الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التوغل الأوكراني في "كورسك".. هل يسير زيلينسكي إلى فخ بوتين؟

  • مشاركة :
post-title
التوغل الأوكراني يدعم الرواية التي دفع بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصعيد المحلي

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

مع توغل القوات الأوكرانية في مدينة "كورسك"، وهي المرة الأولى التي تطأ فيها قوات أجنبية الأراضي الروسية منذ الغزو الألماني إبان الحرب العالمية الثانية، أشارت بعض وسائل الإعلام الروسية الرسمية إلى أن هذه العملية كانت "فخًا" للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع تزايد التكهنات حول أهداف أوكرانيا للعملية التي وصفتها وسائل الإعلام الغربية بـ"الجريئة".

وفي مقال رأي بعد أسبوع واحد من إطلاق عملية كييف، أشارت وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية الروسية إلى أن جيش موسكو لا يزال مسيطرًا على الوضع، بينما أشارت صحيفة "تسارجراد" المؤيدة للكرملين إلى "كيف وقعت الألوية الأوكرانية في فخ، وواجهت خسائر فادحة".

مع هذا، أشار عدد من المدونين العسكريين الروس إلى المكاسب الأوكرانية، في حين قال الرئيس الأوكراني، أمس الخميس، إن قواته استولت على بلدة "سودزا"، التي تضم البنية التحتية التي تضخ الغاز الروسي نحو أوروبا.

وقال قائد الجيش الأوكراني، الجنرال أوليكساندر سيرسكي، إنه تم إنشاء قيادة عسكرية في كورسك، بينما كرر الرئيس الأوكراني ادعاء كييف بأنها تسيطر الآن على أكثر من 80 مستوطنة، وأكثر من 440 ميلًا مربعًا.

وفيما يحاول الجانبان تقديم عملياتهما في أفضل صورة ممكنة، أصبحت أفضل وحدات كييف الآن في مكان قد يكون عرضة لهجوم مضاد فعّال من موسكو، بدلًا من الوجود في منطقة "دونباس" الشرقية في أوكرانيا، ومحاولة تعزيز خطها الحالي والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الروسية.

ونقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن مايكل ويت، أستاذ الأعمال والاستراتيجية الدولية في الكلية الملكية للأعمال في لندن، إن هناك خطر الإفراط في التوسع الأوكراني "وهناك خطر فقدان القوات والموارد الثمينة، وأن يستخدم بوتين هذا كذريعة لمزيد من التصعيد".

وأضاف أن التوغل الأوكراني يدعم الرواية التي دفع بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصعيد المحلي حول الحرب، وهي أنه تصرف لأن روسيا تتعرض للتهديد من الغرب، الذي يعتبر أوكرانيا وكيلًا له.

تابع: "الأمر الآخر هو إثارة الشكوك حول ما إذا كان بوتين وحكومته هم الأشخاص المناسبون للدفاع عن روسيا.. ربما لن يحدث هذا فرقًا كبيرًا في أي من الحالتين، لأنه لا توجد علامة واضحة على أن بوتين ليس مسيطرًا".

تعبئة جديدة

في الوقت نفسه، كشف فشل روسيا في التصدي للهجوم الأوكراني -حتى الآن- عن نقص الاحتياطيات الدفاعية، وعن تناقص أعداد قواتها على خط المواجهة في شرق وجنوب أوكرانيا؛ وقد يضطر الكرملين في الفترة المقبلة إلى تعبئة أوسع نطاقًا، بحسب "بلومبرج"، التي نقلت عن مصادر مقربة من وزارة الدفاع الروسية قولها إن التعبئة الجديدة قد تتم بحلول نهاية العام، وسيتم تقديمها كإجراء تناوبي لإراحة القوات الموجودة في الخطوط الأمامية.

وأشار فوك فوكسانوفيتش، الباحث المشارك في مركز لندن للاقتصاد والسياسات الاقتصادية، إلى أن بوتين قد يستخدم العملية الأوكرانية لبناء الدعم في المجتمع الروسي لمنظوره بشأن أسباب الحرب موضحًا: "يمكنه الآن القول للجمهور الروسي: هذا هو السبب في أن حدودنا مع أوكرانيا حساسة للغاية وعرضة للخطر، ولهذا السبب لا يمكننا السماح لأوكرانيا بأن تكون جزءًا من حلف شمال الأطلسي".

استنزاف كييف

رغم النجاح الظاهري حتى الآن، يهدد التوغل الأوكراني باستنزاف احتياطيات كييف الثمينة، في حين لا تزال تعاني من مشكلات مع أعداد القوات المسلحة، وفق إميل كاستيهلمي، الخبير العسكري في مؤسسة تحليل المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر "بلاك بيرد"، ومقرها فنلندا.

وقال كاستيهلمي لـ"نيوزويك"، إن الاستيلاء على بضع عشرات من القرى الحدودية الروسية، على حساب العديد من الأرواح وقطع المعدات لن يساعد الأوكرانيين "بشكل عام، لن يتم حل الحرب في كورسك، فالمناطق الأكثر أهمية استراتيجيًا لا تزال تقع في شرق وجنوب أوكرانيا".

وفي الوقت نفسه، قال فوكسانوفيتش إن هناك علامة استفهام حول سبب استمرار كييف في هذه الحملة في حين أن قواتها "مُثقلة" في منطقة دونباس.

ولفت الباحث في مركز لندن للاقتصاد إلى أنه "حتى لو كان ذلك من شأنه أن يكشف القيادة الروسية، فإن الحروب لا تُربح على أساس الإحراج السياسي الذي تفرضه على خصمك.. بل قد تؤدي هذه الخطوة إلى إهدار أوكرانيا للموارد التي تفتقر إليها بشدة في هذه الحرب، وهي القوى العاملة".

ويعتقد فوكسانوفيتش أن جزءًا من هدف أوكرانيا من التوغل هو الحصول على دعم من الغرب، من خلال إثبات أن كييف لا تزال لديها بعض القدرة على القتال "هذا مهم بشكل خاص بالنسبة لأوكرانيا، لأنها حذرة من نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهناك خطر يتمثل في أن توقف إدارة ترامب المساعدات لأوكرانيا".

آلة حرب

كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هو الذي استشهد بانتصارات موسكو السابقة، إذ قال لشبكة "فوكس نيوز" الشهر الماضي إنه أخبر زيلينسكي في محادثة هاتفية أن كييف تواجه "آلة حرب"، وأنهم "هزموا كلا من هتلر ونابليون".

لكن، أشار السفير الأمريكي السابق لدى روسيا، جون سوليفان، إلى أن ترامب "أغفل خسائر موسكو أمام اليابان في عام 1905"، لكن تعليقات الرئيس السابق سلطت الضوء على أن الكرملين لا يتراجع أمام النكسات المبكرة.

وقال سوليفان لـ "نيوزويك" قبل بدء غزو كورسك: "لقد جاء النصر في الحرب الوطنية العظمى بعد إخفاقات كارثية في بداية الحرب والتي سبقت الغزو النازي في حرب الشتاء مع فنلندا".

وأضاف: "هذا ما فعله الروس على مدى فترة طويلة للغاية، ولا ينبغي الاستهانة بهم، ومن المؤكد أن الأوكرانيين لا يستخفون بهم".

ولفت روبرت أورتونج، الأستاذ في كلية "إليوت" للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن: "بينما ستكون هناك دائمًا مخاطر مرتبطة بأي مناورة حربية، واجهت أوكرانيا خطرًا أعظم من خلال مواصلة خوض حرب استنزاف مع روسيا".

وأضاف: "لم يكن هناك أي سبيل لتحقيق النصر في هذه الحرب، ومن المرجح أن تواجه كييف الهزيمة في نهاية المطاف، نظرًا لقدرة روسيا على الوصول إلى المزيد من الرجال والمعدات".