قال الدكتور أسامة شعث، السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، إن قرار محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، هو انتصار للعدالة الدولية، وتأكيد للحق القانوني للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وتقرير مصيره السياسي على أرضه.
وأكدت محكمة العدل الدولية، أمس الجمعة، أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية، واستغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتهك القانون الدولي، مضيفةً أنه يمكن للمحكمة إبداء الرأي بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
وشددت المحكمة، في الرأي الاستشاري الذي أصدرته حول التداعيات القضائية للممارسات الإسرائيلية وانعكاسها على الأراضي المحتلة، على أنه يتوجب على إسرائيل وقف الاحتلال، وإنهاء وجودها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أقرب وقت.
وقال "شعث" لموقع "القاهرة الإخبارية": "رغم أن هذا القرار استشاري أي غير ملزم، فإنه ضرب الاحتلال والاستيطان في مقتل، وأكد عدم شرعيته وعدم قانونية كل الإجراءات والأعمال العدوانية التي يمارسها، بما فيها مصادرة الأرض والاستيطان والضم والقوانين الإسرائيلية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني".
وأوضح الخبير الفلسطيني، أن قرار محكمة العدل الدولية "واضح ولا لبس ولا غموض فيه"، ويؤكد أنه حتى اتفاقية أوسلو 1993 غير المتكافئة بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، لن تعلو على القانون الدولي ولن تُلغي اتفاقية جنيف الموقعة 1949.
واعتبر "شعث" القرار تأكيدًا للحق السياسي والقانوني الفلسطيني في مواجهة العجرفة والعربدة والهمجية العنصرية للاحتلال الإسرائيلي بعدما واصلت حكومات الاحتلال المتعاقبة عمليات الاستيطان والعدوان والمصادرة والهدم والتهويد في الأراضي المحتلة، وهي جريمة محرمة في القانون الدولي، استنادًا إلى اتفاقية جنيف الرابعة الموقعة عام 1949.
وأكمل أستاذ العلاقات الدولية: "صحيح أن القرار غير ملزم، إلا أنه ذو أهمية كبيرة لإثبات الحق الفلسطيني، إذ يؤكد أن الاحتلال مهما طال فهو غير قانوني وغير شرعي، وكذلك يفضح الاحتلال بأنه دولة مارقة تنتهك القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ولا تلتزم بها.
وتابع: "كذلك يعد القرار دعوة لكل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذه، بما في ذلك مقاطعة المستوطنات وكل الأعمال التجارية والصناعية في تلك المناطق المحتلة، وعدم نقل السفارات والبعثات الأجنبية للقدس المحتلة.
ولفت "شعث"، إلى أن القرار يكشف حقيقة الدول التي تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي لا تزال الحليفة والداعمة للاحتلال ويضعها في أزمة أخلاقية بين التزامها بإنفاذ القانون الدولي واستمرارها بدعم هذا الاحتلال.
وعن الخطوات التالية بعد هذا القرار، قال الخبير الفلسطيني إن "الصراع القانوني والدبلوماسي الفلسطيني لا يقل أهمية عن الميدان، بل إنه أهم بالنسبة لنا من المقاومة المسلحة لأنها غير متكافئة على أي مقياس، لذلك بالتأكيد، القيادة الفلسطينية -وبدعم الحلفاء والعرب وأنصار العدالة الدولية- لن تبرح ولن تتوقف وستواصل حراكها الدولي لفضح وعزل الاحتلال وفرض المقاطعة الشاملة كليًا على المستوى الدولي والدبلوماسي والاقتصادي والأكاديمي".
وقالت محكمة العدل الدولية، في بيانها، إن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحاجة إلى النظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات في ضوء رأيها الاستشاري من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي.
واستبعد الموقع الأمريكي، أن تؤدي هذه الأحكام إلى تغيير في سياسة الحكومة الإسرائيلية، التي تضم مناصرين بارزين لتوسيع المستوطنات، وأشار إلى أنه سرعان ما أصدر عضوان من اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو بيانات بعد الحكم يدعوان إلى الضم الكامل للضفة الغربية.
وتعليقًا على هذا، طالب "شعث" بحشد الجهود الدبلوماسية العربية والدولية لإصدار قرار ملزم يدعو الدول الأعضاء وكل الهيئات والمنظمات المتخصصة بالأمم المتحدة بفرض المقاطعة الدولية الشاملة على الاحتلال، إلى حين انصياعه للقانون الدولي، وإجباره على الاعتراف الكامل بالحقوق السياسية والقانونية للشعب الفلسطيني.