في لحظة مشحونة بالتوتر السياسي والاجتماعي، يتصاعد الجدل في إسرائيل حول الإضراب العام الذي دعا إليه النقابي الإسرائيلي البارز أرنون بار دافيد، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في دولة الاحتلال (الهستدروت)، احتجاجًا على سياسات الحكومة المتعلقة بصفقة المحتجزين.
ويقف وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، في مواجهة مباشرة مع رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد، في صراع يختبر حدود القانون وقدرة النقابات على التأثير في السياسة الوطنية، وهو خلاف يعكس تعقيدات العلاقة بين العمل والتنظيم السياسي في دولة تواجه تحديات أمنية واقتصادية.
طلب تدخل أمين المظالم لوقف الإضراب
في ظل الانتقادات الواسعة التي وُجهت لرئيس الهستدروت أرنون بار دافيد بسبب دعوته إلى إضراب شامل للاقتصاد، تقدم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشكوى رسمية إلى المستشارة القانونية للحكومة، جالي بيهاريف ميارا، مطالبًا إياها بتقديم طلب إلى محكمة العمل لإصدار أوامر قضائية تمنع تنفيذ هذا الإضراب.
وفي خطاب وجهه "سموتريتش" إلى أمين المظالم، وصف الإضراب بأنه "سياسي بحت" يفتقر إلى أي أساس قانوني، مشيرًا إلى أن الهدف من هذا التحرك هو التأثير على قرارات سياسية تتعلق بأمن الدولة، وهو ما يُعد تجاوزًا لدور المنظمات العمالية.
وأكد سموتريتش أن هذه القضايا هي من صميم اختصاص المستوى السياسي، ولا يجب أن تكون موضع إضراب أو احتجاج من قِبل النقابات.
الجدل حول شرعية الإضراب
وأثار الإضراب المقرر غدًا الاثنين جدلاً واسعًا حول مدى قانونيته، خاصة في ظل الظروف الأمنية الحساسة التي تمر بها دولة الاحتلال، وأوضح سموتريتش في رسالته أن مثل هذا الإضراب قد يضر بأمن الدولة ويؤثر سلبًا على عمليات اتخاذ القرار الحساسة المتعلقة بالقضايا الأمنية.
وذكر "سموتريتش" أن الإضراب قد يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد في وقت حرج، مؤكدًا أن هذا الإجراء لا يخدم مصالح الدولة ويعرّض أمنها وأمن مواطنيها للخطر، وتأتي هذه المخاوف في ظل حالة الحرب التي تتطلب اتخاذ قرارات ذات عواقب بعيدة المدى.
تصريحات سموتريتش وردود الفعل
في تصريح نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن الإضراب المقرر غدًا الاثنين "غير قانوني"، مشددًا على أن أي شخص يشارك فيه لن يحصل على أجره.
وأشار سموتريتش إلى أن مكتب رئيس الوزراء طلب من موظفيه التوقيع على إقرار بعدم نيتهم المشاركة في الإضراب، مؤكدًا أن الموظف الذي لا يوقع على هذا الإقرار سيتم اعتباره مشاركًا في الإضراب ولن يحصل على أجره.
ماذا يقول القانون؟
فيما يتعلق بشرعية الإضراب في دولة الاحتلال، تختلف الآراء القانونية حوله، فبينما تعتبر المحامية دافنا شمويلفيتز، التي تمثل أصحاب العمل، أن هذا الإضراب قانوني كونه "إجراء احتجاجيًا منسقًا" ضد قرار سيادي يعارضه الجمهور، ترى المحامية شيرا لاهات، الشريكة في قانون العمل بمكتب أرنون تدمر ليفي، أن الإضراب السياسي البحت غير قانوني.
وأوضحت أن القانون لا يسمح باستخدام الإضراب كوسيلة للضغط على المشرع، وأن محكمة العمل قد تقرر إلغاء الإضراب إذا ثبت أنه ذو طابع سياسي.
بينما يتجه الإضراب إلى اختبار حقيقي أمام محكمة العمل، يبقى السؤال حول مدى تأثير هذا التحرك على سياسات الحكومة ومستقبل العلاقات بين النقابات العمالية والسلطة السياسية في إسرائيل. في هذا السياق، يتابع الجميع باهتمام كبير كيف ستتطور هذه المواجهة وما إذا كانت ستشكل سابقة جديدة في تاريخ العمل والتنظيم في البلاد.