الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رغم بذخ الإنفاق.. أزمة مالية عميقة تضرب قلب الرئاسة الفرنسية

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حفل استقبال ملك بريطانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية عن تعرض قصر الإليزيه -مقر الرئاسة الفرنسية- لانتقادات حادة؛ بسبب إنفاقه الباذخ وعجزه المالي غير المسبوق خلال عام 2023، إذ إنه استنادًا إلى مراجعة أجرتها محكمة المحاسبات الفرنسية، سجل القصر الرئاسي عجزًا قياسيًا بلغ 8.3 مليون يورو، مع نفقات إجمالية وصلت إلى 125 مليون يورو.

هذه الأرقام المذهلة تسلط الضوء على أزمة مالية عميقة في قلب السلطة الفرنسية، وتثير تساؤلات جدية حول الإدارة المالية في عهد الرئيس، إيمانويل ماكرون.

بذخ لا يليق بأوقات التقشف

كشف تقرير "لو فيجارو" عن تفاصيل مثيرة للجدل حول تكاليف العشاءات الرسمية التي أقامها قصر الإليزيه، إذ بلغت تكلفة العشاء الذي أُقيم على شرف الملك تشارلز الثالث في قصر فرساي، مبلغًا صادمًا قدره 475 ألف يورو، وهو ما يعادل تقريبًا متوسط الدخل السنوي لـ 15 أسرة فرنسية، مما يثير استياءً شعبيًا واسعًا في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

وأضافت الصحيفة أن تكلفة هذا العشاء الواحد تفوق بكثير ميزانيات برامج اجتماعية كاملة في بعض البلديات الفرنسية، كما أشارت إلى أن استخدام مقدمي خدمات خارجيين لتنظيم الحفل وتزيين المكان ساهم في ارتفاع التكلفة بشكل كبير.

وللمقارنة، ذكر التقرير أن تكلفة عشاء رسمي أقيم داخل قصر الإليزيه نفسه، على شرف الرئيس المنغولي في أكتوبر، بلغت 63 ألف يورو فقط، مما يبرز حجم التبذير في حفل الملك تشارلز.

إنفاق بلا حدود وإلغاءات مكلفة

ووفقًا لتقرير محكمة المحاسبات، شكلت الرحلات الخارجية للرئيس ماكرون عبئًا ماليًا هائلًا على ميزانية القصر، إذ بلغت تكلفة الرحلات الخارجية، والتي قدر عددها بنحو 40 رحلة، ما يقرب من 19 مليون يورو، وهو ما يعادل تقريبًا ميزانية سنوية كاملة لبلدية فرنسية متوسطة الحجم.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة، كما أوضحت الصحيفة، أن إلغاء 12 رحلة فقط تسبب في خسائر بلغت 832 ألف يورو.

هذه الخسائر نتجت عن عدم القدرة على استرداد تكاليف النقل والإقامة المحجوزة مسبقًا، وأشار التقرير إلى أن هذه الإلغاءات تعكس "عدم تنظيم" و"نقصًا في التخطيط المسبق" في إدارة الأنشطة الرئاسية.

وأضافت لو فيجارو أن محكمة المحاسبات انتقدت بشدة ما وصفته بـ "تعدد التغييرات في اللحظة الأخيرة" في جدول أعمال الرئيس.

هذه التغييرات المفاجئة، حسب الصحيفة، لا تؤدي فقط إلى زيادة التكاليف، بل تعكس أيضًا سوء إدارة وعدم كفاءة في تنظيم الأنشطة الرئاسية.

تنظيم متعثر

سلط تقرير لو فيجارو الضوء على ما وصفته محكمة المحاسبات بـ "مشاكل في التنظيم الداخلي" لقصر الإليزيه، إذ أشارت المحكمة إلى أن "التقلبات في جدول أعمال الرئيس، وإن كانت حتمية إلى حد ما، إلا أن تحسين عملية اتخاذ القرارات المسبقة يعد محورًا رئيسيًا للتحسين".

وأضافت الصحيفة أن المحكمة دعت إلى "جهود كبيرة" لاستعادة التوازن المالي للقصر الرئاسي.

هذه الدعوة تأتي في ظل ما وصفته الصحيفة بـ "واقع مالي جديد" للقصر، إذ تم طلب زيادة كبيرة في الميزانية، تصل إلى 12 مليون يورو لعام 2024، مما يؤكد استمرار نمط الإنفاق المرتفع.

وأشار التقرير إلى أن هذه الزيادة في الإنفاق لا يمكن تبريرها بالتضخم وحده، مما يثير تساؤلات حول كفاءة الإدارة المالية في أعلى مستويات الدولة الفرنسية.

السيدة الأولى

في وسط هذا الإنفاق المتصاعد، أشارت "لو فيجارو" إلى أن ميزانية السيدة الأولى، بريجيت ماكرون، ظلت مستقرة نسبيًا، إذ بلغت نفقات أنشطتها 309,484 يورو في عام 2023، وهو ما يمثل 0.25% فقط من إجمالي ميزانية الرئاسة.

وأوضحت الصحيفة أن أنشطة السيدة الأولى تركزت بشكل رئيسي على قضايا حماية الطفولة ومكافحة التنمر الإلكتروني والمستشفيات وصناعة الأزياء، كما أشار التقرير إلى انخفاض في عدد الرسائل الواردة إلى مكتب السيدة الأولى؛ مما أدى إلى تخفيض عدد الموظفين المكلفين بفتح البريد من ستة إلى أربعة أشخاص.

رغم هذا الاستقرار النسبي في ميزانية السيدة الأولى، إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن هذا لا يخفف من حدة الأزمة المالية العامة التي يواجهها قصر الإليزيه.