حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الأحد، من خطورة التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، إذ تشتد حدة القتال على طول الحدود بينهما، ما يدفع الجانبين إلى حرب شاملة واسعة النطاق.
وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن منذ ساعات أنه ضرب سلسلة من أهداف حزب الله في عمق لبنان، بعد الهجوم الصاروخ الذي استهدف قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان السوري المحتل، وأسفر عن مقتل 12 شخصا، وإصابة 30 آخرين.
وبينما اتهمت إسرائيل حزب الله بالوقوف وراء الضربة الصاروخية على مجدل شمس، نفت الأخير مسؤوليته عن الهجوم.
ومنذ 8 أكتوبر الماضي، يتبادل جيش الاحتلال وحزب الله القصف الصاروخي والمدفعي عبر الحدود بين جنوب لبنان والمستوطنات الشمالية.
وأسفر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله منذ الثامن من أكتوبر الماضي، عن مقتل 469 شخصًا على الأقل في لبنان، بينهم 307 على الأقل من حزب الله و90 مدنيًا، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى بيانات حزب الله ومصادر رسمية لبنانية. بينما أعلنت إسرائيل من جهتها مقتل 15 عسكريًا و11 مدنيًا.
وكان منْعُ نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله هدفًا رئيسيًا لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في جهودها لمنع القتال في غزة من التوسع إلى صراع إقليمي أوسع، لكن الهجوم الصاروخي على مجدل شمس، أثار المخاوف من نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله، خصوصًا مع التهديدات الصادرة عن مسؤولي الاحتلال، باجتياح جنوب لبنان.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن حادث مجدل شمس، من المرجح أن يؤجج الصراع القائم منذ تسعة أشهر على الحدود الشمالية، مشيرة إلى أن "هذا الحادث المأساوي يقرب المنطقة من شفا مواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله".
ونقل موقع "أكسيوس" الإخباري عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة بايدن "تشعر بقلق عميق من أن يؤدي هجوم مجدل شمس لحرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، وقد يكون الشرارة التي كنا نخشاها ونحاول تجنبها منذ 10 أشهر".
وتتزايد المخاوف من نشوب حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله"، والتي رجحت تقارير سابقة أن تنطوي المواجهة المحتملة بين الجانبين على تداعيات كارثية.
ونقلت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، عن مسؤول أمريكي كبير، أن تداعيات حرب أوسع نطاقًا بين إسرائيل وحزب الله قد تكون مدمرة، مشيرًا إلى أن حزب الله يمتلك ترسانة من الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار (المُسيّرة) أكبر بكثير وأكثر تطورًا وقدرة تدميرية من حماس، معظمها صواريخ قصيرة المدى، ولكن بعضها يمكن أن يصل إلى عمق إسرائيل بقدرات دقيقة.
ويقدر جيش الاحتلال أن حزب الله لديه ما يقرب من 150 ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك الآلاف من الذخائر الدقيقة.
وكانت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، نشرت تقريرًا مطلع يوليو الجاري، يتناول سيناريو محتملًا لما ستكون عليه الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
ويرجح التقرير أن الحرب -في حال اندلاعها- ستتميز بهجمات مكثفة بواسطة طائرات مُسيّرة مفخخة وانقطاع دائم للتيار الكهربائي وأكبر وابل صاروخي في التاريخ.
ويشير التقرير إلى أنه في حال قررت إسرائيل شنَّ حرب تستهدف إضعاف حزب الله ودفعه نحو الشمال، فقد ينطوي ذلك على غزو بري محدود لجنوب لبنان، وهي المنطقة التي احتلتها القوات الإسرائيلية حتى عام 2000.
يذكر أنه في عام 1982، اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان، وحاصرت بيروت لطرد منظمة التحرير الفلسطينية التي تزعمها الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكن رحيل المسلحين الفلسطينيين أدى إلى ظهور خصم آخر لإسرائيل، وهو حزب الله.
وفي عام 2006، خاضت إسرائيل وحزب الله، حربًا استمرت 33 يومًا، استخدم فيها الحزب مئات الأسلحة المضادة للدبابات لصد هجمات المدرعات الإسرائيلية، كما هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية نحو 100 هدف يوميًا، واليوم يشير التقرير إلى أن "القادة العسكريين الإسرائيليين يتباهون بأنهم يستطيعون إصابة أكثر من 3000 هدف في اليوم".
وفي عام 2006، كان لدى حزب الله نحو 15 ألف صاروخ وقذيفة، غالبيتها العظمى كانت غير موجهة ومداها أقل من 20 كيلومترًا، ما يعني أنها لم تكن قادرة على الوصول لمدينة حيفا شمالي إسرائيل.
وأطلق الحزب نحو 120 صاروخًا يوميًا في تلك الحرب، ما أسفر عن مقتل 53 إسرائيليًا وإصابة 250 وإلحاق أضرار بـ2000 مبنى.
ويرجح التقرير أن تكون الحرب القادمة أكثر شدة بكثير، على اعتبار أن حزب الله يمتلك الآن أكثر من 120 ألف صاروخ وقذيفة، والعديد منها قادر على الوصول إلى تل أبيب، وأبعد من ذلك وبتوجيه دقيق.
ويضيف التقرير أن حزب الله قد يطلق ما بين 2500 إلى 3000 صاروخ يوميًا، أي 25 ضعف معدل عام 2006، لمدة ثلاثة أسابيع متتالية.
ويؤكد التقرير أن ذلك وفي حال حصوله، "سيكون أكبر وابل صاروخي مستدام في التاريخ"، مما يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في الأرواح.
ومن المرجح أيضًا أن يقوم حزب الله باستهداف محطات الطاقة الكهربائية الإسرائيلية، الأمر الذي سيستدعي ردًا مماثلًا وربما أكبر من جانب إسرائيل، وهو ما يعني غرق الكثيرين بالظلام في البلدين.
وفي يونيو الماضي، سلط تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الضوء على السيناريوهات المحتملة للحرب بين إسرائيل و"حزب الله"، ولفت إلى تقديرات مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، امتلاك "حزب الله" لنحو 130 ألف صاروخ وقذيفة، قادرة على إرباك أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وضرب أكبر مدنها.
ولفتت المجلة إلى تقديرات مروعة لما يمكن أن يفعله حزب الله بإسرائيل خلال ثلاثة أيام، من حيث تدمير البنية التحتية الأساسية ومصافي النفط والقواعد الجوية وموقع ديمونة النووي.
ونقلت "فورين بوليسي" عن جوناثان شانزر، نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن "خطة إسرائيل سيكون هدفها تدمير كل مظاهر وجود حزب الله في لبنان، الأمر الذي سيترتب عليه أضرار كبيرة.
ويعمل "حزب الله" على تخزين ذخائر وصواريخ موجهة بدقة منذ سنوات، وهو ما أثار مخاوف إسرائيل مرارًا وتكرارًا، وفق "سي. إن. إن".
ونقلت "سي. إن. إن" عن مصدر مطلع على التهديد، أن مصدر القلق الرئيسي هو استخدام حزب الله لعدد كبير من الذخائر والصواريخ الموجهة بدقة.
وفى يونيو الماضي، نشرت شبكة" سي إن بي سي نيوز" الأمريكية، تقريرًا حذرت فيه أن الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله ستكون مدمرة للجانبين.
ونقلت الشبكة عن فيكتور تريكود، المحلل البارز في شركة الاستشارات "كونترول ريسكس"، إن اندلاع حرب كاملة بين إسرائيل وحزب الله سيكون حدثًا كارثيًا، بما في ذلك إسرائيل ولبنان.
ويصف "تريكود" غزوًا بريًا واسع النطاق وحملة قصف جوي ضد لبنان من إسرائيل، وقصفًا عنيفًا من قبل حزب الله، مع ضربات مباشرة منتظمة للبنية التحتية المدنية الإسرائيلية، وربما حتى التورط المباشر لإيران، مما سيكون له آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي.
ويرى "تريكود" أن صراعًا بهذا الحجم من شأنه أن يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية لإسرائيل ولبنان، مثل المياه والكهرباء والاتصالات، أو تدميرها إلى جانب المنازل والأهداف العسكرية.