الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تقدم محفوف بالمخاطر.. استراتيجية أوكرانيا في كورسك "سلاح ذو حدين"

  • مشاركة :
post-title
يبدو أن الغرض من العملية الأوكرانية هو إيجاد نقطة نفوذ سياسية قبل المفاوضات المحتملة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

كان التأثير الفوري للتوغل الأوكراني في منطقة "كورسك" الروسية، الذي بدأ في السادس من أغسطس الجاري، بمثابة تحول على المستوى المعنوي للأوكرانيين، حيث تم استبدال الخسارة البطيئة والحتمية للأراضي في "دونباس"، التي رسمت صورة قاتمة للتراجع الأوكراني، بـ"تصوير جبهة ديناميكية"؛ كما يشير الدكتور جاك واتلينج، زميل أبحاث الحرب البرية في المعهد الملكي.

ويرى "واتلينج"، في تحليل نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه "رغم أن هذا السرد الجديد خادع، فإنه مهم في تذكير شركاء أوكرانيا الدوليين بأن نتائج الحرب ليست حتمية".

في الوقت نفسه، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى أن أوكرانيا استخدمت أنظمة صاروخية غربية خلال التوغل في الأراضي الروسية.

وكتبت "زاخاروفا" على منصة التواصل الاجتماعي "تليجرام": "للمرة الأولى، تعرضت منطقة كورسك لقصف بقاذفات صواريخ غربية الصنع، ربما من طراز HIMARS الأمريكية".

إيجاد نفوذ

من الناحية السياسية، يبدو أن الغرض من العملية الأوكرانية هو إيجاد نقطة نفوذ قبل المفاوضات المحتملة، في وقت يسعى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى استمرار الدعم الغربي.

ولفت "جاك واتلينج" الخبير العسكري البريطاني، إلى أنه إذا عاد الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فمن المرجح أن يسهم تهديد كييف بسحب المساعدات العسكرية في جلبها إلى طاولة التفاوض.

وقال في هذا الصدد: "تريد الحكومة الأوكرانية التأكد من أنها إذا اضطرت إلى الدخول في هذه العملية، فإنها تمتلك أشياء تريد روسيا مقايضتها، وبالتالي، يجب على الجيش الأوكراني الاستيلاء على جزء كبير من الأراضي الروسية، والاحتفاظ بها طوال مدة المفاوضات المحتملة".

ومن العناصر المهمة في الهجوم نجاح أوكرانيا في الحفاظ على الأمن العملياتي قبل شن الهجوم، خاصة وأن ذلك كان مشكلة كبيرة في العمليات الأوكرانية السابقة، الأمر الذي يعكس الكفاءة في الإعداد والتخطيط، والدروس المستفادة من هجوم العام الماضي، التي من شأنها أن تشجع الشركاء بشأن آفاق العمليات المستقبلية"، حسب التحليل البريطاني.

وأكد أنه حتى الآن، تحقق القوات الأوكرانية في "كورسك" نجاحًا تكتيكيًا، كما بدا أداء المشاة الروس "ضعيفًا عندما افتقروا إلى القيادة والسيطرة، في مواجهة خصم مناور لا يستند إلى نقاط مرجعية ثابتة".

زيادة المخاطر

رغم الأهمية السياسية التي تتمتع بها عملية "كورسك"، لكن في الواقع يمكن أن تكون سلسلة من الضربات الأوكرانية الموازية التي تستهدف المطارات الروسية أكثر فائدة من الناحية العسكرية.

يقول الخبير العسكري البريطاني: "لعبت الطائرات الروسية دورًا محوريًا في الضربات بعيدة المدى على البنية الأساسية الحيوية في أوكرانيا، وفي الهجمات بالقنابل الانزلاقية على مواقع الخطوط الأمامية التي تلحق خسائر فادحة بأوكرانيا.. والواقع أن إلحاق الضرر بالطائرات أمر حيوي في الحد من الضغوط على دفاعات أوكرانيا".

مع هذا، هناك حدود لمدى نجاح أوكرانيا "فقد كانت تعاني نقصًا في القوات اللازمة، وجمعت ما كان متاحًا كاحتياطي عملياتي وخصصته لمحور جديد، وهناك حد لمدى قدرة هذه القوة على الدفع قبل أن تمتد إلى ما هو أبعد من طاقتها، وهذا يعني أنها سوف تحتاج إلى التموضع قريبًا إذا تمكن الأوكرانيون من الحفاظ على الأرض حتى المفاوضات"، حسب التحليل.

ويؤكد "واتلينج" أنه "فور أن تتوقف هذه الجبهة عن كونها ديناميكية، سوف يحفر الروس الدفاعات، ثم يجلبون المدفعية ومجمعات الحرب الإلكترونية والقوات الجديدة.. روسيا لديها ما يكفي من الأفراد والمعدات للقتال على الجبهتين، ومن غير الواضح ما إذا كان هذا ينطبق على أوكرانيا".

أيضًا مع مرور الوقت، تتزايد المخاطر العسكرية بالنسبة لكييف "فبعد أن خصصت أوكرانيا احتياطيها التشغيلي، سوف تكافح لسد الثغرات في خط المواجهة، ولم تتمكن بعد من حل التهديد الذي تشكله القدرات الروسية، والتي تسمح لموسكو بمواصلة تقدمها الثابت إلى "بوكروفسك" و"توريتسك" وغيرهما من المدن في "دونباس".

الدعم الغربي

كما أن عودة ترامب من المرجح أن تجبر أوكرانيا على التفاوض، فإن فوز هاريس من شأنه أن يشهد استمرار المساعدات العسكرية الفنية من الولايات المتحدة.

وبالنسبة لداعمي أوكرانيا، فإن نجاح عملية "كورسك" يعتمد على معدل الاستنزاف وحجم الخسائر في المعدات الروسية التي تحاول شن هجوم مضاد، فكلما تمكنت من إلحاق الضرر بالقوات الروسية بنيران غير مباشرة، كان ذلك أفضل، حسب رؤية المحلل.

ويظل الموقف العسكري الأوسع لأوكرانيا محفوفًا بالمخاطر والتحديات السياسية. هكذا، يتعين على كييف أن تحقق التوازن، وأن تستعد لخسارة الإمدادات الحيوية دون أن تستنزف قدرتها على مواصلة القتال.

وبالنسبة لأوروبا، يلفت "واتلينج" إلى أهمية أن تُمنَح كييف، إذا ما أُرغِمَت على التفاوض، أقوى دعم ممكن، وأن تكون هناك خطة ملموسة لضمان أن أي تسوية تفضي إلى سلام دائم.