لا تزال المخاوف الدولية من نشوب حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط مستمرة، في ظل التوترات الحاصلة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، لكنّ بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية في طهران، أصبحت تلك المخاوف احتمالات قوية يتم الاستعداد لها.
حديث بين بايدن ونتنياهو
وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو هاتفيًا، أمس الخميس، في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكية إلى منع سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية في بيروت وطهران من التصعيد إلى حرب إقليمية، وفق "أكسيوس" الأمريكي.
وقال مسؤول إسرائيلي، إن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي استغرقت 30 دقيقة.
بينما قال ثلاثة مسؤولين أمريكيين نقل عنهم موقع "أكسيوس"، أن إدارة "بايدن" أصبحت على اقتناع بأن إيران ستهاجم إسرائيل في غضون أيام، ردًا على اغتيال "هنية" في طهران، في وقت سابق من هذا الأسبوع وتستعد لمواجهتها.
دعم إسرائيل ضد التهديدات
وأضاف البيت الأبيض، "بايدن أكد التزامه بأمن إسرائيل ضد كل التهديدات من إيران، بما في ذلك حماس وحزب الله والحوثيين"، كما ناقش الرئيس الأمريكي الجهود المبذولة لدعم دفاع إسرائيل ضد التهديدات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار.
كما أوضح الرئيس الأمريكي أن دعم بلاده إسرائيل يشمل نشر قوات عسكرية دفاعية أمريكية جديدة، مؤكدًا ضرورة خفض التصعيد في المنطقة"، بحسب بيان البيت الأبيض.
أمر بضرب إسرائيل
وتعهد زعيم حزب الله حسن نصر الله بالرد على الغارة الجوية الإسرائيلية على بيروت الثلاثاء الماضي، والتي أدت إلى مقتل مستشاره العسكري الأعلى، وقال "نصر الله" "إنه يتوقع أن ترد إيران على مقتل هنية، إلى جانب الجماعات الموالية لها في العراق والحوثيين في اليمن".
وأصدر المرشد الأعلى الإيراني، أمرًا لإيران بضرب إسرائيل مباشرة، ردًا على اغتيال "هنية" في طهران، وفقًا لثلاثة مسؤولين إيرانيين مطلعين على الأمر، حسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقال المسؤولون الإيرانيون الثلاثة، من بينهم اثنان من الحرس الثوري، إن خامنئي أصدر الأمر في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني صباح أول أمس الأربعاء، بعد وقت قصير من إعلان مقتل هنية، وطلبوا عدم نشر أسمائهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا.
واُغتِيل "هنية" في نحو الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي، بعد حضوره الحفل والاجتماع مع خامنئي، حيث كان في طهران، الثلاثاء، لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
لم تعترف إسرائيل
واتهمت إيران وحماس إسرائيل بالاغتيال، ولم تعترف إسرائيل، التي تخوض حربًا عنيفة على قطاع غزة، باغتيال "هنية"، الذي كان في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
ولدى إسرائيل تاريخ طويل في حوادث الاغتيالات خارج حدودها، بما في ذلك العلماء النوويون الإيرانيون والقادة العسكريون.
وفي أبريل، شنّت إيران أكبر هجوم علني على إسرائيل منذ عقود من العداء، إذ أطلقت مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار، ردًا على غارة إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق بسوريا، أسفرت عن مقتل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين، ولكن حتى استعراض القوة هذا تم إرساله مقدمًا، فقد أسقطت إسرائيل وحلفاؤها جميع الأسلحة تقريبًا، ولم تحدث أضرار تذكر.
صدمة لإيران
وصدمت عملية القتل المسؤولين الإيرانيين الذين وصفوها بأنها تجاوز للخطوط الحمراء، إذ كان ذلك خرقًا أمنيًا مهينًا لدولة حريصة على إظهار القوة، ولكنها شعرت بالإحباط منذ فترة طويلة بسبب عجزها عن منع إسرائيل من تنفيذ عمليات سريّة على أراضيها، وتفاقم الإحراج بسبب شهرة "هنية"، ووجود حلفاء آخرين، وتعرضه لهجوم في دار ضيافة شديدة الحراسة تابعة للحرس الثوري في يوم من الإجراءات الأمنية المشددة في العاصمة.
وأعرب العديد من أنصار الحكومة والمسؤولين الإيرانيين عن غضبهم إزاء الفشل في إحباط عملية الاغتيال، قائلين إن "حفنة من كبار المسؤولين الأمنيين فقط كانوا يعرفون مكان إقامة هنية"، ولجأ البعض إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليقولوا إن الأولوية الأولى لإيران يجب أن تكون ضمان سلامة كبار المسؤولين في الدولة.
إهانة للأجهزة الأمنية
وقال على رضا كاتبي جهرمي، وهو صحفي مؤيد للحكومة الإيرانية، في منشور على موقع X: "قبل الانتقام، تأكد أولًا من سلامة المرشد الأعلى"، إذ ينظر المسؤولون الإيرانيون إلى اغتيال هنية على أنه ليس مجرد قتل إسرائيلي انتهازي لأحد أعدائها، ولكنه أيضًا إهانة لأجهزتهم الأمنية التي تشير إلى أن أي شخص في إيران على أي مستوى يمكن استهدافه وقتله.
وقال محللون إن "إيران ترى أن الانتقام ضروري لمقتل هنية"، وكذلك للردع ضد إسرائيل التي تقتل أعداء أقوياء آخرين، مثل حسن نصر الله، زعيم حزب الله، أو الجنرال إسماعيل قاآني، قائد قوات القدس الذي يشرف على الجماعات المسلحة خارج إيران.