تسعى الحكومة الأوكرانية لإنفاق ملايين الدولارات لشراء مفاعلات نووية متوقفة، حيث تواجه اتهامات بأن المسؤولين يفتحون الباب أمام الفساد، في الوقت الذي يسعون "فيه إلى تنظيف قطاع الطاقة في البلاد"، وفق تعبير النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو".
وتريد حكومة كييف تشغيل وحدتين جديدتين في محطة "خميلنيتسكي" للطاقة النووية في غرب أوكرانيا، بحجة أنهما ستساعدان في دعم شبكة الطاقة في البلاد التي دمرتها القنابل الروسية؛ زاعمة أن أسرع طريقة للقيام بذلك هي شراء مفاعلات روسية الصنع مخزنة حاليًا في بلغاريا، بتكلفة تقدر بنحو 600 مليون دولار.
وفيما يحتاج الاتفاق إلى موافقة المشرعين، يزعم العديد من البرلمانيين -بينهم واحد على الأقل من حزب الرئيس فولوديمير زيلينسكي- أن الاتفاق قد يؤدي إلى إحداث ثغرة هائلة في ميزانية البلاد الممزقة؛ من أجل تكنولوجيا قديمة لن تساعد الأوكرانيين بالضرورة في تجنب انقطاع التيار الكهربائي الوشيك.
ووصلت الأزمة إلى ذروتها صباح الثلاثاء، عندما التقى مسؤولون حكوميون بأعضاء البرلمان لمناقشة القضية. ونقلت الصحيفة عن اثنين من المشرعين الحاضرين أن الحكومة اعترفت بأنها لا تتمتع حاليًا بالدعم اللازم.
خيارات ومخاوف
ينقل التقرير عن أندريه زوبانين، عضو البرلمان عن حزب زيلينسكي الحاكم، وعضو لجنة الطاقة في البرلمان: "من النادر للغاية ألا تحظى أشياء على هذا المستوى العالي بالدعم". وطرح عدة أسئلة قال إنها ظلت بلا إجابة "هل نستطيع أن نتحمل تكاليف شراء المفاعلات النووية الروسية أثناء الغزو الكامل؟ وما هي حالة هذه المفاعلات؟ لقد اشترتها بلغاريا قبل 10-12 عامًا، فهل ستعمل عندما تصل إلى أوكرانيا؟".
لكن وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو، الذي يدعم الخطة، رفض هذه المخاوف، وجادل بأن توسيع الطاقة النووية هو الخيار الوحيد لشبكة الطاقة المحاصرة، وأن مفاعليVVER-1000 هما الخيار الأكثر فعالية لأوكرانيا.
وقال لـ "بوليتيكو": "في مواجهة الهجمات الروسية، تمثل الطاقة النووية 60% من مزيج الطاقة لدينا، وتشكل العمود الفقري لنظام الطاقة لدينا. إن تطوير وإضافة المزيد من الوحدات إلى محطة خميلنيتسكي للطاقة النووية، يمثل أولوية بالنسبة لحكومة أوكرانيا".
وقد خلق هذا الخلاف نقطة خلافية أخرى، في الوقت الذي تحاول فيه أوكرانيا القضاء على الفساد في قطاع الطاقة.
وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، ألقي القبض على نائب وزير الطاقة الأوكراني أوليكساندر خيل، بسبب مزاعم رشوة قدرها نصف مليون دولار، مقابل نقل معدات تعدين الفحم المملوكة لشركة حكومية.
ويزعم زوبانين ونواب آخرون أن شراء المفاعل النووي الروسي سوف يصبح مسرحًا آخر لمثل هذه الصفقات المشبوهة "خلال السنوات العشر الماضية، كانت هناك العديد من القضايا الجنائية ضد أشخاص يستخدمون العطاءات لاستخراج الأموال من شركة الطاقة النووية الحكومية في أوكرانيا. إذا سمحت لهم بإنفاق مليارات الهريفنيا على هذا، فيمكنك أن تتوقع سلسلة من القضايا الجنائية في السنوات العشر المقبلة".
أسئلة أساسية
يزعم البرلمانيون أن الحكومة فشلت في الإجابة عن أسئلة أساسية حول كيفية توفير المشروع للقيمة مقابل المال، أو معالجة تحديات شبكة الطاقة المحاصرة.
وقال ياروسلاف جيليزنياك، الخبير الاقتصادي وعضو البرلمان عن حزب "هولوس" الليبرالي، إنه غير واثق من قدرة الحكومة على تهدئة هذه المخاوف "هناك الكثير من أعضاء البرلمان من جميع الفصائل تقريبًا الذين لا يدعمون ذلك. نحن قلقون بشأن الفساد في عملية الشراء هذه ولم نتلق أي تفسيرات".
كما يواجه قطاع الطاقة في بلغاريا فضائح فساد. يوم الثلاثاء، داهم المحققون مكاتب شركة تشغيل شبكة الغاز المملوكة للدولة، في تحقيق بشأن مزاعم إساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي.
وفي مايو، منع أنصار حزب سياسي يميني متطرف موالٍ لروسيا في البلاد وصول وفد من كييف إلى إحدى محطات الطاقة النووية في البلاد، وكان الوفد يعتزم فحص المعدات التي تخطط لشرائها لقطاع الطاقة الذرية.
كما أثارت منظمة الطاقة والبيئة الأوكرانية غير الحكومية "إيكوديا" مخاوف بشأن المقترحات المقدمة إلى خميلنيتسكي، بحجة أن المشروع سيعتمد على "معدات روسية الصنع قديمة" وأن "استخدام التكنولوجيا القديمة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة في السلامة والكفاءة".