فرضت روسيا ما تريده على المسرح العالمي، وباتت صاحبة الصوت الأعلى من بين القوى العظمى، فلم يكن الإعلان عن قمة رابطة الدول المستقلة التي ستعقد في مدينة سان بطرسبرج اليوم مصادفة، إذ تتزامن مع ذكرى انهيار الاتحاد السوفيتى، ليجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قادة دول الرابطة لتعزيز التعاون بين موسكو ودول الرابطة.
مر قرن على ميلاد الاتحاد السوفيتى السابق، وبعد نحو ثلاثة عقود أو أكثر على سقوطه، يتجدد الاعتقاد في الغرب والشرق أن الاتحاد السوفيتى يعيد إحياء نفسه مع توجيه فوهات المدافع الروسية إلى بعض أراضي الجمهوريات السوفيتية السابقة، وليس أدل على ذلك من الحرب المستمرة في أوكرانيا لقرابة العام.
في هذا السياق اعتبر د. أسامة السعيد، خبير العلاقات الدولية، انهيار الاتحاد السوفيتى في ديسمبر 1991 سقوطًا لدولة الاتحاد السوفيتى وليس لفكرة الإمبراطورية الروسية التي تمتلك تاريخًا عريقًا، وثانى أكثر الأمم خوضًا للمعارك والحروب.
وأضاف "السعيد" في مداخلة على شاشة" القاهرة الإخبارية" أن التحول الذي شهدته فكرة الاتحاد السوفيتى وتفكك التحالف مع الجمهوريات الأخرى كان بداية لصفحة جديدة.
وذكر أن موسكو عانت طيلة عشر سنوات، تلك التي لحقت بسقوط الاتحاد السوفيتى، إلى أن جاء الرئيس بوتين وحاول إيحاء فكرة الدولة القوية والقادرة على حماية مقدّراتها.
عالم متعدد الأقطاب
ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن ذكرى انهيار الاتحاد السوفيتي تحمل هذا العام خصوصية كبيرة مع الطموحات الروسية المتصاعدة، إذ تتزامن مع سعي موسكو الحالى لتعيد نفسها كلاعب مهم على الساحة الدولية، وبناء نظام متعدد الأقطاب وإنهاء فكرة القطبية الأحادية التي ظلت سائدة على مدار 3 عقود ماضية.
وشدد على أن الرئيس الروسي الحالي في مقدمة من يدركون أن إعادة إحياء الاتحاد السوفيتى بشكله القديم تبدو مسألة مستحيلة تجاوزها الزمن، في ظل متغيرات شهدتها السنوات الماضية جعلت من روسيا دولة مختلفة، وهو ما يجعله يتعامل بأدوات ووسائل مغايرة عما كان يتعامل الاتحاد السوفيتى في السابق.
من جانبه يرى ديمتري بريجع، الكاتب الصحفي الروسي، أن العالم يعود إلى زمن الحرب الباردة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عاد بعجلة الزمن إلى الوراء عندما قام بتعديلات دستورية عام 2020 لعبت دورًا مهمًا في القوانين الداخلية والسيطرة على زمام الأمور، محاولًا أن يبنى روسيا الموحدة، ويغير دور روسيا في العالم ويتحدث طوال الوقت عن عالم متعدد الأقطاب ويبرز نفسه كقائد لروسيا الجديدة.
وأوضح "بريجع" في مداخلة على شاشة "القاهرة الإخبارية" من العاصمة موسكو، أن الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين حاول - بعد سقوط الاتحاد السوفيتى- التقرب من دول الاتحاد الأوروبي وبناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد ميثاق باريس 1990 والذي أنهى الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن.
وأضاف أن فلاديمير بوتين لديه قناعة أن الولايات المتحدة تحاول الهيمنة على دول الاتحاد السوفيتى السابق، خاصة أوكرانيا التي حدث بها انقلاب عام 2014 وتغيرت السلطة في كييف إلى نظام تابع للدول الغربية، ويريد أن يكون جزءًا من حلف شمال الأطلسي، وهو ما يهدد روسيا وفق رؤية الرئيس الروسي.