اجتاحت الأزمات العالم خلال عام 2022، ما بين أزمات اقتصادية وسياسية وحروب، إلى جانب الكوارث المناخية التي منيت بها عدد من الدول.
الأزمة الروسية الأوكرانية
البداية، كانت الأزمة التي اشتعلت بين روسيا وأوكرانيا، ثم تطورت إلى عملية عسكرية روسية في أوكرانيا سببت خسائر كبيرة للجانبين، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي عصفت بدول العالم أجمع، ففي الرابع والعشرين من فبراير 2022، بدأت العمليات العسكرية وتطورت الأحداث في الشهور التالية، وأثرت على العالم، خاصة مع وجود تحالفات تدعم كلا الجانبين، وبعد مضي أيام من الحرب، وضع بوتين القوة النووية الروسية في حالة تأهب قصوى، وتكررت التهديدات النووية من قبل روسيا منذ بداية الصراع وحتى الآن، إذ حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، القادة الغربيين مؤخرًا من أن مخاطر الحرب النووية أصبحت الآن كبيرة.
وكان للحرب في أوكرانيا تأثير كبير على ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وهو ما أدى بدوره إلى بلوغ التضخم في العديد من دول العالم مستويات قياسية، لم تفلح إجراءات الحكومات برفع معدلات الفائدة في كبحه.
الصين وتايوان
تجدد الصراع بين الصين وتايوان، في شهر أغسطس الماضي، مع زيارة نانسي بيلوسي، رئيس مجلس النواب الأمريكي، الجزيرة، الأمر الذي أثار حفيظة بكين، والصراع بين الصين وتايوان يعود إلى عام 1949، مع نهاية الحرب الأهلية الصينية، حين وقع الانفصال بين بكين والجزيرة، ليصبح المضيق الذي يفصل بينهما بمثابة نقطة توتر جيوسياسية.
فهذا المضيق الذي لا يتعدى عرضه 130 كيلومترًا في أضيق نقاطه، يعد بمثابة قناة شحن دولية رئيسية، وكانت الأمور تشتعل بين الحين وتهدأ في أحيان أخرى، حتى جاءت زيارة بيلوسي، تايوان، وخرجت بكين لتوجه تهديدات متصاعدة، وأعلنت سلسلة من المناورات العسكرية في المياه المحيطة بالجزيرة، ومنذ ذلك الحين، تكررت الأنشطة العسكرية الصينية ضد تايوان، إذ أرسلت بكين مقاتلات وسفن إلى مضيق تايوان، الأمر الذي عزز المخاوف من احتدام التوتر بين الطرفين، ما قد يتطور إلى حرب، خاصة أن بكين تتعامل مع الجزيرة على أنها مقاطعة منشقة سيعاد ضمها إليها.
أرمينيا وأذربيجان
رغم الهدنة القائمة بين كل من أرمينيا وأذربيجان، تجددت الاشتباكات خلال أغسطس الماضى، ما عزز المخاوف من اشتعال الصراع المسلح بين الدولتين المتجاورتين، حول إقليم ناغورني قره باغ الذي يعود النزاع عليه إلى عشرينيات القرن الماضي، خاصة بعد تحرك عسكري من "باكو" سيطرت خلاله على مرتفعات استراتيجية عدة، في إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه مع "يريفان".
ويعود الصراع في الإقليم ناجورنو كاراباخ إلى عشرينيات القرن الماضي، حين ضم الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين في عام 1923، الأقلية الأرمينية "سكان كاراباخ" داخل حدود أذربيجان، وبحدود إدارية تُرسم لتجعل كل ما يحيط بها أذربيجانيًا رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، وفي المقابل تظل الأقلية الأذربيجانية في إقليم "ناختشيفان" معزولة داخل جمهورية أرمينيا، علاوة على منح السوفيت " كاراباخ" صلاحية الحكم الذاتي داخل جمهورية أذربيجان، وهو ما كان أشبه بقنبلة موقوتة، لكن بعد أن تفتت العقد السوفيتي وبعد أن استقلت جمهورية أذربيجان، اندلعت الحروب بين كل من أذربيجان وجمهورية أرمينيا، كل منهما يريد ضم تلك البقعة إلى أراضيه، وكان السبب في ذلك الصراع هو إعلان أرمينيا بأن تلك المنطقة ملكًا لها، معللة ذلك بأغلبية سكانها الأرمن، وأدى ذلك الصراع إلى نزوح مئات الآلاف من الأرمن من أذربيجان إلى أرمينيا، ونزوح مئات الآلاف من الأذريين من أرمينيا إلى أذربيجان، لكن وبعد شهور من الهدوء عاد الصراع بين الجانبين، في أغسطس الماضى، وسط مخاوف شديد من اشتعال فتيل الحرب.
صربيا وكوسوفو
وقع إطلاق نار قرب الحدود بين كوسوفو وصربيا، في شهر أغسطس الماضي، وجاء إطلاق النار ردًا على قرار حكومة "بريشتينا" باستبدال لوحات الترقيم الصربية بأخرى كوسوفية وتعديل الوثائق المدنية الصربية واستبدالها بهويات كوسوفية، القرار رفضته الأقلية الصربية في مدينة "ميروفيتشا" شمال البلاد، وكان سببًا كبيرًا في تصاعد حدة التوترات بين كوسوفو وصربيا.
وقبل نحو 14 عامًا ومنذ إعلان كوسوفو استقلالها ـ التي يمثل الألبان أغلب سكانهاـ عن صربيا، ما زال نحو 50 ألف صربي يعيشون في شمال البلاد، يستخدمون اللوحات المعدنية والوثائق الصربية، رافضين الاعتراف بالمؤسسات التابعة لكوسوفو برشتينا، بل إن صربيا نفسها لا تعترف بإقليمها السابق" كوسوفو" كدولة منفصلة ولا تعتبر الحدود المشتركة سوى حدود إدارية ومؤقتة، وتعترف أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة و22 من دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بكوسوفو منذ إعلانها استقلالها عام 2008، لكن صربيا ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو التي كانت إقليمًا تابعًا لها، بعد الحرب الدامية التي شهدتها المنطقة في تسعينات القرن الماضي، وفي أبريل 2013، وقّعت صربيا وكوسوفو "اتفاقية تطبيع العلاقات بين البلدين"، التي وصفها الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بـ"التاريخية"، لكن قرار "كوسوفو" الخاص باللوحات المعدنية والوثائق المدنية أعاد الصراع من جديد بين الدولتين.
صواريخ كوريا الشمالية الباليستية
سرّعت كوريا الشمالية خلال 2022، وتيرة إطلاق الصواريخ الباليستية في اتجاه كوريا الجنوبية واليابان، مما أشعل التوتر القائم في شبه الجزيرة الكورية ومنطقة الهادئ. وتشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية أطلقت ما يزيد على 80 صاروخًا باليستيًا خلال 2022، ومع تكرار تجارب الصواريخ الباليستية، تزايدت المخاوف من وقوع خطأ في التقدير من جانب أي طرف، واندلاع صراع عسكري لا يحمد عقباه.
وإلى جانب اختبارات الصواريخ الباليستية، أطلقت كوريا الشمالية عددًا من الطائرات المُسيّرة عبر الحدود المشتركة بينها والشطر الجنوبي، وانتهكت "الطائرات المُسيّرة" المجال الجوي لكوريا الجنوبية في المناطق الحدودية عند مقاطعة جيونج جي، كما تم رصد تحليق طائرة مُسيّرة شمال العاصمة سول، وقال الجيش الكوري الجنوبي إنه أطلق عدة طلقات تحذيرية قبل إرسال طائرات ومروحيات بهدف إسقاطها.
الإرهاب في إفريقيا
خلال 2022، تزايدت أنشطة الجماعات الإرهابية في دول إفريقية عدة، هذا ما أكدته تصريحات أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، خلال حديثها في اجتماع لمجلس الأمن، نوفمبر الماضي، تحت بند التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين، إذ حملت الجلسة عنوان: "مكافحة الإرهاب وأهميته بالنسبة للسلام والأمن العالميين والتنمية".
وقالت أمينة محمد: إن الإرهابيين والمتطرفين- بما في ذلك داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما- استغلوا عدم الاستقرار والصراع، بهدف زيادة أنشطتهم وتكثيف الهجمات في جميع أنحاء القارة، مشيرة إلى أن العنف الوحشي لهذه الجماعات تسبب في مقتل وجرح الآلاف.
أصبح الوضع في منطقة الساحل وغرب إفريقيا ملحًا بشكل خاص، إذ تنشط بعض الجماعات التابعة لداعش الأكثر عنفًا في المنطقة. وخلال العامين الماضيين، توسعت هذه الجماعات عبر مناطق واسعة من الساحل، مما زاد من وجودها في مالي بينما توغلت أكثر في بوركينا فاسو والنيجر، وفقًا لأمينة محمد، التي أشارت إلى أن أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة تفاقم حالة عدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية، ويمكنها أن تغرق دولة خارجة من الحرب مرة أخرى في أعماق الصراع.[