كشفت صحيفة نيويورك تايمز، أن قنبلة تم زراعتها منذ أسابيع في المبنى الذي كان يقيم فيه إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، كانت وراء مقتله رفقة حارسه الشخصي، نقًلا عن عدة مصادر إيرانية.
وحضر هنية إلى العاصمة الإيرانية في 29 يوليو الماضي للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، وأقام في دار ضيافة تحميه قوات الحرس الثوري الإيراني، الذي يعتبر جزءًا من مجمع سكني كبير يعرف باسم "نشأت" متواجد في حي راقٍ شمال طهران.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يقيم فيها هنية، بحسب المصادر التي تحدثت للصحيفة، إذ كان معتاد النزول فيه في كل مرة يأتي إلى طهران، مشيرين إلى أن القنبلة كانت مخبأة منذ أسابيع - رجحت المصادر أنها زرعت منذ قرابة شهرين- في دار الضيافة، وقبل الحادث ظهر وهو يعانق الرئيس الجديد ورفعا أيديهما معًا، مشيرين بعلامة النصر.
وفور التأكد من صعود هنية إلى غرفته، انفجرت العبوة في نحو الثانية صباحًا، وفقًا للمسؤولين، انفجرت القنبلة التي رجحوا أنها مخبأة منذ شهرين، بواسطة جهاز مفجر تم تهريبه سرًا إلى دار الضيافة، ما أدى إلى اهتزاز المبنى وتحطيم بعض النوافذ وانهيار جزء من جداره الخارجي.
وعقب الانفجار هرع موظفو المبنى إلى مكان الضجيج الذي أحدثه الانفجار، وهو ما قادهم إلى الغرفة التي كان يقيم فيها هنية مع حارس شخصي، وتم استدعاء فريق طبي إلى المكان، وأعلنوا وفاة هنية على الفور، بينما كانوا يحاولون إنعاش حارسه الشخصي دون جدوى.
وبالقرب من المكان كان زياد النخالة، زعيم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، يقيم في المنزل المجاور، إذ لم تتضرر غرفته بشكل كبير، ورجحت المصادر أن هنية فقط هو من كان مستهدفًا عبر تخطيط دقيق، مشيرين إلى أن خليل الحية، المقاوم الفلسطيني كان أول من حضر للمكان وشاهد جثة إسماعيل هنية.
ومن بين الأشخاص الذين تم إخطارهم على الفور، الجنرال إسماعيل قآني، القائد الأعلى لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري، وبدوره أبلغ المرشد الأعلى الإيراني خامنئي وأيقظه، وبعد أربع ساعات من الانفجار، أصدر الحرس الثوري بيانًا يفيد بمقتل هنية.
وبحلول السابعة صباحًا، استدعى خامنئي أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى مقره لعقد اجتماع طارئ، وأصدر أمرًا بضرب إسرائيل ردًا على ذلك، وفقًا للمسؤولين الإيرانيين، وأعلنوا أن إسرائيل كانت وراء اغتياله.
وكانت حركة حماس قد قالت إن إسماعيل هنية قد قُتل بصاروخ موجّه استهدف دار الضيافة شمالي طهران، كما رجحت العديد من التكهنات والتقارير أن العملية نفذتها طائرة بدون طيار أو أخرى حربية، على غرار الطريقة التي أطلقت بها إسرائيل صاروخًا على قاعدة عسكرية في أصفهان في أبريل، لكن يبقى التساؤل حول كيفية هروبها من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية مرة أخرى.
ولم تعترف إسرائيل علنًا بمسؤوليتها عن عملية الاغتيال، لكن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية أطلعوا الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى على تفاصيل العملية في أعقاب العملية مباشرة، وهو تقييم توصل إليه أيضًا العديد من المسؤولين الأمريكيين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
وقال المسؤولين إن القتلة استغلوا نوعًا مختلفًا من الثغرات الأمنية في المجمع الذي يفترض أنه يخضع لحراسة مشددة، ما سمح لهم زرع القنبلة وإبقائها مخفية لعدة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها، مشيرين إلى أن مثل هذا الاختراق كان بمثابة فشل ذريع للاستخبارات والأمن لإيران وسبب لها حرجًا هائلًا.
ولم يتضح كيف تم إخفاء القنبلة في دار الضيافة، وأشاروا إلى أن التخطيط للاغتيال استغرق شهورًا وتطلب مراقبة واسعة النطاق للمجمع، وأظهر التحقيق الأولي أن المتفجرات كانت موضوعة هناك قبل وقت ما في غرفة هنية، ووصفوا دقة الهجوم وتعقيده بأنه مشابه في التكتيك لنفس سلاح الروبوت، الذي استخدمته إسرائيل لاغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، عام 2020.