كشف مسعفون أمريكيون، أطباء وممرضات، أن العدد الحقيقي للشهداء في غزة، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي، أعلى بكثير مما ورد في التقارير السابقة، وطالبوا الولايات المتحدة بسحب الدعم الدبلوماسي والعسكري للاحتلال، حتى يتم وقف إطلاق النار، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وفي الرسالة المكونة من ثماني صفحات، والموجهة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن وزوجته جيل ونائبته كامالا هاريس، قال المسعفون إنهم رأوا أدلة على انتهاكات واسعة النطاق للقوانين التي تحكم استخدام الأسلحة الأمريكية الموردة لإسرائيل، والقانون الإنساني الدولي.
وحملت الرسالة توقيع خمسة وأربعين جراحًا وطبيبًا في غرف الطوارئ وممرضًا تطوعوا في العديد من مستشفيات غزة خلال الأشهر الأخيرة، ووصفوا "الخسائر البشرية الهائلة الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على غزة، وخاصة الخسائر التي لحقت بالنساء والأطفال".
وكتب الموقعون في رسالتهم: "لا يمكننا أن ننسى مشاهد القسوة الفظيعة الموجهة ضد النساء والأطفال والتي شهدناها بأنفسنا".
وعالج كل من وقع على هذه الرسالة أطفالاً في غزة تعرضوا للعنف الموجه إليهم عمدًا، وقالوا في الرسالة: "عالج كل واحد منا يوميًا أطفالاً أصيبوا برصاصة في الرأس".
ونقلت "الجارديان" عن العديد من الموقعين على الرسالة، إنهم يعتقدون أن القناصة الإسرائيليين يستهدفون الأطفال، وتحدثوا عن التأثير المدمر على المدنيين للأسلحة المصممة لرش مستويات عالية من الشظايا.
وقال المسعفون، الذين تطوعوا مع منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى، للرئيس الأمريكي، إن عدد الشهداء الحقيقي أعلى بكثير من الرقم الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، والذي بلغ أكثر من 39 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأضافوا أنه من المرجح أن يكون عدد الشهداء نتيجة لهذا الصراع أكبر بالفعل من 92 ألف شخص، وهو ما يمثل 4.2% من سكان غزة، وهو رقم مذهل.
وتابع المسعفون، أنه لم ينجُ أحد تقريبًا في غزة من عواقب الهجوم الإسرائيلي. "وباستثناءات طفيفة، فإن الجميع في غزة مرضى أو مصابون أو كليهما.
وحذرت الرسالة من أن "الأوبئة تنتشر في غزة" ووصفت تهجير إسرائيل المتكرر للسكان المدنيين الذين يعانون من سوء التغذية والمرضى إلى مناطق بدون مياه جارية ومراحيض بأنه "مروع تمامًا".
وقال الموقعون على الرسالة، إن "الكارثة" في غزة تتطلب من الولايات المتحدة سحب دعمها المادي لإسرائيل. وكتب الأطباء في رسالتهم: "الرئيس بايدن ونائبة الرئيس هاريس، أي حل لهذه المشكلة يجب أن يبدأ بوقف إطلاق نار فوري ودائم. نحثكما على حجب الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي عن دولة إسرائيل والمشاركة في حظر الأسلحة الدولي لكل من إسرائيل، حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وحتى تؤدي المفاوضات بحسن نية بين إسرائيل والفلسطينيين إلى حل دائم للصراع".
وتتضمن الرسالة تفاصيل التجارب الفردية لبعض الموقعين، بما في ذلك الجراحون وأطباء الأطفال وممرضو الصدمات وأطباء التخدير.
وكتب مارك بيرلموتر جراح العظام: "كانت غزة هي المرة الأولى التي أمسك فيها دماغ طفل بين يدي. وكانت الأولى من بين العديد من المرات".
وقالت فيروز سيدهوا، وهي جراحة متخصصة في الصدمات والعناية الحرجة، إنها "لم تر قط إصابات مروعة كهذه، على هذا النطاق الهائل، مع قلة الموارد".
ووصفت أسماء طه، ممرضة الأطفال، تحديات رعاية الأمومة، وقالت في الرسالة" كل يوم كنت أرى أطفالاً يموتون. لقد ولدوا بصحة جيدة. كانت أمهاتهم يعانين من سوء التغذية لدرجة أنهم لم يتمكنوا من إرضاعهم طبيعيًا، وكان ينقصنا الحليب الصناعي أو المياه النظيفة لإطعامهم، لذلك كانوا يموتون من الجوع".
وقال الأطباء إن الذين عملوا مع النساء الحوامل، أنهم رأوا بانتظام حالات ولادة جنين ميت ووفيات الأمهات، والتي كان من الممكن منعها بسهولة في الظروف العادية.
وكانت النساء يخضعن لعمليات ولادة قيصرية بدون تخدير، ولم يتم إعطاؤهن سوى عقار "تايلينول" بعد ذلك لأنه لم تكن هناك أي مسكنات أخرى متاحة"، كما كتبوا.
وجاء في الرسالة أن "إسرائيل استهدفت بشكل مباشر ودمرت عمدًا نظام الرعاية الصحية بأكمله في غزة".