الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فرنسا على شفا أزمة سياسية.. مخاوف من شلل برلماني وسط دعوات لانتخابات رئاسية مبكرة

  • مشاركة :
post-title
الجمعية الوطنية الفرنسية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه فرنسا حاليًا أزمة سياسية غير مسبوقة، في ظل عدم وجود أغلبية برلمانية واضحة، مما يثير مخاوف من شلل مؤسسي قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام السياسي، في هذا الصدد تسلط صحيفة "لوباريزيان" الضوء على الوضع الراهن والسيناريوهات المحتملة للخروج من هذا المأزق، استنادًا إلى تحليلات وتصريحات لشخصيات سياسية بارزة ومراقبين للشأن الفرنسي.

ساحة صراع بين ثلاث كتل متنافسة

كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة عن انقسام حاد في المشهد السياسي الفرنسي، إذ لم تتمكن أي من الكتل الرئيسية الثلاث في الجمعية الوطنية من تحقيق أغلبية مطلقة تمكنها من تشكيل حكومة منفردة، وبحسب ما نقلته صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، فإن هذا الوضع قد دفع العديد من المسؤولين السياسيين إلى التحذير من خطر نشوب أزمة نظام.

وفي هذا السياق، يبدو أن الرئيس إيمانويل ماكرون لم يظهر أي ندم على قراره المفاجئ بحل البرلمان، رغم أن هذه الخطوة قد وضعت البلاد في مأزق سياسي.

سيناريوهات متعددة للخروج من الأزمة

في ظل هذا الوضع المعقد، تتعدد السيناريوهات المطروحة للخروج من الأزمة، فمن جهة، يرى جان-لوك ميلانشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية"، أن البلاد تواجه بالفعل أزمة نظام.

وقد كتب في مدونته الشخصية: "إن رفض تعيين حكومة من الجبهة الشعبية الجديدة والتهديد بإسقاط أي حكومة قد يتم تشكيلها، يرسم ملامح حلقة مفرغة... الطريقة الوحيدة للخروج من هذا الوضع هي أن يرحل الرئيس".

من جانبها، لوحت مارين لوبان، زعيمة حزب "التجمع الوطني"، بشبح الانسداد السياسي منذ نهاية يونيو الماضي. وقد صرحت لصحيفة "لوباريزيان" قائلة: "الكتلة المركزية وكتلة الجمهوريين، التي باعت نفسها بالفعل معهم، لا تشكلان أغلبية.. كل هذا سيكون هشًا للغاية بالضرورة".

دعوات لانتخابات رئاسية مبكرة

وسط هذه الأجواء المشحونة، تتعالى أصوات تدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كمخرج محتمل من الأزمة. وفي هذا الصدد، يقول الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الذي أعيد انتخابه نائبًا عن الحزب الاشتراكي: "هذا ما يتمناه جان-لوك ميلانشون ومارين لوبان. إنهم يسعون إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لكن هذا ليس ما أتمناه".

وفي المقابل، يشير مصدر مقرب من الرئيس ماكرون إلى أن "جابرييل أتال وإدوارد فيليب يحلمان أيضًا، بطريقة أخرى، بانتخابات رئاسية مبكرة". ويضيف المصدر: "لهذا السبب هم أنفسهم لا يسعون بالضرورة إلى إنشاء تحالف. لكنهم مخطئون".

اختبار حاسم للنظام السياسي

في خضم هذه التحديات، يبرز اعتماد الموازنة كاختبار حاسم للنظام السياسي الفرنسي، إذ يحذر هيرفيه مارسيي، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المستقل، قائلًا: "إذا لم يبذل أحد أي جهد، فقد يتحول الأمر إلى أزمة نظام".

ويضيف: "حتى لو استقال الرئيس، فلن يغير ذلك شيئًا، لأنه لن يتمكن من حل البرلمان قبل عام. لذلك، علينا أن نتعامل مع ما هو موجود".

من جانبه، يدعو فرانسوا هولاند، إلى "تفعيل مؤسساتنا والاستجابة للتوقعات التي عبر عنها الناخبون في الانتخابات من خلال تعيين حكومة".

تحديات تشكيل الحكومة الجديدة

رغم أن الرئيس ماكرون يستبعد ترشيح لوسي كاستيتس، مرشحة الجبهة الشعبية الجديدة، لرئاسة الوزراء، إلا أنه لا يبدو واضحًا كيف يمكن للأسماء التي يتشاور بشأنها، مثل كزافييه بيرتران وبرنار كازنوف، أن تحظى بدعم عدد كافٍ من النواب.

ويرى أحد كبار الاشتراكيين أن "حكومة منبثقة من اليمين لا يمكن أن تصمد على المدى الطويل، إلا إذا لم يرغب التجمع الوطني في معارضتها". ويضيف أن رئيس الوزراء المقبل، في ظل غياب أغلبية مطلقة، سيتعين عليه في المقام الأول أن ينجح في عدم حشد "أغلبية ضده".

وفي هذا السياق، يقول أحد أعضاء الحكومة المنتهية ولايتها للصحيفة الفرنسية: "السؤال هو ما هو البرنامج الذي لن يتم رفضه، وليس إنشاء أغلبية جديدة، لأن هذا غير موجود".

لكن حتى هذا القاسم المشترك الأدنى يصعب تحديده، ويعترف أحد قادة حزب ماكرون قائلًا: "نقول جميعًا إننا سنشكل تحالفًا، لكن هذا لن ينجح أبدًا"، مضيفًا أنه "لا يرى أين يكمن الحل".

نهاية عهد الجمهورية الخامسة

رغم خطورة الوضع، يرى بعض المحللين أن الحديث عن نهاية الجمهورية الخامسة قد يكون سابقًا لأوانه، إذ يقول باسكال بيرينو، عالم السياسة الفرنسي: "في عام 1958، تم تغيير الجمهورية لأننا لم نعد قادرين على الخروج من أزمة الجزائر، وتهديدات الانقلاب، ولم يعد النظام البرلماني للجمهورية الرابعة قادرًا على القيام بعمله. حتى لو كنا في وضع معقد وصعب، فإننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة".

ويشدد بيرينو على "مرونة" المؤسسات الحالية، مشيرًا إلى أن هذه المرونة ستكون ضرورية للتعامل مع التحديات الراهنة.