تسبّبت الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات في مجاعة بموقع واحد على الأقل في شمال دارفور، بحسب ما أعلنت لجنة من خبراء الأمن الغذائي في تقرير صدر أمس الخميس.
واندلعت المواجهات المسلحة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.
وبحسب تقرير لجنة خبراء الأمن الغذائي، فإنه من المرجح أن الحرب وعدم إيصال المساعدات أديا إلى ظروف مجاعة في أجزاء أخرى من منطقة الصراع، وفقًا لـ"رويترز".
ونوّهت صحيفة "الجارديان" البريطانية، بإعلان المجاعة في مخيم للنازحين السودانيين في مدينة الفاشر المحاصرة، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 600 ألف شخص يعيشون في مخيمات خارج عاصمة شمال دارفور.
وقالت شبكة الإنذار المبكر من المجاعة المدعومة من الأمم المتحدة (فيوز نت)، أمس الخميس، إنها تمتلك أدلة تؤكد أن الناس يموتون جوعًا في مخيم زمزم، وأنه من المحتمل أن أسوأ مستويات الجوع كانت موجودة أيضًا في مخيمي أبو شوك والسلام.
ولا تعلن منظمة "فيوز نت" عن المجاعة، إلا بعد التأكد من أن معدلات الوفيات وصلت إلى مستويات شديدة الخطورة، وهو ما تقول إنه ظهر في زمزم لمدة تصل إلى شهرين.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ أشهر، في محاولتها الاستيلاء على المدينة من الجيش السوداني.
وقال مستشار دعم القرار في "فيوز نت" لارك والترز: "بدون نهاية لهذا الصراع، وفي غياب المساعدات الغذائية الإنسانية واسعة النطاق، فإن المعاناة الإنسانية الشديدة ستستمر".
وقد تضخم عدد سكان مخيمات النازحين في الفاشر، خلال العام الماضي مع فرار الناس من قوات الدعم السريع في أجزاء أخرى من المنطقة. وقالت "فيوز نت" إن الحرب وحصار قوات الدعم السريع للمدينة أدى إلى تقييد نقل الغذاء والقدرة على زراعته.
وقد استنفد السكان منذ فترة طويلة الحصاد الأخير من أواخر عام 2023. والآن ارتفعت أسعار الحبوب الأساسية بنسبة تصل إلى 180% فوق متوسط السنوات الثلاث.
وقال محمد قزلباش، مدير منظمة "بلان إنترناشونال" الخيرية لحقوق الطفل في السودان، إن المساعدات الغذائية لم تصل إلى زمزم منذ أبريل، عندما كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها على الفاشر.
وأضاف قازيلباش: "مع بدء موسم الجفاف، وفي غياب أي إجراءات عاجلة، فإن عدد الأطفال والأسر التي تواجه المجاعة سوف يتزايد".
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" الخيرية، إن قوات الدعم السريع تحتجز شاحناتها على الطريق خارج الفاشر، ما يمنع وصول الأدوية والأغذية إلى المدينة.
وقال ستيفان دويون، الذي يرأس الاستجابة الطارئة لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان: "نظرًا لأن هذه الإمدادات لم تصل بعد، فلم يتبق لدينا سوى ما يكفي من الغذاء العلاجي لبضعة أسابيع أخرى. وبالفعل، أصبح العديد من الأطفال هناك على وشك الموت. إن هذه الإمدادات ضرورية لإنقاذ حياتهم."
وأضافت منظمة أطباء بلا حدود، أن مستشفى الفاشر السعودي الذي تدعمه تعرض للقصف هذا الأسبوع، وهو الحادث العاشر الذي يشمل مستشفيات في المدينة منذ أبريل.
وأمس، شهدت الفاشر معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والطيران المُسيَّر وسلاح الطيران.
ووفقًا لشهود عيان تحدثوا لصحيفة "سودان تربيون"، فإن معارك أمس الخميس تُعد من أعنف المواجهات بين أطراف القتال في الفاشر منذ اندلاع المعارك في مايو الماضي.
وشنَّ طيران الجيش السوداني سلسلة غارات استهدفت مواقع الدعم السريع شرق وشمال مدينة الفاشر، في محاولة لاستهداف راجمات ومدافع ثقيلة نشرتها قوات الدعم السريع في محيط المدينة، وظلت تهاجم بها مواقع مختلفة شملت وسط الفاشر، والسوق الكبير، وسوق المواشي، ومقر قيادة الجيش السوداني.
في المقابل، تعاملت قوات الدعم السريع مع الطيران الحربي التابع للجيش السوداني بإطلاق المضادات الأرضية، قبل أن تجدد قصفها المدفعي المتتالي والعنيف على غرب المدينة.
وأمس الأول، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا جامبا، إن الوضع في السودان كارثي وحياة الأطفال هناك على المحك.