شن الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساء أمس الاثنين، هجومًا حادًا على المحكمة العليا، ودعا إلى إدخال إصلاحات تعيد الثقة في مؤسسات البلاد.
واعتبر بايدن خلال كلمته أثناء الاحتفال بالذكرى الستين لقانون الحقوق المدنية بولاية تكساس أن "المحكمة العليا اتخذت في السنوات الماضية قرارات متطرفة".
وقال إن "المحكمة العليا اعتمدت سابقة خطيرة بشأن الحصانة للرئيس بخصوص الجرائم التي يرتكبها خلال فترة رئاسته"، مضيفًا أن "التطرف يقوض ثقة الجمهور بالمحكمة العليا". ودعا إلى "إدخال إصلاحات تعيد الثقة بالمحكمة العليا ومؤسساتنا".
وشدد بايدن على ضرورة تحديد مدة ولاية القضاة في المحكمة العليا، وإجراء تعديل دستوري يؤكد أن "لا أحد فوق القانون".
وينص التعديل الدستوري المقترح من قبل الرئيس الأمريكي، على أن الدستور لا يمنح الحصانة من الاتهام الجنائي الفيدرالي أو المحاكمة أو الإدانة أو الحكم لرئيس سابق، وفقًا للبيت الأبيض.
ويأتي سعي بايدن لإجراء تعديل دستوري للحد من حصانة الرؤساء وبعض شاغلي المناصب الأخرى، بعد أن قضت المحكمة العليا في الأول من يوليو، بأن الرؤساء لا يمكنهم مواجهة اتهامات جنائية؛ بسبب تصرفات رسمية، وأن الأدلة على تصرفات رسمية لا يمكن استخدامها في التقاضي في الشؤون الخاصة.
ورفض القضاة، في حكم كتبه رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، بتأييد أغلبية ستة أصوات في مقابل معارضة ثلاثة أصوات، قرار محكمة أدنى درجة، رفض مطالبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالحق في الحصانة من الاتهامات الجنائية الاتحادية التي تتعلق بجهوده لإبطال خسارته في انتخابات 2020.
والأغلبية كان يمثلها القضاة المحافظون الستة، بينما عارض الحكم الأعضاء الليبراليون الثلاثة.
وأُدين ترامب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة في الخامس من نوفمبر، في 34 تهمة جنائية في 30 مايو بتزوير سجلات أعمال تجارية للتستر على دفع محاميه السابق مايكل كوهين 130 ألف دولار إلى ستورمي دانيالز ممثلة الأفلام الإباحية نظير صمتها قبل انتخابات 2016 عمّا يُقال إنها مقابلة جنسية مع ترامب.
وينفي ترامب حدوث أي مقابلة مع دانيالز، وتعهد باستئناف الحكم بإدانته. وهو أول رئيس أمريكي سابق أو حالي يُدان في جريمة.
أما الإصلاح الثاني المقترح، فيتمثل في إلغاء التعيينات مدى الحياة لأعضاء المحكمة العليا وتحديد فترات ولاية مدتها 18 عامًا بدلًا من ذلك. وبموجب خطة بايدن، سيعين الرئيس قاضيًا جديدًا كل عامين، ثم يخدم لمدة 18 عامًا.
وكتب بايدن: "إن تحديد مدة ولاية أعضاء المحكمة من شأنه أن يساعد في ضمان تغير عضوية المحكمة بشكل منتظم. وهذا من شأنه أن يجعل توقيت ترشيحات المحكمة أكثر قابلية للتنبؤ وأقل تعسفًا. كما أنه من شأنه أن يقلل من فرصة قيام أي رئاسة واحدة بتغيير جذري في تكوين المحكمة لأجيال قادمة".
والاقتراح الثالث للرئيس الأمريكي، هو وضع مدونة سلوك ملزمة للمحكمة العليا، والتي من شأنها أن تتطلب من القضاة جزئيًا الكشف عن الهدايا، والامتناع عن النشاط السياسي العام، والتنحي جانبًا عن القضايا التي يكون لديهم أو لزوجاتهم تضارب مالي أو غير ذلك من المصالح.
وتجدر الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي خضع للتعديل 27 مرة، وكان آخرها في عام 1992.
لكن من غير المرجح للغاية أن يتم تنفيذ التغييرات التي اقترحها بايدن في الأشهر المقبلة، وفق ما ذكرت شبكة "سي بي إس نيوز" الإخبارية الأمريكية، مشيرة إلى أن الانتخابات الرئاسية لم يتبق عليها سوى أقل من 100 يوم، والأهم من ذلك أن الكونجرس منقسم، في حين تتطلب خطط الرئيس لفرض حدود زمنية وقواعد سلوك موافقة تشريعية من مجلسي النواب والشيوخ.
ويسيطر الجمهوريون على مجلس النواب بفارق ضئيل، كما أدان المشرعون الجمهوريون في غرفتي الكونجرس انتقادات الديمقراطيين للمحكمة العليا، زاعمين أنها جزء من جهد لنزع الشرعية عن المحكمة العليا في أعقاب الأحكام التي لا تعجبهم.
ومن غير المرجح أن يتم تمرير التشريع الذي يحدد مدة ولاية القضاة، ويضع قواعد أخلاقية في مجلس النواب، وذلك إذا سمح زعماء الحزب الجمهوري بإجراء تصويت في مجلس النواب في المقام الأول، وهو ما لن يحدث، وفق الشبكة الأمريكية، التي نقلت ما قاله رئيس مجلس النواب مايك جونسون في بيان، أمس الاثنين، إن "خطة الرئيس ماتت منذ وصولها إلى مجلس النواب".
بالإضافة إلى ذلك، هناك عقبات كبيرة أمام تعديل الدستور. فإحدى الطرق لاقتراح تعديل دستوري، تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وأخرى من خلال عقد مؤتمر دستوري يضم ثلثي أعضاء الهيئات التشريعية للولايات. ويتطلب التصديق على التعديل موافقة ثلاثة أرباع أعضاء الهيئات التشريعية للولايات.