة بين الجانبين منذ انتهاء الحرب قبل أكثر من عقدين.

وأضاف ليديكبرك، في تصريحات صحفية، أن أوروبا والولايات المتحدة سيعملان على تهدئة التوترات في هذه المنطقة خاصة في الوقت الراهن مع احتدام الصراع في أوكرانيا، موضحًا أن الجانب الأوروبي سيتخوف من أن تستغل موسكو هذا التوتر في منطقة البلقان ليكون ورقة ضغط في صالحها لزعزعة استقرار القارة الأوروبية في أكثر من جهة.

وأضاف المحلل السياسي: "في حال إخفاق الغرب في بلورة حل مستدام بين البلدين، سيظل خطر انفجار الوضع قائمًا، رغم أن ذلك يبدو أنه لن يخدم مصلحة أي من طرفي النزاع، خاصة مع تقدم كوسوفو بطلب رسمي للانضمام للاتحاد الأوروبي، وتطلع صربيا لإحراز تقدم على نفس المنوال".