مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتزايد القلق حول مصير أوكرانيا وطبيعة الدعم الأمريكي لها، وفي هذا الصدد سلطت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية الضوء على السيناريوهات المحتملة في حال فوز دونالد ترامب أو كامالا هاريس، وتداعياتها المحتملة على الصراع الأوكراني الروسي والسياسة الخارجية الأمريكية.
آمال ومخاوف
تُعتبر نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس شخصية غامضة نسبيًا فيما يتعلق بسياستها الخارجية المستقبلية تجاه أوكرانيا، فوفقًا لتحليل "بوليتيكو"، فإن المسؤولين الأوكرانيين ينظرون إليها كـ"لوحة فارغة" يمكنهم رسم آمالهم وقلقهم عليها، فمن جهة، تمثل هاريس استمرارًا لفريق بايدن الذي يعرفونه جيدًا، ومن أخرى يمكن أن يضع قدومها للبيت الأبيض نهاية لبعض سياسات الرئيس الأمريكي الحالية غير المرضية لكييف.
وكشف التقرير عن وجود انقسامات داخل الحزب الديمقراطي بشكل عام، وفي إدارة بايدن والمعسكر المؤيد لأوكرانيا في واشنطن على وجه الخصوص، على نحوٍ يبدو أكبر مما هو معلن.
وفي حين يثني الأوكرانيون وحلفاؤهم علنًا على جهود بايدن في بناء تحالف عالمي وحشد دعم عسكري واقتصادي غير مسبوق لكييف، إلا أن التقييمات الخاصة بهم تبدو أقل سخاء، وأحيانًا تكون لاذعة من بعض المسؤولين الأوكرانيين.
وأشار التحليل إلى أن بايدن تباطأ في توريد الأسلحة ووضع قيودًا على استخدامها، بسبب مخاوف من التصعيد مع روسيا كقوة نووية، وهو ما يبدو الآن أنه مبالغ فيه، لافتًا إلى أن هذا الحذر والتردد من قبل بايدن أعاق القدرات الأوكرانية وأثار التوتر في كييف.
وبلغت حدة الإحباط من بايدن ذروتها، خلال قمة الناتو، يوليو الماضي، فبعد أن دمر صاروخ روسي مستشفى في كييف جزئيًا مع بدء القمة، رفض البيت الأبيض طلبًا أوكرانيًا باستخدام أسلحة أمريكية لضرب مواقع إطلاق الصواريخ داخل روسيا نفسها، ونتيجة لذلك، لم تواجه روسيا أي تداعيات لهذه الضربة.
معسكر ترامب
على الجانب الآخر من المعادلة السياسية، يبدو أن هناك صراعًا داخليًا في معسكر ترامب حول السياسة الخارجية المستقبلية، فبينما يُنظر عادة إلى المرشح الجمهوري على أنه أقل دعمًا لأوكرانيا، إلا أن التحليل يشير إلى احتمال اتخاذه موقفًا أكثر تعاطفًا مع كييف مما هو متوقع.
وكشف التقرير عن مكالمة هاتفية أجراها ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد فوزه بترشيح الحزب الجمهوري، ووفقًا لمصادر مطلعة على تفاصيل المكالمة، نفى ترامب لزيلينسكي التقارير التي تشير إلى عزمه مساعدة بوتين، ووعد بالدفع نحو سلام عادل.
وأشار جون هيربست، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا، إلى أن "حقيقة وصف ترامب للمكالمة بأنها جيدة تعني أن عداءه لزيلينسكي أصبح أمرًا من الماضي".
ويكشف التقرير أيضًا عن وجود صراع داخل الدائرة المقربة من ترامب بشأن السياسة الخارجية، فبينما يمثل اختيار جي دي فانس، كنائب للرئيس "أسوأ كابوس لأوكرانيا"، هناك أيضًا تيار واقعي يميل إلى النهج الدولي في التعامل مع القضية الأوكرانية.
وتشير المصادر إلى أن الفريق الأوكراني يرى حلفاء محتملين في محيط ترامب، وقد عملوا على التواصل مع ثلاثة منهم بشكل خاص، هم روبرت أوبراين، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق، والسيناتور توم كوتون.
ونشر "بومبيو" أخيرًا، بالاشتراك مع ديفيد أوربان، مقالًا في صحيفة "وول ستريت جورنال"، يطرح خطة طموحة لدعم أوكرانيا، بما في ذلك عضويتها في حلف الناتو.
المصالح الأمريكية
ويطرح التقرير حجة مضادة للمتشككين في دعم أوكرانيا، مفادها أن بوتين هو وكيل الصين، وأن الصراع في أوكرانيا هو في الحقيقة حول ما إذا كان العالم الحر أم تحالف تقوده بكين سينتصر.
وينقل عن راديك سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي: "يمكن لروسيا إما أن تكون حليفًا للغرب أو تابعًا للصين، اختار بوتين الأخير".
يخلص التحليل إلى أن أيًا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية، فإن الإدارة القادمة ستحتاج إلى تعريف المشاركة الأمريكية في ملف أوكرانيا بشكل أوضح، من منظور يتعلق بمصالح واشنطن على وجه الخصوص.