كشفت وزارة الزراعة الفرنسية، أن البلاد ستشهد هذا العام "أحد أسوأ مواسم حصاد القمح خلال الأربعين عامًا الماضية"، في حين أن هذا الإعلان يأتي في وقت حساس، حيث تواجه فرنسا، أكبر منتج ومصدر للقمح اللين في الاتحاد الأوروبي، تحديات متعددة في قطاعها الزراعي.
انخفاض حاد في إنتاج القمح
وفقًا لصحيفة "بوليتيكو"، فإن وكالة الإحصاء التابعة لوزارة الزراعة الفرنسية "أجريست" تتوقع انخفاضًا كبيرًا في إنتاج القمح هذا العام، إذ من المتوقع أن ينخفض الإنتاج إلى 26.3 مليون طن، وهو ما يمثل تراجعًا بنسبة تقارب 25% مقارنة بعام 2023، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على حجم الأزمة التي يواجهها قطاع إنتاج القمح في فرنسا.
الأسباب وراء تراجع الإنتاج
أشارت "أجريست" إلى أن التراجع الكبير في الإنتاج يعود بشكل رئيسي إلى "الظروف المناخية"، فقد شهدت فرنسا موسم زراعة شديد الرطوبة العام الماضي، تبعه ربيع وبداية صيف لم يتوفر فيهما القدر الكافي من أشعة الشمس، وهذه الظروف المناخية غير المواتية أثرت بشكل كبير على نمو محصول القمح وجودته؛ ما أدى إلى هذا التراجع الحاد في الإنتاج.
تأثير الأزمة على الخبز الفرنسي
يستخدم القمح اللين في صناعة الكعك والخبز، وبشكل خاص في إنتاج خبز "الباجيت" الفرنسي الشهير، ما أثار مخاوف من احتمال ارتفاع أسعار هذا الرغيف الذي يُعد رمزًا للثقافة الغذائية الفرنسية.
وتجدر الإشارة إلى أن سعر الباجيت يعتبر مؤشرًا مهمًا للتضخم بالنسبة للأسر الفرنسية، وشهد ارتفاعات في السنوات الأخيرة نتيجة لزيادة تكاليف الطاقة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
تطمينات بشأن أسعار الخبز
رغم المخاوف المثارة، يرى تييري بوش، كبير الاقتصاديين في غرفة الزراعة الفرنسية، أنه من غير المُرجح أن تشهد أسعار الباجيت ارتفاعًا كبيرًا في الوقت الحالي، وصرح بوش لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، قائلًا: "إن سعر القمح والدقيق لا يشكل سوى جزء صغير من السعر الإجمالي للباجيت، في الوقت الحالي، لا نرى حركة واسعة النطاق في الأسعار بالنسبة للمستهلكين."
تداعيات الأزمة
على الرغم من الطمأنة بشأن أسعار الخبز، فإن الأزمة تلقي بظلال قاتمة على مزارعي القمح الفرنسيين، إذ أوضح بوش أن متوسط الخسائر التي قد يتكبدها منتج القمح الواحد، تتراوح بين 30 ألفًا إلى 50 ألف يورو؛ بسبب سوء المحصول، ما يهدد استمرارية العديد من المزارع وتضع ضغوطًا هائلة على القطاع الزراعي ككل.
في ظل هذه الظروف الصعبة، تحركت النقابات الزراعية الفرنسية، وعلى رأسها الاتحاد الوطني لنقابات مستثمري المزارع، للمطالبة بتدخل حكومي عاجل.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن هذه النقابات مطالبتها للحكومة برئاسة جابرييل أتال بتقديم مساعدات مالية للمزارعين لمساعدتهم على تجاوز هذا العام الصعب.
سياق الاحتجاجات الزراعية
تأتي هذه الأزمة في أعقاب فترة شهدت اضطرابات اجتماعية بين المزارعين الفرنسيين، إذ نظمت النقابات الزراعية في وقت سابق من هذا العام، سلسلة من الاحتجاجات وإغلاق الطرق، احتجاجًا على البيروقراطية وإنهاء بعض برامج المساعدات الزراعية، ما دفع الحكومة الفرنسية إلى تقديم سلسلة من التنازلات للمزارعين، في محاولة لتهدئة الأوضاع قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو.